صفحة الهلال الأحمر الفلسطيني على فيسبوك
تشييع جثامين ثمانية من فريق إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني في قطاع غزة، 31 مارس 2025

دليل جديد يكذِّب رواية إسرائيل حول قتلها 15 موظفًا إغاثيًا في رفح

قسم الأخبار
منشور الأحد 6 أبريل 2025

تراجَع جيش الاحتلال الإسرائيلي، السبت، عن تصريحاته السابقة التي برر فيها قَتل 15 موظفًا إغاثيًا، والتي سبق ووصفها المرصد الأورومتوسطي بأكبر عملية إعدام جماعي لعمال إغاثة في تاريخ الحروب الحديثة، وذلك بعد ظهور دليل يكذِّب روايته عن الحادث.

وكانت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وجهاز الدفاع المدني في غزة أعلنا في 30 مارس/آذار الماضي انتشال جثث 15 من موظفيهما قتلهم ودفنهم جيش الاحتلال في مقبرة جماعية غرب رفح قبلها بتسعة أيام.

وأمس، قال مسؤول عسكري إسرائيلي، لم تسمه نيويورك تايمز، موضحة أنه تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بموجب قواعد الجيش، إن الروايات الأولية للقوات التي شاركت في قتل الـ15 موظفًا في رفح جنوب قطاع غزة "كانت خاطئة جزئيًا".

وسبق أن زعم جيش الاحتلال أن موظفي الإغاثة كانوا "يتقدمون بشكل مثير للريبة" نحو قواته "من دون مصابيح أمامية أو إشارات طوارئ".

وقال المسؤول الإسرائيلي إن قوات من لواء المشاة الاحتياطي كانت تتربص بكمين على طول الطريق إلى الشمال من مدينة رفح في غزة في الساعات الأولى من فجر 23 مارس الماضي، وفي الساعة الرابعة فجرًا، قتلت مَن وصفتهما باثنين من أفراد أمن حماس واعتقلت ثالثًا.

وبعد ساعتين اقتربت قافلة من سيارات الإسعاف وسيارة إطفاء من المكان نفسه. وقال المسؤول إن قوات الاحتلال كانت لا تزال على الأرض وتلقت بلاغًا من طائرة مراقبة يفيد بأن القافلة تتجه نحوهم. وأضاف أنه عندما وصل عمال الإنقاذ ونزلوا من سياراتهم، اعتقدت القوات أن المزيد من عناصر حماس قد وصلوا، فأطلقوا النار على ركاب السيارات من بعيد.

لكن هذه الرواية تتنافى مع فيديو نشرته أمس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني كانت حصلت عليه من عائلة أحد المسعفين القتلى بعد أن عثرت عليه في هاتفه المحمول عقب العثور على جثمانه في المقبرة الجماعية.

وقالت على إكس إن الفيديو "يُظهر بوضوح أن سيارات الإسعاف والإطفاء التي كانوا يستقلونها كانت مُعلّمة بشكل واضح وتحمل إشارات الطوارئ، كما أن الأضواء كانت مضاءة أثناء تعرضهم لإطلاق النار من قبل القوات الإسرائيلية".

وأكدت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن هذا المقطع ينفي بشكل قاطع مزاعم الاحتلال التي ادعت أن القوات الإسرائيلية لم تهاجم سيارات الإسعاف عشوائيًا، وزعمت أن بعض المركبات اقتربت "بطريقة مريبة دون أضواء أو إشارات طوارئ"، وقالت إن "الفيديو يكشف الحقيقة ويدحض هذه الرواية بشكل واضح".

ولم يقدِّم المسؤول العسكري الإسرائيلي تفسيرًا لهذا التناقض، بخلاف القول إن الرواية الأولية للقوات على الأرض كانت "خاطئة".

وأضاف أن إسرائيل تعتقد أن 6 على الأقل من القتلى كانوا عناصر من حماس، لكنه لم يقدِّم أي أدلة على الفور، مشيرًا إلى سرية العمل الاستخباراتي المتضمن في عملية تحديد الهوية. 

ورفض المسؤول الإسرائيلي التعليق على ما إذا كان أي من القتلى مسلحًا. وقال إن عناصر حماس في غزة غالبًا ما كانوا لا يرتدون زيًا عسكريًا، وأن إسرائيل رصدتهم متنكرين في زي مدنيين، مختبئين في المستشفيات والمباني المدرسية.

عذبوهم ودفنوهم في مقبرة جماعية

وسبق أن أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان نهاية الشهر الماضي أن الأدلة الميدانية تشير إلى أن جيش الاحتلال أعدم ميدانيًا جميع الضحايا، وهم 8 مسعفين من الهلال الأحمر الفلسطيني، و5 من طواقم الدفاع المدني، وموظف تابع لوكالة الأونروا، ثم دفنت معظم جثثهم في حفرة عميقة طُمرت بالرمال، بعد أن دَمّرت مركباتهم بالكامل.

وفي إفادة لفريق المرصد الأورومتوسطي، قال سفيان أحمد، وهو أحد أفراد الدفاع المدني المشاركين في مهمة استخراج جثامين الضحايا، "بعد الحادث مباشرة، دخلنا برفقة طواقم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى موقع الحادثة غرب رفح، حيث أبلغ جيش الاحتلال أن جثامين الضحايا توجد إلى جانب عمود كهرباء بجوار سيارة الإطفاء. باشرنا أعمالنا، وأجرينا أعمال حفر بواسطة جراف صغير في الموقع الذي حدده الاحتلال فوجدنا جثة واحدة، وبعد معاينتها تبيّن أنها جثة قائد المهمة أنور عبد الحميد العطار".

وأضاف "أجرينا اتصالًا بالاحتلال وسألنا عن مكان الجثث الأخرى، ورد أنها موجودة بجانب عمود الكهرباء في الحفرة نفسها التي أخرجنا منها جثة العطار. واصلنا البحث وعمّقنا الحفرة ولم نجد شيئًا، وانتهى الوقت الممنوح لنا من الاحتلال فاضطررنا إلى مغادرة المكان".

وتابع "توجّهنا في اليوم التالي إلى المكان وانتظرنا بموقع قريب في انتظار موافقة الاحتلال لدخول المكان، وبعد خمس ساعات تقريبًا، أُبلغنا برفض الدخول فغادرنا. توقّعنا بعدها بيوم السماح لنا بدخول المكان، ولكن أيضًا لم تصلنا الموافقة، ومكثنا عدة أيام حتى جاءت الموافقة يوم الأحد ودخلنا المكان، وأُبلغنا أنّ الاحتلال سيكون برفقتنا حتى يبلغنا عن مكان دفن الجثث ونباشر عملية الحفر".

وقال "وصلنا المكان وكان فوقنا كوادكوبتر ترشدنا لمكان دفن الجثامين، وأعطتنا المسيرة علامة على مكان الدفن، وحينها تفاجأنا لأن المكان المحدد بعيد عن المكان السابق".

وأضاف "بدأنا بالحفر فوجدنا جثة وانتشلناها، فتبيّن لنا وجود جثة تحتها فأخرجناها، ووجدنا جثة ثالثة أسفلها، وواصلنا كذلك حتى انتشلنا جميع الجثث، وبقيت جثة واحدة مفقودة وهي جثة موظف الأونروا، سألنا عن مكانها، فأبلغونا أنّها مدفونة بجانب منطقة البركسات غرب رفح".

وقال "كانت الجثث في بداية تحلّلها ولكن معالمها واضحة، ولدى معاينتها تبيّن أنّهم تعرضوا لوابل من الرصاص. وحسب مشاهدتي، كانت الإصابات في منطقة الصدر، وبالكشف والمعاينة تبين أن بعض الضحايا كانوا مصابين ولكنّهم كانوا لا يزالون على قيد الحياة، وكانوا مكبلي الأقدام، ودُفنوا على ما يبدو وهم على قيد الحياة".

ونبَّه إلى أنه "في اليوم الأول الذي توجهنا فيه إلى موقع الحادث، شاهدنا في المكان حقائب وأغطية وملابس ومستلزمات تعود لآلاف المواطنين الذين نزحوا في ذلك اليوم، ولكن في المرة الثانية التي عدنا فيها للمكان بعد عدة أيام، لم نر تلك الأشياء، ما يعني حدوث تلاعب وتغيير في موقع الحادث".

وأوضح المرصد أن "هذه الجريمة تأتي امتدادًا لسلسلة من الاعتداءات المتعمدة التي استهدفت الكوادر الطبية والإنسانية منذ 7 أكتوبر 2023، إذ قتلت إسرائيل 111 من عناصر الدفاع المدني، و27 من مسعفي الهلال الأحمر، وأكثر من 1400 من أفراد الطواقم الطبية ضمن حملة منظّمة تستهدف شلّ البنية الصحية والإغاثية في قطاع غزة، كوسيلة لتدمير الفلسطينيين في غزة وتفكيك مقومات بقائهم" حسب البيان.