لقي عامل مصرعه وأصيب ثلاثة آخرون بمصنع "غزل 1" الجديد التابع لشركة غزل المحلة، فجر الثلاثاء، في ظروف وصفها مصدر بالشركة تحدث لـ المنصة بـ"الملتبسة"، معتقدًا أن يكون ما حدث نتيجة الرطوبة العالية وقلة التهوية، حيث شعر العمال الأربعة "بضيق في التنفس واختناق شديد" خلال عملهم قبل أن يفارق أحدهم الحياة.
وأصدرت إدارة الشركة، بيانًا على صفحة العلاقات العامة بشركة غزل المحلة على فيسبوك حذفته لاحقًا، قالت فيه إن الوفاة بسبب "توقف مفاجئ بعضلة القلب أثناء تأدية عمله"، وأن الثلاثة المصابين "من زملائه المقربين" وأن إصابتهم نتيجة "حالة من الهلع أدت إلى هبوط الضغط حزنًا عليه، وتم نقلهم لتلقي الإسعافات الأولية وهم الآن بحالة مستقرة وغادروا المستشفى بسلام".

بيان صفحة العلاقات العامة بشركة غزل المحلة على فيسبوك المحذوف، 29 يوليو 2025واعتبر المصدر العمالي، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن البيان المحذوف فيه "استباق للتحقيقات، واستخفاف بالعقول، والهدف منه هو تنصل الإدارة من أية مسؤولية تتعلق بتقصير محتمل في إجراءات السلامة والصحة المهنية".
وأضاف المصدر أن عددًا كبيرًا من عمال مصنع "غزل 1" وأغلبهم من المعينين الجدد، عبر شركات توظيف، خرجوا من المصنع في حالة من الهلع، وخوفًا من تكرار حوادث الاختناق.
ونعت دار الخدمات النقابية والعمالية العامل المتوفى مصطفى الكيلاني، معتبرة أن الوقائع التي تقع في شركة غزل المحلة ليست بمعزل عن سلسلة من الحوادث وقعت خلال العام الأخير وراح ضحيتها عمال في مواقع متعددة، من بينهم ضحايا حريق سنترال رمسيس خلال أعمال صيانة، بالإضافة إلى الحوادث المتكررة على الطرق التي يتعرض لها العمال أثناء تنقلهم في وسائل تفتقر لأدنى درجات الأمان.
وأضاف البيان أن "هذا التتابع في الكوارث المرتبطة بمواقع العمل يعكس هشاشة حقيقية في تطبيق اشتراطات السلامة المهنية على مستوى واسع، وغيابًا للمحاسبة والردع، خاصة في ظل شيوع نماذج التعاقد غير المستقر كالعقود المؤقتة أو من الباطن".
وطالبت الدار بفتح تحقيق شفاف ومستقل في ملابسات الحادث، ونشر نتائج التحقيق في حادث محطة الكهرباء السابقة، ومحاسبة المسؤولين عن هذا الإهمال المتكرر.
وحسب المصدر بالشركة، تَلا الواقعة إصابة عاملين اثنين آخرين ظهر اليوم بنفس الأعراض، وأشار إلى أن المتوفى والمصابين من العمال الذين تم تعيينهم عبر إحدى شركات إلحاق العمالة "من الباطن".
وأقبلت شركة مصر للغزل والنسيج (غزل المحلة) بداية يوليو/تموز الحالي على تعيين عدد من العمال عبر إحدى شركات إلحاق العمالة "من الباطن" براتب أقل من الحد الأدنى للأجور الذي يبلغ 7 آلاف جنيه، ما اعتبرته حينها لجنة الحريات النقابية، التي تضم دار الخدمات النقابية واتحاد تضامن النقابات العمالية وعددًا من مكاتب العمال في الأحزاب "تجاوز فج" واعتداء واضح على حقوق العمال "تمثل خصخصة مقنّعة للوظائف العامة، وتفتح الباب واسعًا أمام التلاعب بمصائر آلاف العمال".
وفي فبراير/شباط الماضي أدى انفجار خزان مياه داخل محطة الكهرباء القديمة بشركة غزل المحلة إلى وفاة ثلاثة عمال، وإصابة آخر، وهو الحادث الذي وصفته إدارة الشركة حينها أيضًا بأنه "محدود" ولم يتسبب في "خسائر واسعة".
يذكر أن مصنع "غزل 1" افتتحه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي في ديسمبر/كانون الأول 2024 داخل شركة غزل المحلة، وأشاد به ووصفه بأنه أكبر مصنع للغزل في العالم من حيث عدد المرادن تحت سقف واحد، بواقع 182784 مردنًا، وبمساحة 62 ألف متر بطاقة 15 طنًا يوميًا من الخيوط الرفيعة من الأقطان المصرية فائقة الطول، وأن جميع إنتاج المصنع مخصص للتصدير.