دخل عاملات وعمال شركة لينين جروب للنسيج والمفروشات بالمنطقة الحرة بالعامرية في الإسكندرية، منذ أمس الأربعاء، في إضراب عن العمل عقب وفاة طفلة رضيعة على ذراع أمها العاملة بعد رفض الإدارة منح الأم إجازة أو إذنًا للذهاب بابنتها المريضة إلى المستشفى، واحتجاز الأم لثلاث ساعات داخل الشركة، وفق عمال تحدثوا لـ المنصة بينهم والدة الرضيعة، العاملة دعاء محمد.
وتوجهت والدة الرضيعة المتوفاة بصحبة عدد من زميلاتها صباح اليوم الخميس إلى قسم شرطة الدخيلة لتحرير محضر ضد الإدارة بالتسبب في وفاة ابنتها.
وتحاصر قوات من الشرطة مدعومة بسيارات الأمن المركزي بوابات الشركة، فيما هدد ضباط من الأمن الوطني العمال الغاضبين بالقبض عليهم إذا لم يفضوا تجمهرهم، حسب العمال، الذين أكدوا أن قوات الشرطة الموجودة أمام الشركة اليوم تعدت على عاملين من العمال المحتجين بالضرب، واحتجزتهما داخل إحدى سيارات الشرطة، إلى أن اضطرت إلى إطلاق صراحهما، بعد ضغط العاملات ومحاصرتهن للسيارة المحتجز بها زميلاهما.
جانب من قوات الشرطة أمام شركة لينين جروب للنسيج والمفروشات، 10 سبتمبر 2025وتروي العاملة دعاء محمد والدة الرضيعة المتوفاة ما حدث لـ المنصة "كنت في إجازة وضع لمدة ثلاثة أشهر، رجعت منها من 10 أيام، بنتي تعبت جدًا امبارح، عندها ميكروب في المعدة، حاولت أتصل بالتليفون علشان أخد إجازة ما عرفتش، اضطريت أجي الشركة الساعة 7 صباحًا، علشان كنت غايبة قبلها بيوم معاها في المستشفى، لأن اللي بيغيب بدون إذن لمدة يومين بيتخصم منه الـ2000 جنيه بدل غلاء المعيشة، واحنا محتاجين كل جنيه من المرتب".
وأضافت أن المديرة رفضت منحها إجازة أو إذنًا رغم أنها رأت ابنتها المريضة على يدها، وظلت ثلاث ساعات تتوسل، حتى أبلغها موظف في الإتش آر أنه وافق على الإجازة على الرغم من رفض المديرة، "يدوب خرجت من الشركة والبنت ماتت على إيديا، روحت المستشفى قالولي انتي صبرتي عليها ليه ده كله" تقول الأم باكية.
وأشارت دعاء إلى أنها كانت في حكم المحتجزة لأن الأمن يرفض خروج أي عامل قبل موعد انصراف الوردية إلا بإذن أو تصريح خروج.
وقالت عاملة ثانية إنه عقب وفاة الرضيعة دخل عمال مصنع "التفصيل 1" الذي تعمل به دعاء، ومصنع "الأتوماتيك" في إضراب عن العمل، أمس الأربعاء، ثم انضم إليهما اليوم كل مصانع الشركة، التي توقفت تمامًا عن الإنتاج.
وطالب العمال بمحاسبة المسؤولين عن موت الطفلة، وإلغاء الشروط التعسفية التي تضعها الشركة لاستحقاق بدل غلاء المعيشة، وصرف الراتب بحد أقصى يوم 5 من كل شهر، مضيفة "الشركة اتعودت في الشهور الأخيرة على تأخير المرتب ليوم 10 و15 من كل شهر، واحنا كلنا ورانا التزامات وبنصرف على بيوتنا وعندنا عيال عايزة تاكل وتشرب وتتعالج، مرتب شهر 8 مثلًا لسه متحول امبارح، بعد موت الطفلة".
جانب من إضراب عمال شركة لينين جروب للنسيج والمفروشات، 10 سبتمبر 2025وقال مصدر عمالي ثالث لـ المنصة إن اجتماعًا عُقد أمس بين الإدارة وأعضاء من النقابة المستقلة بـ"لينين جروب" طالب فيه أعضاء النقابة بالتحقيق مع المسؤولين عن احتجاز أم الرضيعة المتوفاة ورفض منحها إجازة، وإلغاء تعقيدات حصول العمال على الإجازات، وصرف الرواتب في موعدها، وصرف بدل مخاطر 7 أيام شهريًا، وإلغاء شروط الحصول على بدل غلاء المعيشة، "التي هدفها الخصم من رواتب العمال"، و"أكل حقوقهم" على حد وصفه، لكن الاجتماع لم يتوصل إلى شيء.
وأشار العامل إلى أن الإدارة تحايلت على تطبيق الحد الأدنى، باحتساب بدل غلاء المعيشة كجزء منه، ومع ذلك تقوم بخصم البدل كاملًا (2000 جنيه) إذا تغيب العامل ليومين، إضافة إلى خصم يوم الغياب بيومين، كما يُجبر العمال على نصف ساعة إضافية بلا أجر.
من جانبه اعتبر رئيس الاتحاد المصري للنقابات العمالية شريف المصري أن ما يحدث مع عمال لينين جروب "هو نوع من إذلال العمال، وكأن العمال يتسولون رواتبهم، وإجازاتهم الرسمية التي يكفلها القانون".
وأضاف لـ المنصة أن أجر العمال وإجازاتهم حق لا ينبغي لأحد أن يمنعه أو يعطله، وعلى الجهات الرسمية وعلى رأسها وزارة العمل أن تحفظه وتضمن تنفيذه، وأن تضمن عدم تشغيل العمال أكثر من ساعات العمل الرسمية، والتزام رجال الأعمال بذلك وعدم مخالفتهم لقانون العمل.
وأعلن الاتحاد المصري للنقابات العمالية (تحت التأسيس)، في بيان له، تضامنه مع أم الرضيعة المتوفاة، ومع إضراب عمال لينين جروب ونقابتهم المستقلة، دفاعًا عن حقوقهم المشروعة وكرامتهم الإنسانية.
واعتبر البيان أن "هذه الواقعة المفجعة تمثل جريمة إنسانية وأخلاقية وقانونية تتحمل مسؤوليتها إدارة الشركة أولًا وأخيرًا، وأن ما حدث لا يعد مجرد مخالفة لقانون العمل أو انتهاك لحقوق العمال فقط، بل هو انتهاك صريح للدستور المصري، وللمواثيق والاتفاقيات الدولية التي تكفل الحق في الأجر العادل وفي بيئة عمل آمنة وكريمة. وهو أيضًا استخفاف بكرامة الإنسان وبأبسط الحقوق في الحياة".
وطالب البيان بتطبيق "الحد الأدنى للأجور المقرر قانونًا، والالتزام بساعات العمل القانونية، وتوفير معايير السلامة والصحة المهنية، وصرف بدل مخاطر، والدخول في مفاوضة حقيقية مع ممثلي العمال، وإبرام اتفاقية عمل جماعية".