أصدرت محكمة أمن الدولة العليا طوارئ أحكامًا نهائية باتة غير قابلة للطعن أمام أي جهة قضائية، بالسجن المؤبد المشدد، ضد 83 متهمًا من بينهم رجل الأعمال والمقاول محمد علي، لإدانتهم بالتجمهر وتهديد السلم العام على خلفية تظاهرات سبتمبر/ أيلول 2019، والشهيرة باسم قضية "الجوكر".
وعُرفت هذه القضية بالجوكر، نظرًا لأن الدعوة للتظاهر فيها والتي أطلقها علي الذي كان في السابق مقاولًا يتعامل مع شركات الجيش، صاحبتها دعوات بارتداء المشاركين لقناع الوجه الشهير الذي ظهر في الفيلم الأمريكي JOKER.
وقضت المحكمة برئاسة المستشار محمد السعيد الشربيني، أمس الأحد، بالسجن المؤبد حضوريًا لـ12 متهمًا وغيابياً لـ 27 آخرين، والسجن المشدد 15 سنة لـ11 متهمًا.
كما تضمنت الأحكام السجن المشدد 10 سنوات لـ9 متهمين، و السجن المشدد 5 سنوات بحق 24 متهمًا، وبراءة 20 آخرين.
ومحكمة أمن الدولة العليا طوارئ هي محكمة استثنائية تحال إليها القضايا فقط عند إعلان حالة الطوارئ، وأحكامها غير قابلة للطعن أمام محكمة النقض، وفقًا للمادة 12 من قانون الطوارئ. وتنفذ هذه الأحكام بعد التصديق عليها من الحاكم العسكري، وهو رئيس الجمهورية، الذي يسمح له القانون أيضًا بتفويض هذه الصلاحية لمن يراه.
من جانبه أبدى المحامي خالد المصري، وكيل 6 من المتهمين في القضية خيبة أمل كبيرة من الأحكام الصادرة، مؤكدًا أنها كانت "قاسية بحق شباب صغير السن ألقي القبض عليهم جميعًا من منازلهم ولم يشاركوا في أية أحداث"، على حد وصفه.
وقال المصري للمنصة، إن ثلاثة من المتهمين الذين تولى الدفاع عنهم في القضية حصلوا على أحكام بالمؤبد، وعوقب متهمان اثنان بالسجن المشدد 10 سنوات، وحصل المتهم السادس على حكم بالسجن المشدد 5 سنوات، لافتًا إلى أن من بينهم 3 متهمين قُصّر لم تتجاوز أعمارهم 18 عامًا، فيما يبلغ أكبرهم سنًا 21 عامًا.
ونوه المصري بأن "صدور الأحكام من محكمة أمن دولة عليا طوارئ ييقلص من الأمل في إلغائها أو تخفيفها" بوصفها أحكامًا لا يجوز الطعن عليها، وبات الأمر فيها مرهونًا بالتقدم بتظلمات لمكتب شؤون أمن الدولة بمجلس الوزراء، يطالبونه بعدم التصديق عليها، مؤكدًا أن الأمل في قبول تلك التظلمات يظل ضعيفًا جدًا، لافتًا إلى أنه في حالة عدم تصديق الحاكم العسكري وهو رئيس الوزراء بتفويض من رئيس الجمهورية، على الأحكام تصبح لاغية، ويخرج المتهمون، وعقب "لكن ذلك لا يحدث".
واتفق معه المحامي الحقوقي أحمد عادل، وكيل عدد من المتهمين الآخرين في القضية، الذي أكد أن الأحكام تعبر عن "مأساة حقيقية" خاصة وأن جميع المدانين فيها من الشباب صغير السن.
وشرح عادل للمنصة الظروف التي صاحبت تحريك تلك القضية في نيابة أمن الدولة العليا، موضحًا أن جميع المتهمين المحبوسين فيها من أبناء محافظة السويس، وكانت القضية تضم في بدايتها 8 متهمين فقط في أحداث مظاهرات 20 سبتمبر 2019، إلا أنه وأثناء حبس المتهمين احتياطيًا فتحت النيابة تحقيقًا أوسع في دعوات التظاهر لإحياء الذكرى العاشرة لثورة 25 يناير، وضمت المتهيمن الثمانية لإجمالي عدد المتهيمن في القضية الجديدة، ليصبح إجمالي عدد المتهمين فيها 103 متهمًا.
وتابع "وبالتالي فإن القضية واجه فيها متهمين محبوسين احتياطيًا اتهامات بالتخطيط لمظاهرات كانت تالية على حبسهم بشهرين وأكثر".
وتعود القضية إلى دعوات المقاول محمد علي للتظاهر بعد ظهوره في مقاطع على فيسبوك من خارج مصر يتحدث حول وقائع فساد في تدشين قصور رئاسية بمبالغ طائلة. ولم تسفر تلك الدعوات سوى عن تظاهرات محدودة مقابل حملات قبض واسعة، استهدف بعدها سياسيون وشخصيات عامة بينما تحدثت تقارير حقوقية عن القبض على المئات عشوائيًا من الشوارع.
وتنتقد منظمات حقوقية عديدة سجن الآلاف من مصر في تهم سياسية، في الوقت الذي تنفي فيه الحكومة وجود سجناء سياسيين، بينما تتشابه التهم في كثير من القضايا حد التطابق وهي "الانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام الدستور والقانون، بهدف التحريض ضد نظام الحكم، و"بث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها".