طالب صندوق تأمين ضباط الشرطة والمسند إليه توريد تغذية كلاب الأمن والحراسة، وزارة الداخلية بزيادة أسعار توريد الكميات المتعاقد عليها لمدة 18 شهرًا بأكثر من 7.5 مليون جنيه، بسبب التغيرات الأخيرة والمتتالية التي طرأت على سعر صرف الجنيه أمام العملات اﻷجنبية، حسبما كشفت وثائق قانونية حصلت عليها المنصة.
وتشير الوثائق إلى أن الوزارة ممثلة في الإدارة العامة لتدريب كلاب الأمن والحراسة التابعة لأكاديمية الشرطة، تعاقدت في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 مع صندوق تأمين ضباط الشرطة على توريد كمية 255,5 طنًا من طعام الكلاب مقابل مبلغ 55 جنيهًا للكيلو جرام، بإجمالي مبلغ 14 مليونًا و52 ألفًا و500 جنيه، ويجري التوريد على فترات طبقًا لما تقرره الإدارة خلال فترة التعاقد المحدد لها 18 شهرًا.
وبعد شهور قليلة من بداية تنفيذ العقد، تقدم الصندوق في أبريل/ نيسان الماضي بطلب لتعديل سعر التعاقد اعتبارًا من شهر مارس/ آذار الماضي ليكون بمبلغ 80 جنيهًا للكيلو جرام؛ معللًا ذلك بارتفاع سعر الدولار والحرب الروسية الأوكرانية وما صاحبها من ارتفاع حاد في أسعار النفط والطاقة العالمية، الأمر الذي ترتب عليه ارتفاع في تكاليف الإنتاج في الدول الأوروبية وارتفاع أسعار الشحن، وباعتبار أن المنتج المتعاقد عليه مستورد من دولة إيطاليا، مما أثر عليه في اﻷسعار بزيادة وصلت 100% في التكلفة.
وفي مارس انخفض الجنيه من مستويات 15.77 جنيه للدولار إلى مستويات 19.7 جنيه للدولار بتراجع 25%، إثر قرار مفاجئ من البنك المركزي صباح 21 مارس برفع أسعار الفائدة 100 نقطة أساس، في اجتماع استثنائي للجنة السياسة النقدية.
وتظهر الوثائق تفاصيل ما يمكن اعتباره أزمة قانونية واجهتها الوزارة مؤخرًا مع الصندوق، بعدما قررت عدم الاستجابة لمطالبه بزيادة قيمة العقد، واللجوء إلى مجلس الدولة بطلب لإبداء الرأي القانوني فيها.
وصندوق تأمين ضباط الشرطة أحد الصناديق الخاصة ومشهر بهيئة الرقابة المالية، ويتولى تقديم خدمات التأمين لأفراده، عبر استثمار موارده في أنشطة عدة من بينها توقيع عقود مع الجهات الحكومية لتوريد مستلزماتها من معدات وأصناف وسلع.
وعلى صعيد متصل، عُرضت الأزمة على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، وأصدرت بشأنها فتوى قضائية مُلزمة مطلع الشهر الجاري، انتهت فيها إلى عدم جواز تعديل سعر التوريد المحدد.
واستندت الفتوى إلى اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم التعاقدات التي تبرمها الجهات الحكومية، التي تلزم تلك الجهات ومن بينها وزارة الداخلية بتثبيت أسعار عقودها، كما تلزمها بأن تتم المحاسبة النهائية في تلك العقود بالأسعار التي حددها المتعاقد بعطائه بصرف النظر عن تقلبات السوق والعملة والتعريفة الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الأخرى.
وأكدت الفتوى أنه لم يثبت من الأوراق المرفقة أن الخسائر التي لحقت بالصندوق حتى الآن من جراء الظروف التي أوردها بطلبه- وعلى فرض صحة وجود خسارة بالفعل- بلغت حد الخسارة الفادحة الاستثنائية التي تختل معها اقتصاديات العقد على نحو يبرر التدخل لإقالته من عثرته والوصول بهذه الخسارة إلى الحد المعقول، ومن فلا يجوز تطبيق النظرية القانونية الخاصة بالظروف الطارئة، والتي تجيز تعديل مثل تلك العقود.
وتعاني مصر من أزمة توفر العملات اﻷجنبية، وعلى الرغم من الودائع البالغة 13 مليار دولار، التي حصلت عليها القاهرة من الإمارات والسعودية وقطر، و3.3 مليار دولار أخرى المتأتية من مبيعات الأصول إلى الإمارات، ظلت العملة الأجنبية في حالة نقص شديد.