صورة موّلدة بواسطة نموذج الذكاء الإصطناعي DALL-E
أول دعوى أمريكية من صحفيين ضد العدالة بيجاسوس وتحقيق جنائي في صفقات مشبوهة بالمكسيك

محكمة أمريكية تحقق في اختراق NSO الإسرائيلية موبايلات صحفيين بالسلفادور

محمد الطاهر
منشور الأحد 13 يوليو 2025

أعادت محكمة استئناف فيدرالية أمريكية النظر في دعوى قضائية رفعها صحفيون من مؤسسة إل فارو/El Faro السلفادورية ضد شركة NSO Group الإسرائيلية، بعد أن قضت المحكمة الأدنى سابقًا برفضها لكونها "قضية أجنبية بالكامل".

الصحفيون، من بينهم مؤسس إل فارو كارلوس دادا، اتهموا شركة NSO Group باستخدام برمجية التجسس بيجاسوس لاختراق موبايلات خلال عملهم على تحقيقات تتعلق بالحكومة السلفادورية، وفقًا لتحليل تقني أجرته منظمات مختصة في الأدلة الجنائية الرقمية.

وتمثل الدعوى التي رفعها معهد Knight First Amendment Institute في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 أول قضية يرفعها صحفيون ضد NSO أمام القضاء الأمريكي، وتشير أوراقها إلى أن موظفي إل فارو تعرضوا لـ226 عملية اختراق بواسطة بيجاسوس بين يونيو/حزيران 2020 ونوفمبر 2021، حيث جرى الوصول إلى أجهزة آيفون الخاصة بهم عن بُعد ومراقبة اتصالاتهم وسرقة بياناتهم الشخصية. وتصاعدت وتيرة الهجمات مع نشر قصص صحفية بارزة.

ويطالب المدّعون المحكمة بإجبار الشركة على الكشف عن الجهة الحكومية التي طلبت التجسس، وإعادة ثم حذف جميع البيانات التي جُمعت عبر هذه العمليات.

ورأت محكمة الاستئناف أن المحكمة الأدنى "أساءت استخدام سلطتها التقديرية" عندما تجاهلت عنصرًا جوهريًا في القضية، يتمثل في استخدام NSO Group لخوادم ومُعرّفات تابعة لشركة أبل الأمريكية، بما في ذلك إنشاء حسابات Apple ID لتنفيذ عمليات التجسس، ما يخلق ارتباطًا قانونيًا يخول المحاكم الأمريكية بالنظر في القضية. ورأت المحكمة أن هذا الاستخدام للبنية التحتية الأمريكية يكفي لمنح اختصاص النظر داخل الولايات المتحدة.

القرار فتح الباب أمام إعادة القضية للمحكمة الأدنى لاستكمال النظر في جوهرها، وهي خطوة اعتبرتها منظمات حقوقية تقدمًا مهمًا في ملاحقة شركات التجسس العابرة للحدود.

وكانت شركات تقنية أمريكية كبرى مثل جوجل ميكروسوفت تدخلت قضائيًا لصالح الصحفيين، محذّرة من أن انتشار هذه الأدوات حتى خارج الأراضي الأمريكية يُلحق أضرارًا بالغةً بالمصالح التكنولوجية والحقوقية للولايات المتحدة. واعتبرت هذه الشركات أن عدم محاسبة الشركات التي تسيء استخدام البنية التحتية الأمريكية يشكل تهديدًا للاستقرار القانوني والحقوقي.

ورحّبت المحامية كاري ديسيل، من معهد نايت، بقرار المحكمة، مؤكدة أن محاسبة مصنعي برامج التجسس أمام القضاء الأمريكي ضرورية، خصوصًا حين تعتمد هذه الأدوات على تقنيات أمريكية وتُستخدم في قمع حرية الصحافة.

من جهته، عبّر كارلوس دادا عن ارتياحه لقرار المحكمة، مؤكدًا أن التجارة غير المنظمة في برامج التجسس تُشكّل تهديدًا جوهريًا لحرية الصحافة عالميًا.

.. واتهامات برشوة رئيس مكسيكي سابق

وفي تطور آخر يسلط الضوء على الاتهامات المتزايدة ضد NSO، أعلن المدعي العام المكسيكي أليخاندرو جيرتز مانيرو عن فتح تحقيق في مزاعم تفيد بأن الرئيس المكسيكي الأسبق إنريكي بينيا نييتو تلقى رشاوى من رجال أعمال إسرائيليين.

وحسب تقرير نشرته صحيفة The Marker الإسرائيلية، يُعتقد أن بينيا نييتو حصل على ما يصل إلى 25 مليون دولار مقابل تسهيل حصول رجال الأعمال على عقود حكومية تتضمن شراء برمجية بيجاسوس من شركة NSO Group.

ويستند التحقيق إلى وثائق قُدمت في إطار نزاع تحكيمي بين رجلي الأعمال الإسرائيليين أوري أنسباشر وأفيشاي نيريا، اللذين دخلا في إجراءات قانونية في إسرائيل لتسوية خلاف بينهما بشأن تقاسم عوائد "استثمار مشترك" بقيمة 25 مليون دولار.

وتزعم هذه الوثائق أن جزءًا من هذا المبلغ دُفع رشوة إلى الرئيس المكسيكي الأسبق إنريكي بينيا نييتو، مقابل منحه عقودًا حكومية مربحة تتضمن استخدام برمجية بيجاسوس من شركة NSO Group. وتشير الوثائق إلى بينيا نييتو باستخدام تسميات مستترة مثل "الرجل الأكبر سنًا" أو الحرف "ن"، وذلك دون تسميته بشكل مباشر.

وأقرّ المدعي العام المكسيكي بعدم توفر أدلة قاطعة حاليًا، لكنه أكد أن الوثائق والأسماء المذكورة في تقرير The Marker توفر خارطة طريق للتحقيق، وقال إن مكتبه طلب رسميًا التعاون القضائي الدولي من السلطات الإسرائيلية، نظرًا لعدم تعاون الحكومة الإسرائيلية سابقًا في قضايا تتعلق بإساءة استخدام بيجاسوس.

من جانبه، نفى بينيا نييتو صحة المزاعم على إكس، واصفًا تقرير The Marker بأنه "ادعاءات زائفة بالكامل" و"يفتقر لأدنى معايير المهنية الصحفية".

يذكر أنه خلال فترة حكمه، وثّق Citizen Lab استخدام بيجاسوس لاستهداف هواتف صحفيين وعلماء ومسؤولين وسياسيين، كما كشفت تسريبات مشروع بيجاسوس عام 2021 عن احتمال مراقبة نحو 15 ألف رقم هاتف في المكسيك أثناء رئاسته.