قدمت مجموعة NSO الإسرائيلية طلب استئناف على قرار هيئة المحلفين الأمريكية الصادر في السادس من مايو/أيار الماضي، الذي ألزمها دفع نحو 168 مليون دولار لواتساب، على خلفية تورطها في حملة اختراق استهدفت أكثر من 1400 مستخدم عام 2019 باستخدام برمجية التجسس بيجاسوس.
وطالبت NSO في مذكرة قانونية قُدمت إلى محكمة كاليفورنيا الاتحادية بخفض مبلغ التعويض البالغ نحو 168 مليون دولار، أو السماح بمحاكمة جديدة، معتبرة أن الحكم "يتجاوز بكثير قدرتها المالية على الدفع"، واصفة إياه بأنه "غير قانوني" و"غير دستوري".
أوضحت الشركة أن التعويض يُعد محاولة لـ"إفلاس NSO"، مشيرة إلى أن هيئة المحلفين تعمدت اختيار مبلغ محدد يقارب قيمة أصولها بالكامل بهدف تدميرها ماليًا، وهو ما اعتبرته انتهاكًا لحقها الدستوري في "الإجراءات القانونية الواجبة".
وكانت هيئة محلفين فيدرالية أمريكية أصدرت هذا الحكم بعد معركة قضائية امتدت لخمس سنوات، اتهمت خلالها واتساب الشركة الإسرائيلية باستخدام برمجية التجسس "بيجاسوس" لاستغلال ثغرة أمنية في خاصية المكالمات الصوتية بالتطبيق، مكّنت من اختراق هواتف الصحفيين والنشطاء والمعارضين السياسيين دون الحاجة إلى استجابة من الطرف المتلقي للمكالمة.
يُذكر أن وثائق المحكمة كشفت أن الهجمات طالت مستخدمين في 51 دولة، من بينهم 456 في المكسيك، و100 في الهند، و82 في البحرين، و69 في المغرب، و58 في باكستان، بإجمالي أكثر من 1400 ضحية.
وكانت NSO Group أعربت، عند صدور الحكم في مايو، عن نيتها استئنافه، حيث قال المتحدث باسمها جيل لانير، في بيان "سندرس تفاصيل الحكم بعناية، ونتخذ الإجراءات القانونية المناسبة، بما في ذلك المتابعة في إجراءات إضافية وتقديم استئناف".
واستندت NSO في طلب الاستئناف الذي قدّمته إلى سوابق قضائية من المحكمة العليا الأمريكية، تؤكد أن التعويض المالي يجب ألا تتجاوز بنسبة كبيرة التعويضات الفعلية، مشيرة إلى أن قيمة التعويضية في هذه القضية لا تتعدى 445 ألف دولار، ما يعني أن العقوبة القصوى قانونًا يجب أن تقتصر على 1.77 مليون دولار كحد أقصى.
وذكرت NSO في مذكرتها القانونية أن هيئة المحلفين تصرفت بدافع عدائي تجاه طبيعة أعمالها، وأن القرار لم يقتصر على محاسبة الشركة على ما جرى في قضية واتساب، بل عكس رغبة في معاقبتها بسبب أعمالها مع الحكومات عمومًا.
أضافت الشركة أن هيئة المحلفين تجاهلت المبادئ القضائية التي تنص على أن العقوبة الجزائية يجب أن ترتبط بالفعل المنسوب مباشرة، لا أن تُستخدم وسيلة "للقضاء على كيان الشركة".
ودافعت الشركة عن نفسها بالقول إن البرمجية التي استخدمها عملاؤها الحكوميون لم تسبب ضررًا جسديًا، بل اقتصر تأثيرها على الجانب الاقتصادي، وأن الاختراق تم عبر "رسائل غير ضارة" مرت عبر سرفرات واتساب، وهو ما لا يرقى إلى درجة "السلوك المستهجن قانونًا".
وأشارت إلى أن منتجاتها تُباع فقط لحكومات مرتبطة تعاقديًا باستخدامها ضمن إطار قانوني لمحاربة الإرهاب والجريمة، وهو ما لم يُسمح لها بتقديمه كدليل أثناء المحاكمة.
وكانت المحكمة منعت NSO من تقديم أدلة حول استخدام برمجيتها في مكافحة الإرهاب والجريمة، لأن الشركة فشلت في تحديد الجهات التي استهدفت المستخدمين، أو تبرير أسباب الهجوم.
من جانبها، رفضت شركة واتساب هذه المبررات، ووصفت الاستئناف بأنه محاولة متكررة من NSO للتهرب من المسؤولية، مشيرة إلى أن القرار السابق يمثل "رسالة قوية من هيئة محلفين أمريكية لمعاقبة هجوم غير قانوني على شركة أمريكية ومستخدميها".
واتساب، المملوكة لشركة ميتا، كانت أعلنت أن مهندسيها اضطروا لبذل جهد كبير في تطوير تحديثات أمنية جديدة لسد الثغرات التي استخدمتها بيجاسوس، مشيرة إلى أن قائمة الضحايا شملت دبلوماسيين ومعارضين وصحافيين، وليس مجرمين أو إرهابيين كما تزعم NSO.
وأكدت شركة واتساب أنها ستواصل معركتها القضائية حتى الحصول على أمر قضائي دائم يمنع NSO من استهداف مستخدميها مجددًا.
ويشار إلى أن طلب الاستئناف الجديد شمل أيضًا اقتراحًا بتطبيق ما يُعرف قانونيًا بـ"التخفيض القضائي للحكم"، كآلية بديلة لتقليص الغرامة دون إعادة المحاكمة.
ويُعرف إجراء "التخفيض القضائي" كأداة قانونية تُمكّن القاضي من تعديل الحكم إذا اعتبر أن هيئة المحلفين بالغت في مبلغ التعويض بشكل غير مبرر.