أدانت 36 منظمة حقوقية تصاعد تنفيذ عقوبة الإعدام في السعودية خلال العام الجاري سواءً للمواطنين أو الأجانب وبينهم أطفال قُصّر، واعتبرته انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، محذرة من أن المملكة تتجه نحو تسجيل رقم قياسي جديد في تاريخها الحديث على صعيد تنفيذ أحكام الإعدام، في تناقضٍ مع تعهداتها السابقة بتقييد استخدامها.
وقالت المنظمات في بيان مشترك أصدرته في اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، أمس، إن السلطات السعودية نفذت ما لا يقل عن 292 حكمًا بالإعدام منذ بداية عام 2025 وحتى التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بينهم أربع نساء، استنادًا إلى بيانات وكالة الأنباء السعودية الرسمية، لافتةً إلى أن هذا العدد يقترب من تجاوز الرقم القياسي المسجل العام الماضي والبالغ 345 حالة.
وحققت السعودية رقمًا قياسيًا في عدد حالات الإعدام العام الماضي، بعدما نفذت 345 حكمًا في 2024، مقابل 170 حكمًا فقط في 2023، و147 حكمًا في 2022 حسب إحصاء فرانس برس.
وبهذا المعدل، تحتل السعودية المرتبة الثالثة على قائمة الدول الأكثر تنفيذًا لأحكام الإعدام في العالم في عامي 2022 و2023 بعد الصين وإيران، حسب منظمة العفو الدولية ومقرّها في لندن.
وأضاف البيان أن السنوات الأخيرة شهدت عددًا كبيرًا من أحكام الإعدام للأجانب المدانين في قضايا تتعلق بالمخدرات، ومواطنين سعوديّين حُكم عليهم بسبب ممارستهم المعارضة السلميّة، وشابًا أُعدم على خلفيّة جريمة يُزعم أنه ارتكبها بينما كان لا يزال قاصرًا، مبينًا أن كل ذلك كان انتهاكًا صارخ للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأوضح البيان من بين المحكوم عليهم بالإعدام العام الجاري 195 شخصًا أُعدموا في قضايا تتعلق بالمخدرات، من بينهم 151 من الأجانب القادمين من دول آسيوية وإفريقية، بينهم 38 من الصومال و30 من إثيوبيا و23 من باكستان و16 من مصر و12 من أفغانستان.
ولفت إلى أن هذه الموجة من الإعدامات جاءت بعد التراجع عن وقف تنفيذ أحكام الإعدام في قضايا المخدرات الذي استمر 33 شهرًا بين فبراير/شباط 2020 ونوفمبر/تشرين الثاني 2022، ما يثير مخاوف جدّية بشأن حياة مئات السجناء الآخرين المهددين بالإعدام الوشيك على خلفيّة جرائم غير مميتة تتعلق بالمخدرات.
ونوهت المنظمات بأن الأجانب في السعودية يواجهون انتهاكات متكررة لحقوقهم أثناء الاعتقال والمحاكمة، منها الحرمان من المساعدة القنصلية، وغياب الدفاع القانوني الكافي، ونقص خدمات الترجمة، ما يجعل إعداد دفاع قانوني فعال أمرًا شبه مستحيل.
وأوضح أن 34 رجلًا أُعدموا في العام الجاري بتهم مرتبطة بالإرهاب، وهي تهم فضفاضة قد تشمل أفعالًا لا تستوجب الإعدام بطبيعتها.
ولفت إلى أن إعدام الصحفي السعودي تركي الجاسر في يونيو/حزيران الماضي بعد سبع سنوات من الاختفاء القسري يمثل مثالًا على استخدام العقوبة لقمع حرية التعبير، بينما لا يزال الداعيتان سلمان العودة وحسن فرحان المالكي يواجهان خطر الإعدام في محاكمات مطوّلة دون أسبابٍ معروفة.
