انتهت تحقيقات جيش الاحتلال الإسرائيلي حول حادث الحدود إلى أن "المجند المصري محمد صلاح تسلل عمدًا لقتل الجنود الإسرائيلين"، في وقت استبعد خبيران عسكريان مصريان أن تؤثر نتائج التحقيقات على العلاقات المصرية-الإسرائيلية، وأكدا أن إعلان النتائج يضع نهاية للأزمة.
ووقع حادث الحدود في 3 يونيو/حزيران الجاري، وأسفر عن مقتل 3 جنود إسرائيليين، إضافة إلى المجند المصري محمد صلاح.
ونشر جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء أمس، عبرّ موقعه الرسمي، نتائج التحقيقات، واصفًا الجندي المصري بـ"المخرب".
وأشار البيان، الذي اطلع عليه رئيس هيئة الأركان العامة الإسرائيلي هيرتسي هاليفي، إلى أنّ جزءًا من التحقيق، "أُجري بشكلٍ مشترك مع الجيش المصري، على خلفية التعاون الاستراتيجي والأمني القائم بين الدولتين، والذي شمل زيارة بعض مسؤولي جيش الدفاع إلى القاهرة والتحقيق المشترك في نقطة وقوع الحادث على الأراضي الإسرائيلية"، في إشارة إلى زيارة وفد من جيش الاحتلال الإسرائيلي للقاهرة قبل يومين.
ولم يصدر عن وزارة الدفاع المصرية، أو المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية، أيّ تفاصيل حول مجريات التحقيقات، وما توصلت إليه، أو ما إذا شاركت مصر بالفعل في التحقيق مع الجانب الإسرائيلي.
الرواية الإسرائيلية
وحسب رواية التحقيقات الإسرائيلية فإن "شرطيًا مصريًا تسلل من الحدود المصرية إلى الأراضي الإسرائيلية من خلال أحد الممرات الأمنية في السياج وأطلق النار باتجاه قائد فصيلة ومجندة، ما أسفر عن مقتلهما".
وأوضح التقرير الخاص بالتحقيقات، أنه "بعد عدة ساعات من الحادثة الأولى، رصدت قوة إسرائيلية، الشرطي المصري على بعد مسافة طويلة، وحدث اشتباك نتج عنه مقتل جندي إسرائيلي ثالث، وإصابة رابع، وفيما بعد قُتل الشرطي المصري".
وأرجع جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيانه، السبب الرئيسي في الحادث إلى الممر الأمني في السياج والذي تم إخفائه عن بعض الجنود دون إغلاقه، بحسب وصف البيان.
وتوصل جيش الاحتلال الإسرائيلي في تحقيقه إلى أنه يجب التفريق وتحديد الأولويات بين الاستعداد للتعامل مع عملية "تخريبية" كما وصفها، والاستعداد للتعامل مع تهديد عمليات التهريب، والتي تعتبر شائعة على طول الحدود المصرية-الإسرائيلية، خاصة تهريب المخدرات.
وقرر جيش الاحتلال الإسرائيلي، بناءً على نتائج التحقيق، سد الممرات الأمنية على طول السياج الحدودي، بالإضافة إلى تقصير مدة مهمات جنوده من 12 ساعة متواصلة، وهي المدة المعمول بها منذ شهرين، إلى 8 ساعات متواصلة.
كما قرر جيش الاحتلال الإسرائيلي فرض عقوبات على مستوى القيادات، منها توبيخ قائد فرقة، وإعفاء لواء من منصبه، بالإضافة إلى توبيخ قائد الكتيبة التي ينتمي لها الجندي والمجندة القتيلان، وتوقيف تقدمه في الرتب العسكرية لمدة 5 سنوات قادمة.
الإعلام الإسرائيلي
من جانبها، نقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية، المزيد من التفاصيل حول التحقيقات لم يذكرها بيان جيش الاحتلال الإسرائيلي. وذكرت في تقريرها حول الحادثة أنه "بسبب الحفاظ على سرية الممر الذي استخدمه الجندي محمد صلاح، لم يعلم الجنود وقادتهم في المنطقة بوجود مثل هذه الممرات الأمنية".
وأضافت الصحيفة، التي أطلقت وصف "إرهابي" على المجند المصري محمد صلاح، أنّه "استطاع تحديد موقع الممر الأمني والتعامل معه بدقة"، مشيرة إلى أنّ "قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي مازالوا في حيرة من أمرهم، حول المعلومات التي كان يمتلكها الشرطي قبل دخوله".
وجزمت معاريف، أنّ "صلاح استغرق حوالي الـ 5 دقائق لقطع الأصفاد التي أغلق بها الممر الأمني، وتقدم نحو الجندي والجندية الإسرائيليين، ولم تستغرق منه عملية قتلهما أكثر من 10 ثواني".
وبعد عدة ساعات، وقرابة الساعة 11 صباح يوم الحادثة، حددت قوة من جيش الاحتلال الإسرائيلي مكان الشرطي المصري، بالمنظار، من على بعد كيلو مترين، وتم التأكد من خلال طائرة تصوير بدون طيار، وفيما بعد تم الاشتباك الثاني الذي أسفر عن مقتل جندي ثالث، قالت معاريف، أنه "لم يكن يلبس الخوذة، ما يشير إلى عدم استعداده، ومن ثم قُتل صلاح على يد جنود إسرائيليين آخرين".
