منشور
الثلاثاء 15 أغسطس 2023
- آخر تحديث
الثلاثاء 15 أغسطس 2023
انتهى تقرير أصدرته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والاجتماعية، أمس الاثنين، حول الأحداث التي شهدتها مصر خلال الفترة بين يونيو/حزيران 2013 إلى يونيو 2014، وما تخللها من فض اعتصامي رابعة والنهضة، ومسيرات مليونية والإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، إلى أنه "كان بالإمكان إنهاء تجمع رابعة دون أن تسال كل هذه الدماء"، في وقت قال مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والاجتماعية حسام بهجت، للمنصة، إن "المؤسف أن الحصانة والافلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة ملمح عام في مصر".
وأضاف بهجت أن هذا الملمح "لا يقتصر على مذبحة رابعة؛ إن كانت أكثر الامثلة فجاجة على طمس الحقيقة ومنع المساءلة، بل وعقاب من لم يُقتل من المعتصمين بالسجن وأحكام الإعدام"، مشددًا على أنهم سيستمرون في التوثيق، قائلًا "لم ولن نتوقف عن العمل على توثيق وفضح الانتهاكات وتحديد المتهمين والضغط لمساءلتهم حتى لو استغرق ذلك وقتا طويلا". واستند بهجت في ذلك إلى تجارب "مناطق أخرى من العالم تحررت من الديكتاتورية العسكرية وأطلقت مسارات متوازية للمحاسبة والمصالحة".
وتناول تقرير المبادرة المعنون بـ "طمس الحقائق"، ما ذكرته الأوراق الرسمية حول عملية فض اعتصام رابعة، من أنها أفضت إلى مقتل أكثر من 600 من المتعصمين في منطقة رابعة بمدينة نصر، مقابل مقتل 8 من أفراد الأمن حسب التقديرات الرسمية، فيما تقدر منظمة هيومن رايتس ووتش أعداد القتلى من المدنيين بما يتراوح بين 800 إلى 1000 شخص.
ويكشف تقرير المبادرة، أنه في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، استقبل رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، اللجنة القومية المستقلة لجمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق في الأحداث التي واكبت ثورة 30 يونيو وما أعقبها من أحداث، والتي كانت فترة عملها انقضت قبلها بيومين بعدما قضت عامًا كاملًا توثق وقائع العنف الرسمي والأهلي على مدار الفترة التي بدأت بخروج مسيرات مليونية للمطالبة بعزل الرئيس السابق محمد مرسي في يونيو 2013، وحتى تنصيب السيسي رئيسًا في يونيو 2014.
تلك اللجنة المشكلة بقرار جمهوري، لم تنشر تقريرها النهائي رغم مرور 10 أعوام، لكنها اكتفت بملخص من 57 صفحة فقط، من بينها 7 صفحات عن حول فض اعتصام رابعة، بحسب تقرير المبادرة.
ويوضح تقرير المبادرة، أن اللجنة قدرت حجم اعتصام رابعة بنحو 100 ألف متظاهر، فيما قدرته منظمة هيومن رايس ووتش بحوالي 85 ألف متظاهر، مقارنة بإعلان هيئة المساحة أن عدد المعتصمين 180 ألف، وهذا يتجاوز ما أعلنه وزير الداخلية محمد إبراهيم حينها، الذي قدر عدد المعتصمين بحوالي 20 ألف فقط.
وعلق "سواء كان عدد المعتصمين يوم الفض، 180 ألف حسب هيئة المساحة، أو 20 ألف حسب وزير الداخلية، فإن النسبة الأغلب من 90% من القتلى والمصابين قد سقطوا بنوعية سلاح توافرت منه تسع قطع بين المعتصمين، بينما حملته كافة الوحدات القتالية لقوات العمليات الخاصة المشاركة في الفض".
كما يُشير تقرير المبادرة إلى أن العدد الأكبر من ضحايا رابعة كانوا من المدنيين الأبرياء الذي كانوا على الأرجح المتظاهرين السلميين، أما من حملوا السلاح وروعوا المواطنين فقد تمكنوا من الهروب من ميدان رابعة.
ووثق تقرير لجنة تقصي الحقائق، أن المسؤولين عن وضع خطة الفض ناقشوا قبل الشروع في العملية، بدائل أخرى لفضه دون اللجوء لاستخدام القوة، والتي كان من شأنها تقليل عدد المعتصمين ومنع سقوط هذا العدد الهائل من القتلى، لكنهم تراجعوا واختاروا فض التجمع في وقت قصير بكلفة بشرية أعلى وعلى أساس حجج واهية، بحسب المبادرة.
ويكشف التقرير استبعاد وزارة الداخلية بدائل لفض رابعة، مثل قطع المياه والكهرباء وفتح الصرف الصحي على منطقة التجمع لإجبار المتجمعين على إخلاء وفض التجمع، وهو ما تم التراجع عنه لما له من أثر على المواطنين المقيمين بالمنطقة وزيادة معاناتهم والمتمثلة في وجود التجمع ذاته.
كما تم مناقشة بديل آخر تمثل في محاصرة التجمع من الخارج ومنع وصول المؤن الغذائية، وكذا منع دخول أفراد جدد إلى منطقة التجمع والسماح بالخروج منه فقط إلا لقاطني المنطقة، إلا أن ذلك البديل قد تم استبعاده لما له من أثر على سكان المنطقة في منع وصول ذويهم والمواد الغذائية إليهم، بحسب تقرير المبادرة.
ويُظهر التقرير، أن عملية تخصيص وتأمين ممر آمن لخروج المعتصمين الراغبين في المغادرة الطوعية قد فشلت سواء على مستوى التخطيط أو على مستوى التطبيق العملي، رغم دراسة القائمين على الخطة للسيناريوهات المتوقعة، وأن الممر لم يكن مفتوحًا ولا آمنًا لخروج المعتصمين على مدار أغلب اليوم، على الأقل من الساعة 7:45 صباحًا وحتى الثالثة مساءً، وهي الساعات التي شهدت سقوط معظم القتلى من المعتصمين.
وانتهى التقرير بالمطالبة بإعادة فتح تحقيق في فض اعتصام رابعة بواسطة لجنة مشكلة من قضاة تحقيق تأمر باستدعاء الشهود ممن عاصروا هذه الأحداث ومن المسؤولين، حتى يقف الجمهور على الحقيقة، وحفاظًا على وحدة الوطن، وعدم تحول هذا الانقسام السياسي إلى انقسام مجتمعي ينذر بالخطر على وحدة الدولة.
من جانبه، لم يبد مدير المبادرة تفاؤلًا بتراجع السلطات المصرية الحالية عما وصفوه بنهج الطمس فيما يخص ملف رابعة، قائلًا "لا يوجد ما يدعو للتفاؤل اليوم بشأن تغيير مسار انطلق واستمر على مدار عشر سنوات".