نظم حزب العيش والحرية (تحت التأسيس)، بالتعاون مع الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية، أمس الأحد، ندوة لمناقشة تداعيات تطبيق القانون رقم 165 لسنة 2025 الخاص بتعديل مواد الإيجار القديم.
وتناولت الندوة عددًا من القضايا المرتبطة بتطبيق القانون، من بينها الأجرة الجديدة، وتشكيل لجان الحصر، وآليات الطعن، والسكن البديل، بمشاركة نواب بالبرلمان وخبراء وباحثين وممثلين عن المستأجرين.
في أغسطس/آب الماضي، صدَّق الرئيس عبد الفتاح السيسي، على القانون، بما يؤثر على أكثر من 3 ملايين شقة، ويجبر أكثر من مليون ونصف المليون أسرة، تمثل 6.5% من السكان، على الإخلاء، بالإضافة إلى رفع القيمة الإيجارية.
وانتقد رئيس مجلس أمناء حزب التحالف الشعبي الاشتراكي زهدي الشامي التعديلات التي أُدخلت على القانون، معتبرًا أنها جاءت نتيجة ضغوط من الحكومة ولوبي المقاولين والمطورين العقاريين.
وشدد الشامي في كلمته بالندوة، على أن مشكلة الاقتصاد المصري لا تكمن في الإيجار القديم، وأن تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر لن يؤدي إلى تطويره، محذرًا من أن دفع هذه الأسر خارج منظومة السكن سيضر بالوطن.
وأشار إلى أن نسبة كبيرة من قاطني وحدات الإيجار القديم من أصحاب المعاشات، متابعًا "الحكومة تتعامل معهم بتوحش وعايزة ترميهم في المجهول في السكن البديل".
وانتقد آليات عمل لجان تحديد القيمة الإيجارية، قائلًا "بيشتغلوا على الورق من غير ما ينزلوا للمناطق وفي بعض المحافظات لم تبدأ هذه اللجان فيها العمل من الأساس".
وفي 20 أغسطس الماضي، أصدر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قرارًا بتشكيل لجان حصر لتصنيف المناطق السكنية المؤجرة بموجب قانون الإيجار القديم الجديد في مصر، وتقسيمها إلى فئات (متميزة، ومتوسطة، واقتصادية)، وبناء على هذا التصنيف تكون الزيادة 20 ضعفًا في المتميزة و10 أضعاف في المتوسطة والاقتصادية (مع حد أدنى مالي).
وقال عضو مجلس النواب عن حزب التجمع عاطف المغاوري إن الحكومة فقدت قدرًا من شرعيتها بانحيازها الصريح إلى طرف الملاك على حساب المستأجرين، موضحًا "وزير الإسكان قالنا هانوفر سكن بديل وفي الوقت نفسه هما مسلموش وحدات الإسكان الاجتماعي الخاصة بالإعلان رقم 16".
وانتقد مغاوري المنصة الإلكترونية التي أطلقتها الحكومة لتسجيل المستأجرين للحصول على سكن بديل، قائلًا "في أفضل الأحوال المنصة لن تستقبل 100 ألف حتى بعد مد فترة الاستقبال حتى 13 يناير 2026".
وأعلن وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة شريف الشربيني، أمس، أن عدد المتقدمين في منصة السكن البديل بلغ حتى الآن نحو 55 ألف شخص.
ومن جهته، قال عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي فريدي البياضي إن القضية لا تتعلق بأرقام مجردة، بل بأسر وعائلات.
وأشار إلى أنه قبل موافقة المجلس على القانون طلب من رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيانات تفصيلية عن أوضاع قاطني وحدات الإيجار القديم، لمعرفة التركيبة الاجتماعية للمستأجرين، موضحًا "عايزين نعرف قد إيه أصحاب المعاشات والأرامل، وغيرهم، قالنا دي معلومات صعب توفيرها، واللي قدر يوفره هو عدد الوحدات بس".
واقترح البياضي تدخل الدولة لدعم المستأجرين غير القادرين على سداد الأجرة الجديدة، سواء من خلال عوائد ضريبة القيمة العقارية أو عبر إنشاء صندوق مخصص، مؤكدًا أن السكن التزام على الدولة وليس مشروع ربح، باعتباره أحد مكونات الأمن القومي.
وأكد البياضي والمغاوري عزمهما العمل مع بداية الدورة التشريعية الجديدة تقديم تعديلات على القانون، وإلغاء النص الخاص بالإخلاء.
ومن جهته، قال المحامي ورئيس اتحاد المستأجرين شريف الجعار إن ما جرى في إقرار قانون الإيجار القديم يمثل "جريمة تشريعية خالف فيها النواب الدستور وحكم المحكمة الدستورية".
وأكد الجعار في كلمته، أن المستأجرين لا يرفضون تحريك الأجرة، موضحًا أن حكم المحكمة الدستورية الصادر عام 2002، بشأن إلغاء ثبات القيمة الإيجارية كان يعني زيادة نسبة مئوية على القيمة الحالية، وليس استحداث قيمة إيجارية جديدة.
ورفع الجعار قضايا في المحكمة الدستورية للطعن على دستورية تعديلات القانون، واختلف المحامي أحمد قناوي، مع الجعار في مدى جدوى تلك الطعون، قائلًا "كل التحركات دي بلاش نراهن عليها، المحكمة لن تقضي بعدم دستورية مواد القانون".
ومن جهتها، أشارت القيادية بحزب العيش والحرية ومنظمة الندوة إلهام عيداروس إلى أن القانون لم يذكر توفير مسكن بديل قبل انتهاء المدة السبع سنوات، مشيرة إلى أن ذلك يفتح الباب أمام أزمات اجتماعية واسعة.
وبدورها، قالت المحامية ماجدة رشوان، القيادية بالحزب الاشتراكي المصري، إن هناك أسبابًا خفية وراء صدور تعديلات قانون الإيجار القديم في هذا التوقيت، مشيرة إلى أن شركات عقارية، تسعى للسيطرة على مناطق بوسط القاهرة.
وأضافت أن ما يحدث في عدد من المناطق داخل مصر يرقى إلى تهجير قسري، متسائلة "هل لم يعد من حق المواطن المصري أن يمتلك حيزًا في بلده؟ بيستكتروا على مواطن من الوراق أن يكون عنده شقة بتبص على النيل.. ده حتى الدول الرأسمالية عندها عدالة اجتماعية خصوصًا في السكن".
ومن ناحيتها، قالت أستاذة العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية سالي محمود عاشور إن سياسات تسليع السكن تترتب عليها آثار اجتماعية غير محسومة، مشيرة إلى أن مصر من أكثر الدول التي تضخ استثمارات في القطاع العقاري، معتبرة أن هذا الاتجاه لا يخدم بالضرورة الاقتصاد الحقيقي، إذ يجري التعامل مع السكن كسلعة تشترى وتغلق بغرض الادخار والاستثمار.
وأضافت "عايزين حلول عقلانية تحدث توازن بين الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية"، موضحة أن أزمة الإيجار القديم لا يمكن اختزالها في طرف واحد، مؤكدة أن بعض المستأجرين يستفيدون بشكل غير عادل، في مقابل ملاك يتعرضون لظلم حقيقي.