تخطط الولايات المتحدة لتقسيم غزة على المدى الطويل إلى "منطقة خضراء" تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية والدولية، حيث تبدأ عملية إعادة الإعمار، و"منطقة حمراء" تترك في حالة خراب، في وقت صعّد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير لهجته، وكرر ادعاءاته بأنه "لا وجود لشعب فلسطيني".
وعن مخطط تقسيم غزة، ستنتشر قوات أجنبية في البداية جنبًا إلى جنب مع الجنود الإسرائيليين في شرق غزة، مما يترك القطاع المدمر مقسمًا بواسطة "الخط الأصفر" الذي تسيطر عليه إسرائيل حاليًا، وفقًا لوثائق التخطيط العسكري الأمريكي التي اطلعت عليها الجارديان ومصادر مطلعة على الخطط الأمريكية لم تسمها الصحيفة البريطانية.
ويرى المخططون العسكريون الأمريكيون أيضًا أن إعادة الإعمار داخل "المنطقة الخضراء" تشكل جزءًا من مسار غامض لإعادة توحيد غزة من خلال إقناع المدنيين الفلسطينيين بالتحرك عبر خط السيطرة الإسرائيلية.
قال مسؤول أمريكي "مع تقدم الأمور وتهيئة الظروف لإحراز تقدم ملموس في إعادة الإعمار، سيبدأ المدنيون الغزيون النازحون إلى هناك بالازدهار. سيقول الناس "نريد ذلك"، وهكذا تتطور الأمور في هذا الاتجاه. لا أحد يتحدث عن عملية عسكرية لفرض ذلك".
ولكن حتى تحديد "منطقة خضراء" في غزة قد يثير مقارنات مع العراق وأفغانستان، حيث أصبحت العبارة مرادفة لإخفاقات الجيش الأمريكي.
وفي بغداد وكابول، كانت المناطق الخضراء عبارة عن جيوب محاطة بحواجز خرسانية مضادة للانفجارات، حيث تراجعت القوات الغربية وحلفاؤها المحليون هربًا من العنف الذي أطلقته مهمتهم في المجتمعات المحيطة بهم، حسب الجارديان.
في الأثناء، صعّد بن غفير لهجته، وكرر ادعاءاته بأنه "لا وجود لشعب فلسطيني، وأن الفلسطينيين اختلاق بلا أساس تاريخي". واعتبر أن "منح الفلسطينيين دولة يشكل مكافأة للإرهاب"، على حد قوله، مضيفًا أن "الحل في غزة هو تشجيع الهجرة الطوعية (التهجير) وليس المسار السياسي".
فيما دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى "صياغة رد فوري مناسب وحاسم يوضح للعالم أجمع أنه لن تقوم دولة فلسطينية أبدًا"، وفق زعمه.
وفي بيان مشترك صدر الجمعة، دعت الولايات المتحدة وعدد من شركائها الإقليميين بينهم مصر وقطر والسعودية والإمارات وتركيا والأردن وباكستان وإندونيسيا، إلى الإسراع في تبني مشروع قرار أمريكي مقدم إلى مجلس الأمن، مؤكدين أن الخطة المقترحة "تُوفّر مسارًا عمليًا نحو السلام والاستقرار" للفلسطينيين والإسرائيليين والمنطقة بأسرها، فيما تسعى حماس إلى فيتو روسي صيني لإحباط المشروع الأمريكي بشأن غزة في مجلس الأمن.
ويبدو مشروع القرار الأمريكي أكثر اتساقًا مع سياسات الحكومة الإسرائيلية التي ترفض إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وفق قرار مجلس الأمن رقم 242 الذي يؤسس لحل الدولتين. ولم ترفض إدارة ترامب حل الدولتين صراحةً؛ ولكنها في الوقت نفسه لم تُبدِ حماسًا له وكثيرًا ما اتخّذت مواقف من شأنها تقويضه مثل الحديث عن ضرورة توسيع مساحة إسرائيل، بالإضافة إلى السيطرة على قطاع غزة وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
من جهته، استعرض وزير الخارجية بدر عبد العاطي في حوار مع صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، الجهود المصرية لتثبيت اتفاق شرم الشيخ وتنفيذ كامل بنوده، وأكد عبد العاطي "رفض مصر الكامل لأي محاولة لتقسيم قطاع غزة أو تهجير الفلسطينيين".
وشدد على أن "الحفاظ على وحدة الأراضي الفلسطينية يعد ركيزة أساسية لأي حل عادل ودائم وشامل"، حسبما ذكرت الخارجية المصرية في حسابها على "فيسبوك".
وأشار وزير الخارجية المصري إلى أن "حل الدولتين يظل الخيار الواقعي الوحيد لتحقيق السلام في المنطقة".
وتؤكد الدول الداعمة للمشروع الأمريكي أن خطة ترامب تمثل "جهدًا صادقًا" لفتح مسار سياسي جديد، خصوصًا بعد وصول الخطة إلى دعم رسمي واسع خلال اجتماع عقد في شرم الشيخ الشهر الماضي.
ومن المتوقع أن يشهد مجلس الأمن نقاشًا محتدمًا قبل التصويت، في ظل غياب صورة واضحة حول إمكان تمرير المشروع في مواجهة اعتراضات روسية واحتمال استخدام حق النقض (الفيتو).
ويُنتظر أن يشكل التصويت اختبارًا دوليًا مهمًا لخطة ترامب، وملامح المرحلة المقبلة في غزة، وسط توازنات معقدة ورهانات متضاربة حول مستقبل القطاع ومسار الصراع الأوسع في المنطقة.
ويرحّب المشروع الأمريكي، حسب نسخة قالت وكالة فرانس برس إنها اطلعت عليها، بإنشاء مجلس السلام العالمي كهيئة حكم انتقالية لقطاع غزة، ويمنحه ولاية حتى نهاية عام 2027. كما يتضمّن تفويضًا بتشكيل قوة استقرار دولية مؤقتة تعمل بالتنسيق مع إسرائيل ومصر والشرطة الفلسطينية المُدرَّبة حديثًا، بهدف تأمين الحدود والمشاركة في جهود نزع السلاح داخل غزة.