منشور
الجمعة 13 أكتوبر 2023
- آخر تحديث
الاثنين 16 أكتوبر 2023
شهد قطاع غزة اليوم الجمعة، عملية تهجير جماعي من شماله، الذي يسكنه نحو مليون و200 ألف فلسطيني، إلى جنوبه، بعدما أصدر جيش الاحتلال صباح اليوم بيانًا يكشف مساعيه بشأن إخلاء نحو نصف مساحة قطاع غزة، وأمر "كل سكان غزة بإخلاء منازلهم والتوجه جنوبًا". وفق ما رصد مراسل المنصة، الذي تعرض بدوره للتهجير.
وخلال ساعات الفجر، قصف جيش الاحتلال بعشرات الصواريخ، أبراجًا شمال غرب مدينة غزة، ومنازل في بلدة بيت حانون شمال القطاع، وقرابة الساعة الثالثة فجر الجمعة، انتشرت معلومات تقول إن الاحتلال الإسرائيلي أبلغ موظفي الأمم المتحدة ووكالة الغوث بإخلاء شمال قطاع غزة "جباليا، بيت لاهيا، بيت حانون" ومدينة غزة، وحتى وادي غزة وسط القطاع، الذي يقسم القطاع إلى نصفين.
في البداية نفت المؤسسات الدولية المعلومات، وقالت وزارة الداخلية والأمن الوطني في قطاع غزة، التابعة لحركة حماس على جروب الواتساب الخاص بها إن الخبر "لا أساس له من الصحة، وأن ما يجري عبارة عن شائعات هدفها زعزعة الغزيين وثباتهم"، رغم تأكيد بعض العاملين في الصليب الأحمر من الفلسطينيين لذويهم بصحة المعلومات المتداولة.
ونقلت وكالة رويترز على لسان مسؤول أممي، أن "الجيش الإسرائيلي أبلغنا بضرورة انتقال كل سكان شمالي القطاع إلى جنوبه خلال 24 ساعة".
وعدَّ المكتب الإعلامي الحكومي بغزة البيان الإسرائيلي "دعاية زائفة"، وقال "نحث مواطنينا على عدم الانسياق وراءها، والبقاء في مناطقهم".
من جهتها، أعلنت حركة حماس "رفض تهديد قادة الاحتلال ودعوته لهم في غزة إلى ترك منازلهم والرحيل عنها إلى الجنوب أو إلى مصر"، فيما قالت كتائب القسام، الجناح المسلح لحماس، إن "13 أسيرًا قُتلوا في قصف العدو الهمجي على غزة خلال الـ24 ساعة الماضية".
ودعت وزارة الداخلية والأمن الوطني في قطاع غزة المواطنين إلى "عدم التجاوب مع التسجيلات الصوتية التي يوزعها الاحتلال عشوائيًا على أرقام الجوالات"، وقالت "في حال الشعور بالخطر المباشر نتيجة غارات الاحتلال يمكنك الانتقال إلى منزل بديل أو التوجه إلى أقرب مركز إيواء من مكان سكنك لحين زوال الخطر".
"يركز الاحتلال على الحرب النفسية لضرب الجبهة الداخلية وتشريد المواطنين من خلال نشر إعلانات ممولة تتضمن تسجيلات أو صور تطالب المواطنين بالرحيل عن بيوتهم وتهجيرهم وأخرى لضرب الروح المعنوية"، كما جاء في بيان الوزارة، التي شددت فيه على عدم التجاوب معها "الثبات الثبات، إنما النصر صبر ساعة".
وقرابة السابعة صباحًا، سيرت المؤسسات الأممية قوافل تنقل موظفيها الأجانب، والفلسطينيين وعائلاتهم، إلى مدرسة تتبع لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" غرب مدينة خانيونس جنوب القطاع، لتتوافد بعدها مركبات المواطنين المحملة بالاحتياجات الشخصية الضرورية، من غذاء وأدوية وملابس، متجهة نحو الجنوب.
وفي تمام الساعة الواحدة ظهرًا، ألقت طائرات إسرائيلية منشورًا في سماء النصف الشمالي للقطاع، كتب فيه "إلى سكان مدينة غزة، المنظمات الإرهابية بدأت الحرب ضد دولة إسرائيل، مدينة غزة أصبحت ساحة معركة، عليكم إخلاء بيوتكم فورًا والتوجه إلى جنوب وادي غزة".
