قرر جهاز الأمن الوطني بالشرقية، صرف طالبة الفرقة الأولى بكلية طب الأسنان بجامعة سيناء، المتهمة بـ"ازدراء الدين الإسلامي عبر منشور على فيسبوك" بعد "جلسة استماع"، حسبما أفصح عضو مؤسسة حرية الفكر والتعبير ومحامي الطالبة مهاب سعيد.
وأوضح سعيد في حديث للمنصة اليوم الخميس، أن موكلته لم يقبض عليها أو يجرِ استيقافها، وإنما توجهت بمحض إرادتها يوم الأحد الماضي لمركز شرطة فاقوس بالشرقية، والتابع له محل إقامتها؛ لتحرير محضر ضد المسؤول عن نشر التعليق المتسبب في الأزمة.
وأضاف سعيد "خضعت الطالبة في البداية لجلسة استجواب من قبل ضباط مباحث فاقوس قالت فيها إنها فوجئت بانتشار سكرين شوت لذلك التعليق من حساب مقلد يحمل اسمها وصورتها، وبعدها تلقت تهديدات بالقتل على حسابها الأصلي، دون أدنى مسؤولية منها في نشره".
وأوضح أن المسؤولين بقسم شرطة فاقوس قرروا إحالتها إلى قطاع الأمن العام بالشرقية، وفيه خضعت لتحقيقات من ضباط بالأمن الوطني، كررت فيها التأكيد على عدم مسؤوليتها عن الحساب الذي نشر التعليق، كما أفادت بتلقيها تهديدات متواصلة بالقتل منذ بداية الأزمة.
تعود الواقعة إلى يوم الأحد الماضي، حين انتشر سكرين شوت منسوب لحساب على فيسبوك باسم الطالبة، يتضمن تعليقًا تقول فيه "لا أؤمن بالنبي محمد"، وهو التعليق الذي لم يتبين أحد مصدره أو موضوع النقاش، وما إذا كان من حسابها أم من حساب منسوب إليها، وهل كان في بوست عام أم للأصدقاء فقط أو داخل جروب.
ثم نشر أحد زملائها ويدعى ممدوح التعليق المزعوم على تويتر، مصحوبًا بحسابات أقارب الطالبة على فيسبوك، وبيانات شخصية عنها، محرضًا ضدها ومطالبًا الجامعة بالتحرك.
وقال الطالب في سلسلة تغريدات "البنت دي المفروض من عندنا وزميلتنا في أولى أسنان سيناء، ودا المحتوى بتاعها من فترة. والحوار زاد عن حده. يا ريت حد يوصل الإسكرين دي لعميد سينا، ويا ريت النقابة برده تتدخل. قولًا واحدًا البنت دي لازم تتفصل من الجامعة، وياريت مش أي حد يعمل مصيبة يطلع يقول أصل الأكونت كان متهكر"، متابعًا "البنت دي ليها إسكرينات في جروبات ملحدين"، قبل أن يجري تعديلًا إما بحذف التغريدات أو تغيير إعدادها، بحيث لا يسمح بمطالعتها.
وجاءت أول ردود الفعل من قبل كلية طب الأسنان، التي قررت إحالة الطالبة للتحقيق بتهمة "ازدراء الدين الإسلامي"، حسبما أفصحت عميدة الكلية راندا مصطفى.
وأوضحت مصطفى وقتها في رد مقتضب على أسئلة المنصة أن "الأمر بات الآن في يد إدارة الجامعة، وبناء على التحقيقات سيصدر القرار سواء بثبوت التهمة على الطالبة أو نفيها، وحال ذلك سيكون هناك قرار من الجامعة ومجلس التأديب".
ولم تتخذ الجامعة في المقابل أي إجراءات مع الطالب الذي نشر البيانات الشخصية للطالبة.
وأكد محامي الطالبة أنها بصدد الخضوع لجلسة تحقيق إداري اليوم بالجامعة، بعدها سيتوجهان إلى مباحث الانترنت لتحرير محضر بواقعة تقليد حسابها وانتحال شخصيتها ونشر التعليق الذي أثار الأزمة، كما سيطالبان بحمايتها من التهديدات التي تعرضت لها.
وأضاف سعيد أنه وفقًا للقانون فإن الجامعة غير مختصة بالتحقيق في الواقعة، على أساس أن تهمة ازدراء الدين الإسلامي المنسوبة للطالبة، تشكل جريمة جنائية لها تنظيمها القانوني الخاص في التشريع المصري، والذي لا ينيط بالجامعة أي اختصاصات بشأن التحقيق مع طلابها المنسوبة إليهم تلك التهمة، مضيفًا أنها مخالفة باتت غير غريبة على المجتمع القانوني المصري، فضلاً عن أنها وفقًا للوقائع وسير الأحداث قد ارتكبت خارج أسوار الجامعة.
وأكد أنه يتصور أن الجامعة بإصدارها قرار إحالة الطالبة للتحقيق، ترغب في اتخاذ رد فعل يبرئ ساحتها من الواقعة ليس أكثر.
ويخلو قانون تنظيم الجامعات من أي مواد تتيح للمؤسسات الأكاديمية التحقيق في أي جرائم جنائية تقع من الطلبة خارج حدود الجامعة، إلا أن جامعة سيناء أحالت الطالبة للتحقيق رغم ذلك.
ويجرّم قانون العقوبات المصري ما يسميه "ازدراء الأديان"، ويعرّفه في المادة 98 ومن قانون العقوبات بأنه "إثارة الفتنة أو التحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الضرر بالوحدة الوطنية أو بالسلم الاجتماعي"، وهي المادة التي أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تقريرًا توضح فيه أسباب عدم دستوريتها.
كما تنص المادة 160 من قانون العقوبات على أنه "مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد يعاقب بالحبس مدة ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف جنية ولا تزيد عن 5 آلاف جنيه كل من شوش على إقامة شعائر ملة أو دين أو احتفال أو رموز أو أشياء أخرى لها حرمة عند أبناء ملة أو فريق من الناس".
وفي سبتمبر/أيلول 2021، أطلقت الحكومة استراتيجيتها الوطنية لحقوق الإنسان، والتي تضمنت قسمًا مخصصًا لـ "حرية الدين والمعتقد" ينص على خطوات لإصلاح الخطاب الديني وتعزيز التسامح الديني، وهو ما لم يطبق حتى الآن.