أصدرت الإدارة المركزية بوزارة التربية والتعليم الأسبوع الماضي منشورًا رسميًا بتعديلات المناهج الدراسية، مما تسبب في إرباك الطلاب والمدرسين على حد سواء، وكذلك سوق الكتب الخارجية.
وحسب المنشور، تقرر تعديل منهج اللغة العربية من مرحلة رياض الأطفال حتى الصف الثاني الإعدادي، وكذلك تعديل مناهج الدراسات والتربية الدينية واللغة الإنجليزية للصفوف الرابع والخامس والسادس الابتدائي.
بين الجمود.. وغياب التطوير
وقالت أمل توفيق، والدة الطالبتين فريدة ورقية في الصفين السادس والثالث الابتدائي، إن التعديل المستمر على المناهج تسبب في ربكة شخصية لها، لكونها تعمل خلال الإجازة الصيفية على دراسة المنهج بنفسها لتستطيع متابعة دراسة طفلتيها.
وأضافت لـ المنصة أن التعديلات على المناهج ليست مفهومة "أحيانا تكون عشوائية، فمثلًا منهج مادة الدراسات بعد التعديل أصبح متشابهًا بين مقرر الصف الرابع والخامس، رغم أن هذا المنهج تم إقراره من عدة سنوات، مع بداية النظام الجديد الذي تم تطبيقه أول مرة على طلاب الصف الثاني الإعدادي حاليًا".
وأوضحت أن هناك مناهج تراكمية، مثل منهج النحو في مادة اللغة العربية، فالقواعد مستمرة مع الطلاب من الصف الأول الابتدائي حتى الثالث الثانوي لذلك فالتعديل المستمر يفقد الطالب قدرته على الربط بينها، مشيرة إلى أنها تعاني هذا العام من غياب المنهج وتجهيز الخطة الدراسية لابنتيها.
مخاوف أمل توفيق تتطابق مع ما قاله أستاذ البحوث التربوية ورئيس مجلس أمناء مركز الحق في التعليم الدكتور كمال مغيث، الذي أوضح لـ المنصة أن التعديلات المستمرة على المناهج تتسبب في الإضرار بالخريطة المعرفية، وهي الخريطة التي تضم تقسيم المحتوى العلمي للمادة على سنوات الدراسة بما يتناسب مرحلته السنية.
وقال مغيث "إننا نقع بين خطرين؛ الأول الجمود وهو أن تظل المناهج مستمرة دون أي تعديلات لفترات طويلة من الزمن كما لو كان لا يوجد أي تطور وهذا عاشته مصر لفترات طويلة، والثاني هو التطوير غير المحسوب وغير المخطط له وهو ما يجري الآن، حيث يتم التعديل على المناهج بصورة مستمرة دون أي حساب للخريطة المعرفية للمنهج، ودون حتى إعلان عن أسباب هذه التعديلات، لأن الوزارة في فترة محمد عبد اللطيف ترفع شعار عدم الحوار".
لم يكن ضمن المتضررين من تعديلات المناهج دور النشر الخاصة بالكتب الخارجية، وهي الدور التي تعرضت لأزمة صعبة العام الماضي بعد إقرار نظام جديد للثانوية العامة في اللحظات الأخيرة من الإجازة الصيفية، مما تسبب في خسائر كبيرة، خاصة بعد تحذيرات وزارة التربية والتعليم من عدم تطابق المحتوى.
وقال نائب رئيس شعبة الأدوات المكتبية باتحاد الغرف التجارية بركات صفا لـ المنصة إن أزمة العام الماضي لم تتكرر وأن الكتب الخارجية الجديدة متوفرة بالمناهج الجديدة، وقال صاحب دار نشر الغريب التي تصدر سلسلة كتب "الوسام" إسلام غريب لـ المنصة إن دور النشر تعلم بالتعديلات في المناهج، وعلى سبيل المثال يعلم هو بأن هناك تعديلات على منهج الصف الثانوي لكن لم يعلم بما هي التعديلات؟ لذلك لم يطبع الكتب حتى الآن.
