ناقشت لجنة الاتصال العربية خلال اجتماعها التشاوري في القاهرة بخصوص سوريا، مساء أمس، مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، سبل التنفيذ الكامل لمخرجات بيان عمان الصادر أول مايو/أيار الماضي، من أجل تسوية الأزمة السورية ومعالجة تبعاتها سياسيًا وأمنيًا وإنسانيًا.
وثمنت لجنة الاتصال، وفقا لبيًان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، الاتفاق بين الأمم المتحدة والحكومة السورية بشأن إيصال المساعدات الإنسانية من معبر "باب الهوى" لمدة ٦ أشهر، وقرار الحكومة تمديد فتح معبري "باب السلامة" و"الراعي" أمام المساعدات الإنسانية حتى 13 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، مطالبين بمد هذه الفترة للتخفيف عن كاهل الشعب السوري.
كما رحبت اللجنة المكونة من وزراء خارجية مصر والأردن والسعودية والعراق ولبنان، بانعقاد الاجتماع الأول للجنة الأمنية المشتركة الأردنية-السورية لضبط الحدود ومكافحة إنتاج وتهريب المخدرات، يوليو/تموز الماضي، والتعاون المشترك بين حكومتي العراق وسوريا في مجال مكافحة المخدرات من خلال تبادل المعلومات، والتي أثمرت عن تفكيك شبكة دولية كانت تهرب المخدرات بين دول المنطقة خلال أغسطس/آب الجاري، والتنسيق لإبرام مذكرة تفاهم بين البلدين في هذا الشأن. وشددت اللجنة على ضرورة دعم جهود مكافحة الإرهاب في سوريا.
لكن مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي، رأى أن التطرق إلى مسألة الإرهاب والميليشيات على هذا النحو ليس كافيًا، لافتًا في حديثه للمنصة، إلى وجود إشكالية في هذا الشأن فالميليشيات الإيرانية جاءت بدعوة من السلطة الشرعية في سوريا، في حين وجود بعض الميليشيات الأخرى على غير رغبة السلطة الشرعية، وهي أولى عوائق التسوية الشاملة للأزمة السورية.
كما أكدت لجنة الاتصال على ضرورة معالجة أزمة اللاجئين بجميع تبعاتها على الشعب السوري والدول المستضيفة لهم، واعتبارها أولوية يجب العمل عليها، مطالبين بإنشاء منصة لتسجيل أسماء اللاجئين الراغبين بالعودة، بالتنسيق مع الدول المستضيفة وهيئات الأمم المتحدة ذات الصلة، على أن توفر الحكومة السورية المعلومات عن احتياجات المناطق التي ستشهد عودة للاجئين إليها.
واستبعد الشوبكي أن تدخل جامعة الدول العربية في آلية عودة اللاجئين، متوقعًا أن تتم بالتنسيق بين الحكومة السورية وتركيا، فهناك قنوات اتصال مع تركيا، حيث طرح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان العودة الطوعية للسوريين إلى بلادهم. ووصف الخبير في مركز الأهرام أداء جامعة الدول العربية بالبطيء، لذا فلن تكون صاحبة المبادرة، وسيكون الدور الفاعل والأكبر في يد تركيا باعتبارها طرفًا رئيسيًا في ملف اللاجئين، وروسيا باعتبارها طرفًا داعمًا للنظام السوري، وإيران وإن كان دورها أقل لكنها تبقى في الصورة، على حد قوله.
واستعرض وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، خلال الاجتماع أمس، الإجراءات والتسهيلات التي اتخذتها بلاده من أجل إعادة اللاجئين، مشيرًا إلى التعاون والحوار القائم مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وأنهم يسهلون فتح مزيد من المكاتب للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مناطق العودة، لافتًا إلى أنهم سيعلنون دوريًا عن الإجراءات المتخذة لتسهيل عودتهم، بما فيها شمولهم بمراسيم العفو الرئاسي.
وتقرر استئناف العمل في المسار الدستوري السوري، وعقد الاجتماع المقبل للجنة الدستورية السورية في سلطنة عمان، بتسهيل وتنسيق مع الأمم المتحدة قبل نهاية العام الجاري.
من جانبه، رأى الشوبكي أن الطريق ما زالت طويلة أمام التوافق العربي السوري وتسوية الملفات العالقة، في ظل الظروف الراهنة سواء داخل سوريا أو على المستويين الإقليمي والعالمي، لافتًا إلى أن هناك حالة استغناء من النظام السوري بعدما انتصر في المعركة العسكرية، لكن التحديات الاقتصادية وإعادة الإعمار وعودة اللاجئين تفرضان عليه التعاون، أما الدول العربية فتجد أن التقارب والتواصل مع النظام السوري حل أفضل من القطيعة والعزلة، لأسباب عدة في مقدمتها ملف اللاجئين والميليشيات المسلحة وتهريب المخدرات، لذا فالأمر متشابك جدًا وما زلنا في بداية الطريق.