اجتمع رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، اليوم الأربعاء، مع أعضاء فريق إعداد الرؤية المقترحة لتطوير منطقة جنوب القاهرة التاريخية، المشكلة بتوجيه من الرئيس عبد الفتاح السيسي، عقب الجدل الذي تصاعد بسبب أعمال الهدم لمقابر وأحواش الإمام الشافعي والسيدة نفيسة، في وقت أشاد أساتذة عمران وخبراء تراث، في حديثهم للمنصة، بما جاء في البيان مؤكدين أنه "انتصار للحق"، ويشير إلى وقف عمليات هدم المقابر.
وأكد مدبولي، بحسب بيان مجلس الوزراء، اهتمام الدولة بتطوير هذه المنطقة، والحرص على أن يحافظ مخطط التطوير على الطابع المميز لتراثها.
ونقل البيان عن وزير التعليم العالي والبحث العلمي رئيس فريق إعداد الرؤية الدكتور أيمن عاشور، قوله إن "السياسات المقترحة تتضمن وضع مخطط تطوير لدعم حركة السياحة، مع إيجاد شبكة محاور خضراء تعمل على إحياء المناطق التراثية، وربط المزارات والمسارات السياحية والمقابر التاريخية".
من جانبها، قالت أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، سهير حواس إن البيان يبدو إيجابيًا، ويشير إلى استمرار الجبانات كما هي، ووقف عمليات الهدم التي كانت بدأت بالفعل، مشيرة، في حديث مع المنصة إلى أن البيان يؤكد أن الاعتراضات على المشروع كانت بهدف الصالح العام، وأنها مبنية على "أسس علمية".
واتفق مع هذا الرأي كلًا من الباحث المستقل المهتم بالتراث والآثار وخصوصا المقابر الأثرية الدكتور مصطفى الصادق، واستشاري الحفاظ على التراث الثقافي وعضو لجنة التراث بالاتحاد الدولي للمعماريين طارق المري، إذ وصف الأول مضمون البيان بأنه "إيجابي" لكن الجميع ينتظر تنفيذه، وأشار في حديث مع المنصة إلى أن "ما جاء في البيان يؤكد أن اللجنة لديها أمانة علمية، وقالت نفس ما كنا نقوله خلال الفترة الماضية".
بينما اعتبر المري البيان إشارة إلى استمرار وجود الجبانات التاريخية كما هي الآن، ووقف أعمال الهدم، وقال للمنصة إن اللجنة دورها توقف عند تقديم المقترحات، وبقي أن يرفع رئيس الوزراء التوصيات إلى رئيس الجمهورية لاتخاذ القرار.
ونوه المري إلى أن المنطقة، بحسب البيان، قد تصبح مزارًا سياحيًا، ومصدرًا مهمًا للعملة الصعبة. وأضاف أن البيان طرح حلولًا فنية للمشاكل التي تعاني منها المنطقة مثل مشكلة المياه الجوفية.
وكان البيان أشار إلى أن المنطقة تتميز بالتفرد التراثي والتاريخي، "حيث تضم القاهرة التاريخية المسجلة على قائمة مواقع التراث العالمي بمنظمة اليونسكو، إلى جانب منطقة مزارات آل البيت، ومنطقة حدائق الفسطاط، وجامع عمرو بن العاص، ومجمع الأديان، بالإضافة إلى منطقة المقابر التراثية والتاريخية، وبها عدد كبير من المباني ذات الطرز المعمارية العريقة، والقيمة التاريخية الكبيرة، وتم استعراض المسارات السياحية الحالية بين تلك المقاصد المتنوعة والفريدة".
وأضاف البيان أن الرؤية المقترحة تشمل "الارتقاء العمراني بالمناطق السكنية المتداخلة مع تحسين اتصالها بمحاور الحركة الخارجية مثل الأوتوستراد، وكذا التعامل مع مشكلة المياه الأرضية بتخفيضها بالطرق الهندسية المعروفة مع إمكانية استغلالها كمناطق خضراء وأنشطة تتكامل مع حدائق الفسطاط".
وأكد البيان أن "تلك السياسات المقترحة تسعى لتحقيق الاستفادة من محاور الحركة المقامة حديثًا، في تخفيف حركة المرور العابر، وحل المشاكل المرورية بالمنطقة التاريخية، مع توفير أنشطة خدمية لتدعيم الرحلة السياحية وتوفير بعض الفرص الاستثمارية للمنطقة".
وأشار الصادق إلى أنه فيما يبدو أن اللجنة أكدت للحكومة أن المشروع الذي كان مقرر الاستمرار به "غير مجدي"، وبالتالي يجب التوقف فورًا عن تنفيذه، وأن "هذا للمصلحة العامة، لأن الاستمرار به خسارة للدولة".
وأوضح أن عدم ذكر مقبرة الخالدين في البيان، يشير إلى أنه قد يتم التراجع عن نقل رفات الشخصيات المهمة في التاريخ المصري من مكانها الحالي، كما كان مخططًا. وكان الرئيس وجه بإنشاء مقبرة الخالدين في يونيو/حزيران الماضي.
واتفق معه المري في نفس الرأي، معتبرًا أن البيان يعني أن المقابر المدفون بها شخصيات مهمة ستبقى كما هي ولم تنقل إلى مكان آخر.