أما صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، اقتصر نشرها على العقوبات التي وقعت على قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي، دون الخوض في تفاصيل الحادثة.
بينما ذكرت القناة الـ 13 الإسرائيلية، في تقرير، أنّ الشرطي المصري، الذي أصرت القناة على وصفه بـ "الإرهابي" دون الإشارة إلى أنه شرطي أو جندي مصري طوال سردها لتفاصيل الواقعة، "تحرك من موقعه في مصر على بعد أكثر من 7 كيلومتر من الحدود.
وقالت القناة أنه "مشى بين وديان داخل الحدود المصرية، حيث اجتاز السياج الحدودي قرابة الساعة الـ 7 صباحًا من يوم الحادثة المشار إليها". وتابعت أنه "عبر السياج من فتحة مخفية، ولم ترصده الكاميرا، ثم زحف، حتى وصل إلى موقع الجندي والمجندة وقتلهما من مسافة قصيرة".
"لن تؤثر على العلاقات"
في غضون ذلك، اعتبر الخبير العسكري والاستراتيجي المصري اللواء سمير فرج، أن الإعلان الإسرائيلي عن نتيجة التحقيقات جاء ليكتب نهاية هذه الواقعة، قائلاً "أعتقد إن الموضوع هيتقفل بعد الاعتراف الإسرائيلي بالتقصير، ومجازاة المقصّرين"، مستبعدًا صدور رد فعل على تلك النتائج من السلطات المصرية.
وأوضح فرج في حديثه للمنصة أن "ما انتهت إليه التحقيقات يتفق مع ما أكدنا عليه من البداية بشأن وجود تقصير لدى الجانب الإسرائيلي، بدليل توقيعهم جزاءات على من ثبت تقصيرهم من الضباط".
وقال فرج إن "نتائج التحقيقات تضمنت اعترافًا ضمنيًا بشجاعة الجندي المصري منفذ العملية"، وأضاف أنه "للأسف هما ما جابوش سيرة المهربين من باب التعتيم على المجتمع الإسرائيلي، لأنه زي ما قولنا قبل كدا الحادثة كانت صدمة كبيرة لإسرائيل وقصور كبير من الجيش هناك".
واستبعد فرج أن تؤثر نتائج التحقيقات المعلنة على العلاقات المصرية-الإسرئيلية، قائلاً "إسرائيل عندها مشكلة كبيرة دلوقتي في الجانب الإيراني، ولا تريد أن تفتح باب جديد للمشاكل مع مصر، ومصر أيضًا لا تريد أن تكون لديها مشاكل مع الجانب الإسرائيلي الذي وافق لنا مؤخرًا على وصول قواتنا العسكرية إلى خط الحدود".
واتفق الخبير المتخصص في الأمن القومي والعلاقات الدولية اللواء محمد عبد الواحد، مع وجهة النظر الخاصة بانتهاء تلك الأزمة على مستوى الدولتين بإعلان نتائج التحقيقات الصادر عن إسرائيل، مستبعدًا أن تؤثر الحادثة على العلاقات بينهما.
وقال عبد الواحد للمنصة إن "الجزاءات التي وقعّتها إسرائيل على 3 من قادتها العسكريين كانت متوقعة، لأن تقصير الجانب الإسرائيلي كان واضحًا منذ بداية حادث".
وحول عدم تطرق نتائج التحقيقات الإسرائيلية لواقعة التهريب السابقة على حادث مقتل الجنود، أكد عبد الواحد أن تفاصيل هذه الموضوع مخفية تمامًا من قبل الجانبين الإسرائيلي والمصري، مطالبًا بضرورة صدور بيان مشترك يوضح طبيعة هؤلاء المهربين ومصيرهم.
وانتقد عبد الواحد توظيف الحكومة الإسرائيلية الأزمة سياسيًا للتغطية على مشاكل الداخل هناك، مؤكدًا أنها "سياسة متبعة من قبل حكومة نتنياهو لنقل الصراع السياسي من الداخل الإسرائيلي إلى علاقات إسرائيل بالخارج".
وشدد على أن "الواقعة لا تتعدى كونها حادثًا فرديًا تعاملت معه الدولتان بمنتهى الاحترام والاحترافية من خلال التنسيق المستمر وتبادل المعلومات، على أساس وهدف واحد هو عدم تكرار مثل هذا الحادث مرة أخرى بصرف النظر عن دوافعه".
واعتبر عبد الواحد أن الإجراءات الجديدة التي أقرتها إسرائيل على الحدود في وقت سابق على إعلان نتيجة التحقيقات، تمثّل إجراءات طبيعية ومعتادة في مثل هذه الوقائع، لافتًا إلى أنه من الطبيعي أن يعقب كل عملية أمنية نوعًا من الاستنفار الأمني.
وكانت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلنت عن إجراءات وتعليمات جديدة للجنود على الحدود المصرية، تضمنت أنه حال ورود بلاغ عن أي تحرك غير معتاد لجندي مصري، "يجب أن يتم التعامل معه على أنه هجوم مُحتمل، ويجب إرتداء الخوذة فورًا والاستعداد لإطلاق النار".