"مصر القديمة" يهدم منزلًا ذا طابع تاريخي لإنشاء "تلال الفسطاط"
قال مصدر بمحافظة القاهرة، إن هدم منزل شطا بمصر القديمة، الذي يرجع تاريخ بنائه إلى 130 سنة ويحتفظ بطابع معماري مميز، جاء بقرار سيادي لا دخل للمحافظة أو الحي به، في وقت أخبر فيه أصحاب العقار المنصة أنهم سعوا لتسجيله أثرًا لدى وزارة الآثار لكنها تراجعت بعد إبداء موافقة مبدئية.
ويُشترط لاعتبار مبنى أثريًا أو تراثيًا أن يكون مر على تدشينه 100 عام، ويكون بحالة جيدة، وأن يحتوى المبنى على عناصر زخرافية سواء نباتية أو هندسية.
وأكد المصدر القريب من دائرة اتخاذ القرار بالمحافظة، شريطة عدم الكشف عن اسمه، في تصريحات إلى المنصة، أن قرار هدم المنزل المجاور لسور مجرى العيون، جاء ضمن مشروع "تلال الفسطاط التابع لرئاسة الجمهورية"، ولم يُشر المحافظ فيه، أو يراعي "الموقف الفني للمبنى من حيث كونه تراثيًا من عدمه".
وقام حي مصر القديمة، التابع لمحافظة القاهرة، بهدم منزل عائلة شطا وفايد، يوم السبت الماضي، بحجة أنه "منزل عشوائي" ويقع في نطاق خطة تطوير القاهرة القديمة.
ومشروع تلال الفسطاط هو مشروع ينفذه جهاز تعمير القاهرة الكبرى "لإعادة إحياء القاهرة التاريخية بشكل عصري"، عبر إنشاء حديقة ضخمة على مساحة 500 فدان، تتسع إلى جانب المساحات الخضراء لتضم مجموعة من الأنشطة الثقافية والتجارية والخدمات الفندقية والمسارح المكشوفة.
وأكد محمد شطا صاحب المنزل للمنصة، أن اعتبار المنزل عشوائيًا مناف للحقيقة، ففضلًا عن تاريخ إنشائه الذي يعود إلى بداية القرن العشرين، فإنه يمتلك ملامح معمارية مميزة، كما يحمل تاريخًا نضاليًا، حيث كان أحد المقرات التي جمعت أعضاء حزب الوفد في غضون ثورة 1919.
وأوضح شطا أنه رفع منذ أكثر من عامين دعوى قضائية لعدم هدم المنزل لقيمته المعمارية المغايرة عن سائر المباني العشوائية في المنطقة، "وكان القاضي مؤيدًا لذلك، حتى قال محامي الدولة في المحكمة بشكل صريح، إن القرار سيادي ولا شأن لجهاز التنسيق الحضاري أو الآثار به".
ويشير شطا إلى أنه رفع طلبًا إلى وزارة الآثار لضم منزل عائلته إلى قائمة المباني التراثية، وأحالته الوزارة إلى جهاز التنسيق الحضاري، الذي كلف لجنة لمعاينته، انتهت إلى عده منزلًا تراثيًا قبل أن تتراجع عن ذلك، قائلًا للمنصة "أنا شفت قرار الموافقة بعيني، لكن منعوني أصوره أو أخذ نسخة منه، وبعدين المجلس تراجع عن قراره، وقال إن المنزل مش تراثي ومفهوش أي ملمح فني أو معماري يستدعي ضمه".
وحاولت المنصة التواصل مع محمد أبو سعدة رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، على مدار يوم أمس الأربعاء، لكنه لم يجب اتصالاتنا أو رسائلنا عبر واتساب، فيما نفت عضو اللجنة العلمية بالمجلس، سهير زكي حواس، معرفتها إن كانت تمت الموافقة على تسجيل المنزل تراثيًا من عدمه، مؤكدة أن هدمه خاطئ في الحالتين نظرًا لطبيعته المعمارية والتاريخية التي تستدعي الحفاظ عليه.
وأبدت حواس استغرابها من تلك الخطوة في وقت تدشن فيه لدولة أرشيفًا قوميًا لتوثيق المباني التراثية بالقاهرة التاريخية.
وكانت وزارة الثقافة أعلنت بداية يناير الجاري، انتهائها من توثيق 400 كبداية لتدشين الأرشيف القومي للمباني التراثية ذات الطابع المعماري المتميز، وتقع كلها ضمن نطاق القاهرة الخديوية والتاريخية ومصر الجديدة.
يأتي ذلك في وقت تتجه الحكومة لإحداث تغيرات معمارية كبيرة، فلم يعد توجهها مقتصرًا على ترميم ما لديها من مباني ذات طابع تاريخي وثقافي مميز، بل تتجه إلى تدشين مدن وأحياء جديدة على أطرزة معمارية حديثة، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، وأبراج ماسبيرو الضخمة.