منشور
الخميس 10 أغسطس 2023
- آخر تحديث
الخميس 10 أغسطس 2023
بعد أيام من افتتاح مسجد السيدة نفيسة بعد تطويره بتمويل مالي من طائفة البهرة، وإشراف من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، اعترض عدد من الباحثين الآثاريين على الترميم، معتبرين أن ما حدث يعدّ تشويهًا للأثر وتغييرًا في الطابع والطراز المعماري للمسجد.
وافتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي بصحبة سلطان طائفة البهرة بالهند مُفضل سيف الدين، الثلاثاء، مسجد السيدة نفيسة بعد ترميمه، ضمن مشروع ترميم مساجد آل البيت.
وعددّت الباحثة الآثارية بمتحف فيكتوريا وألبرت في العاصمة البريطانية لندن أمنية عبد البر، أوجه التعدّي على أثرية المسجد، بإزالة باب الضريح الفضي، والنجف التركي، ورنك الخديوي عباس حلمي الثاني، ومحو نص تجديد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، كما تم استبدال المقصورة القديمة للمسجد.
وتُضيف للمنصة، أن النوافذ الجصية تمت تغطيتها بالرخام، واستُبدلت بكل العناصر الزخرفية والكتابات تصميمًا "غريبًا لا يمت بصلة لطراز العمارة الإسلامية التي تخضع لأسس معروفة في التصميم".
فيما يفرق أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة مختار الكسباني، بين الترميم والتطوير، ذلك أن الترميم يعني معالجة التلف والأجزاء المهترئة دون الإخلال بالهوية التاريخية للأثر، أما التطوير فهو عملية هندسية قد تُنفذ لمبنى، لكن لاتتم على أثر لأنها تُغير من هويته الأصلية.
ويُضيف للمنصة، أن البُهرة لديهم تاريخ طويل مع تطوير الآثار في مصر خاصة تلك المنتمية لآل البيت والعصر الفاطمي، و"يجب أن نشكرهم على ذلك، خاصة وأن ترميم الآثار بشكل عام يفوق قدرة الدولة المالية حاليًا أو سابقًا".
إلى ذلك، تُكمل الباحثة أمنية عبد البر، "بناء على معلوماتي كانت حالة المسجد جيدة، فقط كان يحتاج للقليل من التنظيف ولم تكن به مشاكل تستدعي التدخل لترميمه"، معتبرة أن مشروع الترميم تسبب في طمس معالم المقام ومحو الهوية المصرية.
كذلك إزالة كل أسماء حكام مصر الذين ساهموا في تجديد الضريح على مدار تاريخه، والاسم الموجود حاليًا هو اسم رئيس طائفة البهرة على المقصورة الرئيسية، بحسب عبد البر.
ويتفق مصدر مسؤول بوزارة الآثار مطلع على ملف الآثار الإسلامية، مع رؤية عبد البر، في أن ترميم مسجد السيدة نفيسة، أخفى الطابع المصري الفاطمي وساد الطابع العراقي مثلما حدث بمسجد الحسين، مضيفًا أن وزارة الآثار تهتم فقط بالمساجد المُسجلة كآثار، لكن وزارة الأوقاف لا تفعل الشيء نفسه.
ويضيف للمنصة، أن ما تم تغييره في المسجد ليس أثرًا، لكن كان على منفذي الترميم أن يعلموا أنهم بمصر فيتم الترميم وفقًا للطراز المملوكي، مثلما فعل الخديوي عباس حلمي الثاني بلجنة حفظ الآثار العربية منذ 120 عاماً عند ترميم ذات المسجد.
ويكشف المصدر الذي رفض الكشف عن هويته لأسباب وظيفية، أن "الكارثة أيضًا في اختفاء رنك الخديوي عباس حلمى الذي كان موجودًا أعلى ضريح السيدة نفيسة، ومدون عليه اسمه وتاريخ الترميم، بجانب وضع اسبوتات إضاءة، وهذه كارثة وتشوه".
لكن رئيس قطاع الآثار الإسلامية بوزارة الآثار أبو بكر عبد الله، ينفي حدوث أي تشوهات بمسجد السيدة نفيسة.
ويقول للمنصة أن "الأعمال تمت بإشراف هندسي وأثري من قبل وزارة السياحة والآثار، وطائفة البهرة لا يمكن أن تزود حرفًا أو تمحو آخر دون الرجوع للوزارة".
وترى عبد البر أنه على "مدار العصور اهتم حكام مصر بمقام السيدة نفيسة، وجدده الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، والسلطان المملوكي المنصور قلاوون الذي أضاف مسجدًا لضريح السيدة نفيسة، وكان الخلفاء العباسيين في عصر المماليك مشرفون على الضريح".
وفي عام 1892، وقع حريق في مسجد السيدة نفيسة، ومن ثم أعيِد بناء المسجد والضريح بأمر من الخديوي عباس حلمي الثاني، وبالتالي فالمسجد الحالي بعمارته يعود لتلك الفترة التاريخية المستوحاة من العمارة المملوكية، بحسب عبد البر.
وتُكمل عبد البر، أن "الشكل العام لمقام السيدة نفيسة كان هادئ وكنت تصل إليه من ممر لتجد باب فضي يفتح على القبة والتي كانت تحتوي على كتابات بسيطة وقليلة وزخارف أنيقة تستخدم فيها إضاءة خضراء خافتة ترمز للنبي محمد وقبته الخضراء بالمدينة، وفي عهد الرئيس السادات أضِيفت بعض قطع الرخام التي تحتوي على نص باسم الرئيس وتاريخ تنفيذ الأعمال سنة 1972".