قال مصدران حكوميان إن وزارة الإسكان أقرت مجموعة من التيسيرات على الرسوم المفروضة على الأراضي في منطقة الساحل الشمالي، في محاولة لتهدئة اعتراضات المستثمرين العقاريين على قرارات فرض رسوم لتمويل تحسين الطرق بالمنطقة.
وأوضح مصدر مطلع على الملف بالوزارة لـ المنصة، طالبًا عدم نشر اسمه، أن القرار يقضي بسداد 10% فقط من قيمة الرسوم المستحقة دفعة مقدمة، مع تقسيط باقي المبلغ على خمس سنوات، لتخفيف الأعباء المالية على الشركات، مشيرًا إلى أن المخالفات البسيطة لن تكون سببًا في سحب الأراضي من المطورين، في إشارة إلى مزيد من المرونة في التطبيق.
كانت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة أعلنت في يوليو/تموز الماضي فرض رسوم تصل إلى 1500 جنيه للمتر المربع تحت بند "تحسين طريق"، ورسوم إضافية تصل إلى 1000 جنيه للمشروعات العقارية والسياحية التي تشارك في تنفيذها أكثر من جهة.
وتضمنت قائمة الشركات التي تلقت مخاطبات رسمية من جانب هيئة المجتمعات العمرانية لسداد الرسوم "بالم هيلز" و"سوديك" و"تطوير مصر" و"الأهلي صبور" و"الراجحي" و"إعمار مصر" و"ماونتن فيو" و"المراسم" و"لافيستا".
هذه القرارات قوبلت بانتقادات حادة من جانب المستثمرين، من بينهم رجل الأعمال نجيب ساويرس الذي وصفها بـ"غير القانونية"، فيما اعتبرها رئيس جمعية رجال الأعمال علي عيسى "غير مقبولة".
سوء تفاهم
لكن مصدرًا مطلعًا بهيئة المجتمعات العمرانية أوضح لـ المنصة أن الاعتراضات جاءت نتيجة "سوء فهم"، مؤكدًا أن الرسوم لن تطبق بأثر رجعي على المشروعات القائمة، وأنها ستقتصر على نحو 50 قطعة أرض فقط لم تُنفذ عليها مشروعات حتى الآن.
وأوضح المصدر، طالبًا عدم نشر اسمه، أن الأراضي المطورة التي أصبحت مشروعات قائمة بالفعل معافاة من الرسوم بشكل كامل، مبينًا أن الهيئة تعتزم إعفاء الأراضي المباعة مؤخرًا من جانبها لصالح المطورين والشركات بشكل عام من أي رسوم جديدة، فسعر بيع الأرض شمل كل الرسوم المطلوبة إضافة إلى إعفاء الأراضي المخصصة للنشاط الزراعي.
وأشار إلى أن القرار يشمل الأراضي المباعة منذ فترات طويلة ولم تنفذ عليها مشروعات بشرط أن يكون نشاطها سكنيًّا أو سياحيًّا أو تجاريًا، ونسبة تلك الأراضي تقل عن 50% بمنطقة الساحل الشمالي.
خطوة لإنهاء الأزمة
من جانبها، رحبت غرفة التطوير العقاري بالتعديلات، وقال المدير التنفيذي للغرفة أسامة سعد الدين لـ المنصة، إن الخطوة "تنهي الأزمة بشكل كبير"، مشيدًا بتفهم وزير الإسكان شريف الشربيني لمطالب المستثمرين، وتوجهها لتقديم التيسيرات للمستثمرين خلال الفترة المقبلة.
وأشار عضو بغرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات، فضّل عدم الكشف عن اسمه، إلى إيجابية التعديلات التي تعتزم الحكومة تطبيقها خاصة بعدما تلقت الغرفة عشرات الشكاوى الشفهية والرسمية من جانب شركات التطوير العقاري بمنطقة الساحل الشمالي من تلك الرسوم لما سيتبعها من تأثيرات سلبية على القطاع وأسعار الوحدات.
لكنه في الوقت ذاته شدد على ضرورة وضوح القرارات الحكومية قبل إصدارها حتى لا تثير بلبلة في السوق، مطالبًا بالمساواة بين جميع الشركات دون منح امتيازات لمطور بعينه، وقال "يجب التعامل مع كل الشركات بمسطرة واحدة وعدم منح أي مستثمرين سواء محليين أو عربًا أفضلية أو مزايا في مسألة تحديد نسبة الدفعة المقدمة أو فترات سداد الأقساط حتى يشعر القطاع بالعدالة في التطبيق".
والأسبوع الجاري، قال مؤسس شركة إعمار العقارية محمد العبار إنه "بالطبع لا نحب المفاجآت فيما يتعلق برسوم الساحل الشمالي ولكننا في مفاوضات مع الحكومة بشأنها"، حسب موقع العربية.
لماذا رسوم "التحسين"؟
وأكد المصدر بهيئة المجتمعات العمرانية أن الهدف من الرسوم هو تمويل تحسين الطرق والمماشي السياحية وتطوير البنية التحتية، وهو ما سيعود بالنفع على الدولة والمطورين والزبائن على حد سواء.
ووجه المصدر تساؤلًا للمطورين، "هل من المنطقي أن يجري سداد تكلفة تحسين الطريق عبر أموال الحكومة التي هي في النهاية أموال المواطنين البسطاء وفي المقابل يستفاد من عملية التحسين أصحاب مشروعات استثمارية ضخمة على حساب المواطنين؟".
كما يرى المدير التنفيذي لغرفة التطوير العقاري أن تحسين الطرق وإنشاء معالم سياحية بالمنطقة كفيل بمضاعفة سعر بيع الوحدات بمشروعات شركات التطوير العقاري، وبالتالي فالشركات المستفيد الأكبر من تلك الخطوة خاصة بعد الإعفاءات المنتظرة.
وقال المصدر بوزارة الإسكان "الحكومة دورها تساعد المطورين في تطوير وتعمير الأراضي في مختلف المحافظات وفكرة تحسين الطرق هترفع من قيمة المشروعات وتجذب العملاء والسائحين بشكل أكبر ولازم الناس تفكر أنه مش من الطبيعي نحط حاجات قدام الناس تعرقل التنمية اللي بنستهدفها كلنا".
مشكلة الرسوم لم تكن الوحيدة التي واجهت المستثمرين في منطقة الساحل الشمالي، إذ دخلت 123 شركة تطوير عقاري يونيو الماضي في مفاوضات مع وزارة الإسكان لتقنين أوضاع أراضيها في المنطقة، قبل أن يشكل مجلس الوزراء لجنة حكومية لإعادة تقييم وتنظيم الأراضي في المنطقة، حسب ما نشره موقع البورصة.
وفي 6 أغسطس/آب الماضي، تراجعت هيئة المجتمعات العمرانية مؤقتًا عن قرارات سحب عدد من الأراضي بالساحل؛ بسبب خطأ إجرائي تمثل في عدم توجيه إخطار مسبق لأصحاب الأراضي غير الملتزمة باشتراطات التخصيص قبل اتخاذ قرار السحب، حسبما أكد مصدر مطلع على ملف الطروحات بالهيئة في تصريحات سابقة لـ المنصة.