"من أجل سلامتكم، عليكم ألا تعودوا حتى إشعار آخر من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي، يجب إخلاء الملاجئ العامة والمعروفة في مدينة غزة"، كما جاء في المنشور الذي حذر من الاقتراب من الجدار الأمني "وكل من يقترب يعرض نفسه للموت"، وهو ما تسبب بحركة نزوح جماعية، سيرًا على الأقدام وبالشاحنات، حتى أن عددًا كبيرًا من المواطنين لم يتوفر لهم وسيلة مواصلات.
وأبلغ ضباط الاتصال في جيش الاحتلال قادة فريق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزة أن "جميع سكان شمال وادي غزة (1.1 مليون فلسطيني) يجب أن ينتقلوا إلى جنوب القطاع خلال الـ24 ساعة المقبلة"، وفقًا للمتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك.
واستنكرت الأمم المتحدة البيان الإسرائيلي، وقالت على لسان دوجاريك، إنه "من المستحيل تنفيذ مثل هذا الأمر من دون عواقب إنسانية مدمرة، الأمر الذي أصدره الجيش الإسرائيلي يسري أيضًا على جميع موظفي الأمم المتحدة، بما في ذلك المدارس والمراكز الصحية والعيادات".
وأضافت "الأمم المتحدة تناشد بقوة إلغاء أي أمر من هذا القبيل، إذا تم تأكيده، لتجنب ما يمكن أن يحول ما هو بالفعل مأساة إلى وضع كارثي"، وهو ما اعتبرته حكومة الاحتلال "أمرًا مخزيًا".
وكانت بريطانيا أعلنت، أمس الخميس، إرسال سفينتين تابعتين للبحرية الملكية وطائرات إلى شرق البحر المتوسط "لدعم إسرائيل وتعزيز الأمن الإقليمي ومنع أي تصعيد"، بحسب بيان رئيس الوزراء ريشي سوناك الذي قال فيه "إلى جانب حلفائنا، ستبدأ الدوريات البحرية وطائرات المراقبة العمل في المنطقة اعتبارًا من الجمعة لرصد التهديدات للاستقرار الإقليمي، مثل نقل الأسلحة إلى جماعات إرهابية".
وتشمل القطع الحربية البريطانية المرسلة إلى شرق المتوسط "طائرة من طراز بي 8، وسفينتين تابعتين للبحرية الملكية، و3 مروحيات من طراز ميرلين، وسرية من مشاة البحرية الملكية"، وقالت الحكومة إن العسكريين سيكونون في وضع تأهب لتقديم "دعم عملي لإسرائيل يضمن الردع".
وعقب بيان الاحتلال الإسرائيلي، قالت وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين "الأونروا" إنها نقلت مركز عملياتها وموظفيها الدوليين إلى جنوب غزة لمواصلة عملياتها الإنسانية ودعم موظفيها واللاجئين الفلسطينيين، وأضافت على إكس "نحث السلطات الإسرائيلية على حماية جميع المدنيين في ملاجئ الأونروا بما في ذلك المدارس".
أما الناطقة باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، نيبال فرسخ، فأكدت "استحالة" ترحيل أكثر من مليون فلسطيني إلى جنوب غزة في أقل من 24 ساعة، وفقًا لأوامر جيش الاحتلال الإسرائيلي، وقالت لوكالة أسوشيتد برس "لا توجد طريقة يمكن من خلالها نقل أكثر من مليون شخص بأمان بهذه السرعة، انسَ الطعام. انسَ الكهرباء. انسَ الوقود. القلق الوحيد الآن هو ما إذا كنت العملية ستنجح أم لا، وما إذا كنت ستعيش".
وعن الأزمة الإنسانية التي يعاني منها قطاع غزة الآن، قالت "ماذا سيحدث لمرضانا؟ لدينا جرحى. لدينا كبار سن. لدينا أطفال في المستشفيات، إن العديد من الأطباء يرفضون إخلاء المستشفيات والتخلي عن المرضى".