توصية قضائية بعودة موظف التليفزيون المتهم بـ"المثلية" للعمل
قررت دائرة التأديب بالمحكمة الإدارية العليا، أمس السبت، تأجيل الطعن المقام من موظف بالهيئة الوطنية للإعلام، لإلغاء حكم المحكمة التأديبية بعزله من وظيفته لاتهامه بالمثلية الجنسية إلى جلسة 9 يوليو/تموز المقبل، في وقت أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا قضائيًا، تضمن توصية، استشارية وغير ملزمة، بإلغاء حكم العزل.
كما أوصى التقرير القضاء ببراءة الموظف مما هو منسوب إليه، استنادًا لعدم مشروعية طريقة الحصول على مقطع الفيديو، بوصفه الدليل الوحيد الذي استند إليه الحكم.
وفوجئت المحكمة خلال الجلسة بحضور طليقة الموظف المتهم، وطلبها الحديث مؤكدة أنها "حصلت على الفيديو بطريقة مشروعة وأن طليقها المتهم هو من أرسله لها"، مبديةً استعدادها لإخضاع هاتفها لفحص فني للتأكد من ذلك، لافتة إلى أنها تلقت تهديدات منه بإقامة دعاوى تعويض ضدها حال حصوله على البراءة من المحكمة الإدارية العليا.
غير أن أكثر من عضو في المحكمة احتدوا عليها وطالبوها بعدم التحدث كونها "لا صفة لها في الطعن"، ما يعني أنه "لايجوز لها التدخل فيه قانوناً"، فهو طعن تأديبي تقتصر الخصومة فيه على الموظف الطاعن وهيئة النيابة الإدارية فقط.
وعقب ذلك، استمعت المحكمة إلى مرافعة دفاع الموظف المتهم، والذي دفع ببطلان حكم العزل لاستناده إلى دليل باطل وهو مقطع الفيديو الذي قدمته طليقة موكله إلى النيابة الإدارية، متهماً إياها بـ"التشهير به بين زملائه في العمل".
وأرجع المحامي السبب وراء صدور الحكم بالعزل، إلى ما وصفه بـ "كيد النساء"، لافتًا إلى بعض الخلافات الزوجية المبنية على غيرة طليقة المتهم من زوجته الأولى، ما "دفعها إلى تسريب الفيديو وتقديمه إلى النيابة الإدارية".
وتساءل المحامي مستنكرًا عن الجُرم الذي ارتكبه الموظف جراء تصويره لنفسه داخل دورة مياه مسكنه دون نشر الفيديو أو السماح لأحد بنشره.
ومن جانبها، قالت هيئة المفوضين، في تقريرها الذي اطلعت عليه المنصة، إن أوراق القضية خلت مما يفيد بنشر الموظف المتهم للفيديو أو سماحه بنشره، مشددة على أن "طليقته لم تدلل على إرساله ذلك المقطع لها وجاءت التحقيقات قاصرة عن بيان كيفية حصولها على ذلك الفيديو".
وأضاف التقرير أن "تحصُّل زوجة الطاعن وحيازتها وعرضها لمقطع الفيديو الجنسي، لمن يشاركها الحياة الخاصة، هو ما يشكل عدة جرائم جنائية من ضمنها ما هو مؤثم بقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وقانون حماية البيانات الشخصية"، معتبرة أن "ذلك الجُرم لا يمكن أن ينتج عنه، بأي حال، دليلًا مشروعًا يؤدي إلى إدانة الطاعن".
وشدد التقرير على أن المحاكم التأديبية عندما تُنزل العقاب على المتهم لا بد أن يصاحب ذلك إجراءات مشروعة تُحترم فيها الحقوق والضمانات القانونية، " إذ مهما كانت الأدلة صارخة وواضحة الدلالة على ارتكاب المتهم للجريمة فلا يصح أن تُبنى عليها الإدانة طالما أنها مشبوهة ومادام مصدرها يفتقر إلى النزاهة ولا يتسم باحترام القانون".
ونوّه التقرير إلى أن المحاكمة المنصفة لا تتحقق بصدق الدليل وقيمته في الإثبات بقدر ما تتعلق باحترام حرمة الحياة الخاصة وعدم إهدارها في سبيل الحصول على تلك الأدلة.
وأكد أن "غض الطرف عن مشروعية الدليل سيكون سيفًا مسلطًا على رقاب الموظفين العموميين، يجعلهم عُرضة للتربص من قبل القاصي والداني بكافة الوسائل غير المشروعة للحصول على ما يهدد استمرار حياتهم الوظيفية".
كانت المحكمة التأديبية قضت بعزل موظف بالهيئة الوطنية للإعلام "ماسبيرو" من وظيفته، لاتهامه بـ"المثلية الجنسية"، حيث اعتبرتها المحكمة "مخالفة لأخلاقيات الخدمة المدنية والخروج عن مقتضى الواجب في أعمال وظيفته والظهور بمظهر من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة"، وفق الماتين 57 و58 من قانون الخدمة المدنية.
وأسست المحكمة حكمها على ظهور الموظف في مقطع فيديو مدته دقيقة و17 ثانية "عاريًا تمامًا وكان بمفرده".
واعتبرت المحكمة أن "ما نسب للموظف المتهم يمثل أفعالًا شاذة لا تليق بالموظف العام"، مؤكدة على أن "استئصال مثل هذا الموظف من الجهاز الإداري للدولة أصبح ضرورة حتمية حرصًا منها على سلامة المرفق الإداري خاصة والصالح العام للدولة عامة"، على حد منطوق الحكم.