ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجزرةً مروعةً، صباح اليوم، راح ضحيتها 15 امرأة وطفلًا إثر استهداف طابور أمام إحدى العيادات الصحية للحصول على مكملات غذائية بشارع أبو حسني وسط مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.
وأفاد شاهد عيان لـ المنصة بأن طائرة استطلاع أطلقت صاروخًا بشكل مباشر نحو شابين كانا يسيران في الشارع، ما أدى إلى تطاير الشظايا نحو العشرات من النساء والأطفال الذين كانوا ينتظرون أمام العيادة للحصول على معونات غذائية مخصصة للأطفال، وسط أوضاع إنسانية شديدة التدهور.
وأوضح مصدر طبي في مستشفى شهداء الأقصى لـ المنصة أن غالبية الضحايا لقوا حتفهم نتيجة إصابتهم بشظايا قاتلة في الرأس والصدر، فيما يخضع أكثر من 15 جريحًا لعمليات جراحية دقيقة في محاولة لإنقاذهم.
وفي بيان عبر تليجرام، وصفت حركة حماس استهداف طابور النساء والأطفال بأنه جريمة بشعة جديدة ضمن حملة الإبادة المتواصلة في قطاع غزة، مضيفةً أن "حكومة الإرهابي نتنياهو تصعّد مجازرها الوحشية بحق المدنيين الأبرياء، في المدارس والشوارع وخيام النزوح والمراكز المدنية، في سلوك ممنهج يرقى إلى جريمة تطهير عرقي مكتملة الأركان، تُرتَكب بالصوت والصورة أمام العالم".
وجددت حماس مطالبتها للمجتمع الدولي، والأمم المتحدة ومؤسساتها، وكذلك للدول العربية والإسلامية، بالتحرك العاجل على المستويات كافة، لوقف هذه المذبحة المتواصلة والإبادة المنظمة بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وفرض كسر الحصار وإدخال المساعدات، والعمل لمحاسبة قادة الكيان على جرائمهم ضد الإنسانية.
في سياق متصل، قُتل 19 فلسطينيًا آخرون في مدينة غزة، جراء سبعة استهدافات إسرائيلية متفرقة منذ ساعات الصباح الأولى، وفق ما أفاد مصدر صحفي لـ المنصة، ووصل إلى مستشفى الشفاء 9 ضحايا، بينما استقبل المستشفى المعمداني 10 آخرين.
وتركزت الغارات على أحياء التفاح والدرج، حيث أشار المصدر إلى استمرار القصف على مناطق سكنية مكتظة، مؤكدًا وجود عشرات العائلات العالقة تحت الركام بعد استهداف منازلها، وهي مناطق يُصنّفها الاحتلال مناطق عسكرية ويمنع دخول طواقم الإنقاذ إليها.
وأضاف المصدر أن فرق الإسعاف والدفاع المدني تلقت عشرات النداءات من تحت الأنقاض، بعضها من مصابين لا يزالون على قيد الحياة، وسط انقطاع الاتصالات مع العديد منهم، ما يُنذر بارتفاع عدد الضحايا خلال الساعات المقبلة.
من ناحية أخرى، تقدمت آليات جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر الخميس، في منطقة المقابر جنوب مُجمع ناصر الطبي غرب مدينة خانيونس، تحت غطاء مكثف من القصف الجوي والمدفعي وإطلاق النار، ما أدى إلى احتراق خيام النازحين ومقتل وإصابة عدد من المواطنين، حسب ما أفاد شهود عيان ومصادر طبية لـ المنصة.
وأكد الشهود أن جرافات إسرائيلية شرعت في تنفيذ حفريات داخل مقبرتي "النمساوي" و"التركية"، بعد أن أجبرت النازحين على إخلاء المنطقة والنزوح مجددًا إلى منطقة المواصي غرب المدينة.
وبدأ الحدث مع اتصالات هاتفية تلقاها عددٌ من سكان المخيم الغربي منتصف الليل، طالبتهم بإخلاء منازلهم خلال نصف ساعة تمهيدًا لقصفها، وقال أحد المواطنين لـ المنصة "أفزعونا من النوم... خرجنا نركض مع أطفالنا إلى الشوارع تحت حالة من الخوف والرعب".
وبعد أقل من ساعة، شنت طائرات حربية إسرائيلية عدة غارات على منازل مصنوعة من "الأسبست" و"الزينجو"، ما أسفر عن مقتل مواطنين اثنين وإصابة سبعة آخرين، في حين امتدت الغارات لاحقًا إلى مناطق البطن السمين وقيزان رشوان، حسب المصدر الصحفي.
وفي غضون ذلك، أطلقت الطائرات المُسيّرة نيرانها نحو مناطق متعددة، واستهدفت خيام نازحين قرب المقابر، مما أدى إلى إصابات جديدة ونزوح جماعي نحو الغرب. وذكر مصدر في الدفاع المدني أن الجرافات الإسرائيلية اقتحمت الخيام وجرّفتها بمحتوياتها، فيما بقيت عائلات أخرى محاصرة وسط صعوبات في الإخلاء.
وتمركزت الدبابات الإسرائيلية على تلة بجوار كمين "الحاووز التركي"، ما وضع منطقة المقابر والمخيمات المحيطة بها في مرمى النيران. وأفاد مصدر من مجمع ناصر الطبي لـ المنصة بأن الجرافات الإسرائيلية اقتحمت المقابر، الأمر الذي حال دون دفن 17 ضحية في المشرحة. ولجأت بعض العائلات إلى حفر قبور مؤقتة داخل ساحات المستشفى في انتظار انسحاب الجيش.
على الجانب الصحي، تفاقمت الأزمة في المستشفيات نتيجة الحصار المفروض على دخول الوقود. واضطر مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح إلى إطفاء مولداتها الكهربائية، والاعتماد على مولد واحد فقط. وقال المتحدث باسم المستشفى الدكتور خليل الدقران لـ المنصة إن القرار جاء بعد نفاد الوقود ومنع الاحتلال إدخال كميات إضافية.
وأوضح الدقران أن المستشفى يضم مئات المرضى من الحالات الحرجة، مثل حديثي الولادة ومرضى الكلى والقلب، مشيرًا إلى أن استمرار انقطاع الكهرباء يعرض حياتهم للخطر، خصوصًا في أقسام العناية المركزة والطوارئ.
وأكد أن المستشفى يعمل منذ أشهر تحت خطة تقشف وقود صارمة، وأنه تم إيقاف الكهرباء عن أقسام غير حيوية لإبقاء الأقسام الأساسية تعمل لعدة ساعات إضافية.
وحسب وزارة الصحة في غزة، تم تشغيل مولد كهربائي واحد فقط في مستشفيي الشفاء ومجمع ناصر منذ الأربعاء، في ظل حصار مستمر ومنع دخول الوقود والمساعدات الطبية الأساسية، ما ينذر بكارثة إنسانية وصحية وشيكة في القطاع المحاصر.
وفي 18 مارس/آذار الماضي، عاود جيش الاحتلال الإسرائيلي العدوان على قطاع غزة مستأنفًا حربًا بدأها على القطاع في 7 أكتوبر 2023، بعد أن رفض استكمال اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، وكان من المقرر أن ينتهي بتبادل جميع المحتجزين لدى حماس وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة.