منذ أكثر من 80 عامًا تخضع المرأة السعودية للسيطرة المطلقة لأقاربها الذكور، وفقًا لنظام "ولاية الأمر" الذي يخضع ممارسة النساء لحقوقهم في السفر والتنقل والتعليم والصحة (وهي من الحقوق الأساسية وفقًا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان) لموافقات الرجال.
ورغم التعديلات التي نفذتها المملكة في العقد الأخير لتقليص الفوارق بين الجنسين، كالسماح للنساء بالمشاركة في الحياة السياسية والعامة، ومنح المرأة حق الترشح والتصويت وحق عضوية مجلس الشورى في 2011؛ إلا أن السعودية ظلّت في المركز 134 من أصل 145 دولة في تقرير المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين لعام 2015، في تراجع طفيف عن مركزها الذي حققته في 2014.
وللمرة الثالثة منذ مطلع هذا العام، عادت إلى تويتر حملة للمطالبة بإلغاء نظام ولاية الأمر المطبق على نساء السعودية، بعد انتشار الهاشتاج في شهري يناير/ كانون ثاني ثم يونيو/ حزيران الماضيين. وهي محاولات يعوقها استمرار السعودية في تطبيق الشريعة الإسلامية، وإصرار رجال الدين الذين يستخدمون النص المقدس المتعلق بـ"قوامة الرجال" على النساء كسند لتطبيق هذا النظام.
وأثارت مطالبة سعوديات بإسقاط مرسوم الولاية على تويتر جدلًا واسعًا في المملكة، بعد انتشار هاشتاج #سعوديات_نطالب_باسقاط_الولاية. ودفع تواصل التغريد على الهاشتاج إمام الحرم المكي "سعود الشريم" للرد على الحملة على حسابه الرسمي، واعتبارها مضادة للشرع.
حقوق المرأة السعودية.. بين التصريحات الرسمية والواقع
في مطلع العام الجاري قال ولي ولي العهد محمد بن سلمان في حواره مع مجلة الإيكونوميست: إن المملكة أحرزت تقدمًا في ملف حقوق المرأة. لكن التقارير الحقوقية الدولية وشكاوى السعوديات على مواقع التواصل الاجتماعي تناقض الصورة التي تسعى الاسرة الحاكمة لترويجها.
فعلى الرغم من أن المملكة تنفي وجود أية قوانين تقر وصاية الرجال على المرأة، بل ووافقت على الإعلانات الدولية المتعلقة بحقوق المرأة وتوصيات مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في هذا الشأن، وتؤكد رسميًا على أنها تطبق كافة الاتفاقات الدولية؛ إلا أن السلطات لا تزال تطلب موافقة ولي الأمر للسماح للسعوديات بالسفر والتنقل للتعليم والعلاج والحصول على العمل.
هذا الواقع تؤكده كلمات مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمنظمة هيومان رايتس ووتش سارة ليا وتسون التي صرحت في 2009 بأن: "الحكومة السعودية تقول شيئًا لمجلس حقوق الإنسان في جينيف، ولكنها تفعل شيئًا آخر داخل المملكة".
وعلى الرغم من عدم وجود نص رسمي يحدد صلاحيات ولي الأمر؛ إلا أن تعريف الولاية في المملكة "هي سلطة يثبتها الشرع للولي، تخوله صلاحية التصرف و إدارة أمور شخص آخر نيابة عنه، فيما يتعلق ببدنه ونفسه وماله". ويشترط النظام السعودي أن يكون لكل أمرأة سعودية ولي أمر ذكر، وفي الغالب يكون والدها أو زوجها، لكن في بعض الحالات يكون شقيقها أو ابنها.
وفي يوليو/تموز الماضي نشرت منظمة هيومان رايتس ووتش تقريرًا عن وضع المرأة السعودية بعنوان "كمن يعيش في صندوق... المرأة ونظام ولاية الرجل في السعودية"، ذكرت فيه أن الحكومة السعودية وافقت بالفعل على إلغاء نظام ولاية الرجل مرتين أولاهما في 2009، والثانية في 2013، لكنها لم تترجم هذه الموافقة على أرض الواقع، واكتفت باتخاذ خطوات محدودة لإصلاح نظام الولاية.
وأضافت المنظمة في تقريرها أن نظام الولاية يرتكز على تأويل متشدد لآية قرآنية، ولم يحدد التقرير هذه الآية ووصفها بالغامضة. ولعل هذا يفسر السبب وراء وصف الشريم لدعوات إسقاط الولاية بالمضادة للشرع. واعترض العديد من المعلقين على المواقع الاجتماعية على الدعوة لإسقاط نظام الولاية، واعتبروها "تمهيدًا لسقوط المرأة السعودية".
ودافعت المستخدمة السعودية رغد الفيصل عن الحملة، ونفت أن يكون وراءها "مؤامرات أو منظمات حقوقية". وقالت رغد في تغريدة لها: "حملة #سعوديات_نطالب_باسقاط_الولايه26 قام بها سعوديات أخواتكم وبناتكم وزوجاتكم ليس خلفها حقوقيات ولا منظمات خارجية ولا مؤامرة، استجيبوا لهن".
وقال المدون عبد الرحمن الكنهل إن مطلب رفع الولاية هو شيء يطالب به المجتمع السعودي.