أعربت منظمات حقوق رقمية وصحفيون وأكاديميون من المملكة المتحدة وأوروبا والولايات المتحدة عن قلقهم البالغ من تداعيات قرار الحكومة البريطانية تصنيف حركة Palestine Action كمنظمة إرهابية بموجب قانون الإرهاب لعام 2000، محذرين من تأثير القرار على حرية التعبير والنشاط الرقمي المشروع في البلاد.
وفي خطاب مشترك وُجه إلى هيئة تنظيم الاتصالات والإعلام في المملكة المتحدة/Ofcom، وشركات التكنولوجيا الكبرى بما في ذلك Meta وAlphabet وX وByteDance، شدد الموقعون على أن القرار الحكومي يثير أسئلة عاجلة بشأن الدور الذي تلعبه الهيئات التنظيمية ومنصات السوشيال ميديا في حماية الحق في التعبير على الإنترنت.
الخطاب أشار إلى أن تصنيف Palestine Action كمنظمة إرهابية قد يؤدي إلى تقييد أشكال أخرى من الاحتجاج السلمي والمشروع، كما يُعرض الأفراد المتضامنين عبر الإنترنت أو من يشاركون في توثيق الانتهاكات لخطر الرقابة والملاحقة.
وأكدت المنظمات أن كثيرًا من المعلومات حول جرائم الحرب والانتهاكات الحقوقية كانت تصل إلى الجمهور البريطاني من خلال المحتوى المتداول على منصات مثل إنستجرام وتيك توك وX، مما ساعد على تشكيل الرأي العام بشكل مستقل عن الرواية الرسمية.
ولفت الموقعون إلى أن الحظر يدفع المنصات إلى إزالة المزيد من المحتوى المتعلق بفلسطين، ويشجع الخوارزميات على إخفاء منشورات التضامن، ويترك الصحفيين المواطنين والمستخدمين عرضة للمراقبة وحتى للمساءلة الجنائية، لمجرد مشاركة أو الإعجاب بمنشورات تتناول "حراكًا غير عنيفًا".
وأشارت المنظمات إلى تسجيل حالات بالفعل لأفراد تم توقيفهم بسبب تعبيرهم العلني عن دعمهم لـPalestine Action، من بينهم كاهن متقاعد يبلغ من العمر 83 عامًا. وتُظهر هذه الحوادث، حسب الخطاب، أن الخطاب السياسي المتمتع بأعلى درجات الحماية القانونية يتعرض لمراقبة متزايدة وحذف منظم على منصات رقمية رئيسية.
المنظمات المشاركة في الخطاب عبّرت عن قلقها أيضًا من الغموض القانوني المحيط بتعريف "الإرهاب" في القانون البريطاني، حيث يمكن محاكمة الأفراد ليس فقط لمشاركتهم الفعلية، بل لمجرد تعبيرهم عن "الدعم" بشكل يُعتبر "متهورًا" في تشجيع آخرين على دعم المنظمة.
واعتبر الموقعون أن هذا التعريف الواسع يخلق مناخًا من الرقابة الذاتية، ويدفع المستخدمين لتجنب التعبير عن آرائهم خوفًا من الوقوع تحت طائلة القانون.
كما حذرت المنظمات من أن قانون السلامة الرقمية البريطاني/Online Safety Act يُفاقم من هذه التهديدات، إذ يمنح هيئة تنظيم الاتصالات والإعلام في المملكة المتحدة صلاحيات واسعة لإلزام المنصات بحذف محتوى "مرتبط بالإرهاب"، بما في ذلك ما يُتداول في الرسائل المشفرة.
وبخلاف مواطني الاتحاد الأوروبي الذين يتمتعون بحق الطعن بموجب قانون الخدمات الرقمية/DSA، فإن المستخدمين في المملكة المتحدة يفتقرون إلى آليات فعالة للطعن عند حذف محتواهم بشكل خاطئ.
يُذكر أن الخطاب انتقد ما وصفه بـ"استراتيجية الالتفاف" التي تنصح بها هيئة تنظيم الاتصالات والإعلام في المملكة المتحدة المنصات الرقمية، والمتمثلة في حذف محتوى أكثر مما يفرضه القانون لتجنب العقوبات. ورأى أن هذه الاستراتيجية تشجع على رقابة آلية مفرطة تستهدف بشكل غير متكافئ الخطاب السياسي، وخاصة أصوات المهمشين، بمن فيهم النشطاء الفلسطينيون.
وفي ختام البيان، طالب الموقعون هيئة تنظيم الاتصالات والإعلام في المملكة المتحدة والمنصات الرقمية بإصدار توجيهات واضحة تميز بين التعبير المشروع والدعم الفعلي لمنظمة محظورة، وضمان حماية الصحفيين المواطنين والموثقين من الحذف التعسفي، ونشر السياسات المتعلقة بالمحتوى الفلسطيني بشفافية، والتوقف عن فرض الحذف العالمي لمحتويات قانونية خارج بريطانيا. كما دعوا إلى إنشاء آليات طعن مستقلة لضمان العدالة في حال فشل أنظمة الاستئناف الداخلية للمنصات.