ونددت المنظمات بإعدام الشاب جلال اللبّاد في 21 أغسطس/آب الماضي، رغم أن الجرائم المنسوبة إليه ارتُكبت عندما كان قاصرًا، معتبرةً ذلك دحضًا لادعاءات السعودية بوقف إعدام الأحداث. وأعربت عن قلقها من مصير عدد من القاصرين الآخرين الذين صدرت بحقهم أحكام مماثلة، بينهم عبدالله الدرازي ويوسف المناصف وعلي السبيتي وجواد قريريص وحسن الفرج.
وانتقد البيان ما وصفه بـ"التناقض الصارخ" بين تصاعد الإعدامات ومحاولات الرياض تلميع صورتها دوليًا من خلال مشاريع كبرى مثل "نيوم" واستثماراتها الرياضية، بما في ذلك استضافة كأس العالم لكرة القدم 2034، في ظل استمرار القمع داخل البلاد.
ودعت المنظمات السلطات السعودية إلى فرض وقف فوري لتنفيذ جميع أحكام الإعدام تمهيدًا لإلغائها بالكامل، وإلى تعديل القوانين المحلية لإلغاء العقوبة في الجرائم غير المميتة، واستبدال عقوبات أخرى بجميع أحكام الإعدام، بما يشمل القاصرين والمحكومين في قضايا لا تنطوي على القتل العمد؛ وضمان الشفافية في نشر البيانات والسماح بالرقابة المستقلة على أوضاع المحكومين بالإعدام، والإفراج غير المشروط عن جميع المحكوم عليهم بالإعدام بسبب نشاطهم السلمي.
كما طالبت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وشركاء السعودية الدوليين بمتابعة وتوثيق تصاعد تنفيذ الإعدامات، والضغط من أجل فرض وقف مؤقت للعقوبة في انتظار إلغائها التام.
وحمل البيان المشترك توقيعات منظمات ACAT ألمانيا، والأكاديمية الدبلوماسية الإفريقية، والقسط لحقوق الإنسان، وأمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، ومنظّمة العفو الدوليّة، وتحالف المدافعين عن حقوق الإنسان الصوماليين، ونقابة المحامين في بورتو ريكو، ومركز كورنيل لعقوبة الإعدام في جميع أنحاء العالم، والتركيز على عقوبة الإعدام، وجمعية معًا لمناهضة عقوبة الإعدام.
كما شمل البيان توقيعات المفوضية المصرية للحقوق والحريات، والمنبر المصري لحقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمنظّمة الأوروبيّة السعوديّة لحقوق الإنسان، وفير سكوير، وفيمينا، والتحالف الألماني لإلغاء عقوبة الإعدام، ومركز الخليج لحقوق الإنسان، والمنظمة الدولية للحد من الضرر، ووكالة أنباء هورن أفريك لحقوق الإنسان، ومركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس"، وهيومانيتي دياسبو، ومعهد حقوق الإنسان التابع لنقابة المحامين الدولية.
وتضمنت التوقيعات كلًا من الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، ولجنة العدالة الأحداث وحقوق الطفل في نقابة المحامين في لاهور، ولجنة حقوق الإنسان في كينيا، ومراقبة الوعي القانوني في باكستان، والمركز القانوني لحقوق الإنسان، ومعهد المساعدة القانونية المجتمعية، ومنّا لحقوق الإنسان، والمنظّمة التونسيّة لمناهضة التعذيب، وريبريف، وسيناء لحقوق الإنسان، ومشروع الإدماج في نيجيريا، ومعهد UIA لسيادة القانون، ومجموعة العمل للعدالة الانتقالية.
من ناحيتها، تؤكد السلطات السعودية أنها تنفذ الأحكام "بعد استنفاد المتهمين كل درجات التقاضي"، مشددة على أن "حكومة المملكة حريصة على استتباب الأمن وتحقيق العدل ومحاربة المخدرات".