تعرض موقع مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، للحجب للمرة الأولى، قبل يومين، وذلك على خلفية نشره بيانًا حقوقيًا تقدمت به عدد من المنظمات للأمم المتحدة بالتزامن مع ذكرى ثورة 25 يناير، حول أوضاع حقوق الإنسان في الفترة بين نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 وحتى نوفمبر 2022، بحسب مدير برنامج مصر بالمركز، محمد زارع.
وقال زارع للمنصة، إن الموقع الإلكتروني للمركز تعرض لهجمات قبل يومين؛ أسفرت عن حجبه، مشيرًا إلى أن المركز استعان بفنيين قالوا إن المشكلة ستحل ولكنها ستستغرق بعض الوقت.
ودلل زارع بواقعة الحجب على أوضاع حقوق الإنسان التي رصدها التقرير والذي عنون بـ"أزمة متعمدة.. تقرير حقوقي حول استراتيجية منهجية ومقصودة تعصف بحقوق الإنسان في مصر خلال السنوات الثلاث الماضية".
وكانت مجموعة العمل المصرية من أجل حقوق الإنسان، المشكلة في 2018 من عدد من منظمات حقوقية داخل وخارج مصر منها مركز القاهرة للدراسات حقوق الإنسان، تقدمت الأربعاء الماضي، بتقرير نصف المدة لآلية الاستعراض الدوري الشامل بالأمم المتحدة.
والاستعراض الدوري الشامل هو آلية تتبعها الأمم المتحدة ممثلة في مجلس حقوق الإنسان منذ 2007، لمتابعة الوضع الحقوقي في الدول الأعضاء. ويناقش المجلس كل دولة كل أربع سنوات. وناقشت مصر ملفها ثلاث مرات في أعوام 2010 و2014 و2019.
وقالت مجموعة العمل المصرية إن الدولة تجاهلت 375 توصية أممية خرج بها استعراض 2019، مؤكدة "لم تشهد حالة حقوق الإنسان في مصر تحسنًا ملموسًا، بل على العكس تتصاعد الانتهاكات الحقوقية وفق استراتيجية مقصودة تنتهجها السلطات المصرية؛ بتواطؤ من مؤسسات الدولة، والتي شهدت مزيدًا من التآكل لاستقلالها منذ عام 2019".
وقارن التقرير بين الوضع على الأرض وما أقرت الحكومة المصرية بالالتزام به أمام الأمم المتحدة في 2019، بكشف مظاهر الانتهاكات خلال الثلاث سنوات الأخيرة. وركز التقرير على الحق في الحياة ومكافحة الإعدام، الحق في حرية التجمع السلمي والتنظيم، والحق في حرية التعبير واستقلال الإعلام، وحقوق النساء ومجابهة العنف ضد المرأة، وأوضاع أماكن الاحتجاز والحماية من التعذيب والإخفاء القسري، واستقلال القضاء، وحماية حقوق الإنسان أثناء مكافحة الإرهاب.
ويعلق زارع بأن تقريرهم يعتبر مستندًا ستعتمد عليه الأمم المتحدة وقت مناقشة مصر لملفها الحقوقي.
في غضون ذلك، رفض زارع اعتبار الإفراج عن أكثر من ألف سجين، في إطار الحوار الوطني، تحسنًا في ملف حقوق الإنسان، قائلًا إن "القمع في مصر يمر بموجات، ترتفع أو تنخفض"، مؤكدًا إن "هدوء الأوضاع حاليًا سببه عدم وجود أحداث وليس مراجعات من النظام".
وشدد زارع على أن القرارات التي يصدرها النظام من حوار وطني او إفراجات عن سجناء هي نقطة في بحر، فضلًا عن "عدم وجود رؤية أو استراتيجية تشير لأي جدية".
وتعاني الآلاف من المواقع الإخبارية والحقوقية في مصر من الحجب خارج إطار القانون، ومن ضمنها المنصة. ولا تعلن جهة محددة مسؤوليتها عنه، فيما تُحمل تقارير حقوقية جهات الأمن المسؤولية في ظل البنية الأساسية الضخمة التي يحتاجها مثل هذا الإجراء.
ودعا الرئيس عبد الفتاح السيسي في أبريل/ نيسان الماضي إلى حوار وطني لإجراء إصلاحات سياسية، غير أنه منذ إطلاق الدعوة وحتى الآن، دخلت الدولة في إجراءات طويلة للإعداد للحوار، دون الإعلان حتى الآن عن موعده أو الأطراف المتحاورة.
ويعد ملف حقوق الإنسان من الملفات التي تلقى انتقادات دولية عديدة، فيما أطلقت الحكومة في سبتمبر/ أيلول من العام 2021 الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، كدليل حقوقي تلتزم به، غير أن الأوضاع لم تشهد تغيرًا ملحوظًا بعده.
ومركز القاهرة هو منظمة مستقلة تأسست عام 1993 دفاعًا عن حقوق الإنسان والديمقراطية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال التمكين وبناء القدرات الخاصة بمنظمات المجتمع المدني المحلية، وكان المركز ضمن المراكز الحقوقية التي تمت مداهمتها في العام 2011، بتهمة تلقي تمويل أجنبي، وتم غلق مكتبه في القاهرة منذ ذلك الحين.