من جانبه قال نائب وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الدكتور أيمن بهاء الدين لـ المنصة إن دور النشر التي تقدمت بطلب لترخيص الطباعة لم تتعرض لأي أزمات سواء العام الماضي أو الحالي، مشيرًا إلى أن إصدار التراخيص مستمر حتى هذه اللحظة، وتقوم لجنة من الوزارة بدراسة الكتب ومراجعتها قبل إصدار الترخيص لتكون متطابقة مع المنهج الجديد.
تكلفة مضاعفة
على الجانب الآخر، تسببَّ تعديل المناهج في أزمة لشيماء النمر الأم لأربعة أطفال، بعد شرائها عددًا من الكتب المرتجعة، وهي كتب إصدار العام الماضي لكنها لم تبع ويتم طرحها بنصف سعرها عبر صفحات الإنترنت ومخازن متخصصة في كتب المرتجع، وهو ما جعل خسارتها مضاعفة، لأنها ستضطر لشراء الكتب الجديدة.
قالت شيماء النمر لـ المنصة "تبلغ تكلفة الكتب الخارجية لأطفالي الأربعة 3 آلاف جنيه، لذلك منذ عامين بدأت في شراء الكتب المرتجعة، وهي كتب جديدة لكن تختلف فقط في سنة الإصدار، وهذا التاريخ يجعل سعرها ينخفض للنصف".
حسب شيماء النمر، فهي تشتري الكتب في بداية شهر يوليو/تموز من كل عام، لتستطيع الحصول على الإصدارات الأحدث، لتفاجأ بإعلان تعديل المنهج مما سيضطرها لدفع نحو 1600 جنيه تكلفة الكتب التي تم تعديلها.
وسبق أن وجه وزير التعليم تحذيرًا لأولياء الأمور من شراء الكتب الخارجية المتداولة في الأسواق خلال الفترة الحالية، مشددًا على ضرورة عدم الحصول على أي كتب مساعدة من خارج المنظومة الرسمية إلى حين الإعلان عن المناهج الجديدة رسميًا.
وفي رده حول أسباب التعديلات المستمرة للمناهج، قال بهاء الدين إن تعديل المناهج المستمر هو أمر طبيعي "لأننا في عالم متغير باستمرار يستدعي التطوير المستمر"، مضيفًا أن التعديلات الجديدة خضعت لمناقشات مع المعلمين وأفراد العملية التعليمية لإقرارها وحاليًا "يتم وضع خطة لتدريب المعلمين على المناهج الجديدة".
لكن مدرس الدراسات الاجتماعية بالمرحلة الابتدائية هاني هنداوي نفى أن يكون خضع هو أو زملاؤه لأي تدريبات، أو مناقشات حول التعديلات الجديدة، مشيرًا إلى أنه سمع بالتعديلات عبر المنشور المرسل لمديريات التعليم، ولم يطلع حتى الآن على المنهج الجديد، أو يتدرب عليه "وهو ما إذا استمر حتى بداية العام الدراسي ستصبح أزمة للعديد من المدرسين الذين من المفترض أن يدرسوا المنهج بعمق قبل تدريسه للطلاب"، مشيرًا إلى أنه مع بداية وصول طلاب النظام التعليمي الجديد للصف الرابع صدَر ما يعرف بدليل المعلم، وهو كتاب يشرح للمدرسة نقاط القوة في تدريس المادة ويرشده، إلا أن هذا الكتاب لم يَصدر لأي صف بعد الرابع.
وأضاف هنداوي أن الأزمة ليست في المادة التعليمية التي تم تعديلها فقط "وإنما في عشوائية القرارات، فمثلًا كل عام يتم إصدار طريقة جديدة لتقييم الطلاب، ما بين شفوي وتحريري، والعام الماضي مثلًا تم إلغاء التقييم الشفوي رغم أهميته، والاكتفاء بالتقييمات والمواظبة والكشكول المدرسي".