تصميم أحمد بلال، المنصة، 2024
تراجع الإقراض الاستهلاكي مع ارتفاع أسعار الفائدة. يونيو 2024.

خبراء: الفائدة الحقيقية مرتفعة رغم تخفيضات البنك المركزي

إسلام علي
منشور الأحد 25 مايو 2025

يرى خبراء أن معدل الفائدة الحقيقي في الوقت الراهن، أي الفائدة الاسمية بعد خصم التضخم، لا يزال عند مستويات مرتفعة، رغم التخفيضين المتتاليين من البنك المركزي لأسعار الفائدة، ما يساعد على الحفاظ على القيمة الحقيقية لأموال المدخرين المودعة في البنوك.

مستوى قياسي للفائدة الحقيقية

"الفرق بين الفائدة الاسمية ومعدل التضخم حاليًا نحو 10% ويُعد من أعلى المعدلات في الأسواق الناشئة" كما يقول رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية مصطفى شفيع لـ المنصة.

ويشرح شفيع أن السبب وراء ارتفاع الفائدة الحقيقية هو بقاء الفائدة الاسمية عند مستوى مرتفع للغاية لعدة أشهر، بينما تراجعت معدلات التضخم بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة.

وقررت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي، خلال اجتماعها الخميس الماضي، خفض سعر الفائدة للمرة الثانية خلال العام الحالي، بنسبة 1%، بعد أن خفضتها بنسبة 2.25% في أبريل/نيسان الماضي.

ورغم عودة ارتفاع معدلات التضخم خلال آخر شهرين، مارس/آذار وأبريل، لتصل إلى 13.5% في آخر شهر، لكنها ما زالت أقل من بداية العام وقت أن كان المؤشر يتجاوز مستوى الـ30%.

"مصر اعتادت تاريخيًا الحفاظ على فائدة حقيقية في حدود 4%، مما يجعل الوضع الحالي فرصة مواتية لصانع القرار النقدي لإعادة التوازن بين النمو ومعدلات التضخم" كما يقول محلل القطاع البنكي والمالي بشركة مباشر لتداول الأوراق المالية إبراهيم عادل لـ المنصة.

ويوضح عادل أن معدلات الفائدة المرتفعة خلال الفترة الماضية انعكست بشكل سلبي على معدلات النمو الاقتصادي، التي وصلت إلى نحو 2.4% فقط في عام 2024، وهو معدل ضعيف للغاية لا يعكس قدرات النمو الحقيقية للاقتصاد المصري.

وتوقع البنك المركزي أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي معدل نمو قدره 4.3% خلال العام المالي الحالي، على أن يتسارع النمو إلى 4.8% في العام المالي المقبل، مرتفعًا من 2.4% في السنة المالية الماضية.

"الفائدة الحقيقية في مصر موجبة بنسبة 10%، وهو فارق إيجابي وقوي يُعزز من جاذبية أدوات الادخار التقليدية مثل شهادات الاستثمار وأذون وسندات الخزانة" كما تقول رئيسة قسم البحوث في شركة فيصل لتداول الأوراق المالية إيمان مرعي لـ المنصة.

وتشير إيمان مرعي إلى أن حفاظ أدوات الادخار على فائدة إيجابية يساعد على التشجيع على امتصاص السيولة في أنشطة الادخار المختلفة ما يحد من الضغوط التضخمية في المدى المتوسط. 

أثر الفائدة على الأنشطة الاقتصادية

رغم استمرار الفائدة الحقيقية عند مستويات مرتفعة، فإن اتجاه البنك المركزي لخفض الفائدة الاسمية خلال أبريل ومايو/أيار لأول مرة منذ أكثر من أربع سنوات تخفف من ضغوط تكاليف الاقتراض على العديد من الأنشطة الاقتصادية، كما يقول الخبراء.

"قطاع الصناعات الثقيلة من أكثر المستفيدين من خفض الفائدة الاسمية، كل خفض 1% في الفائدة يوفر لشركة حديد عز ما يصل إلى 100 مليون جنيه من تكاليف القروض"، كما يقول شفيع.

ويضيف شفيع أن خفض الفائدة في صالح الشركات المالية العاملة في مجالات مثل الإقراض الاستهلاكي، إذ يخفف ذلك العبء الاقتراض على عملائها.

في المقابل يشير شفيع إلى أن بعض الشركات تعتمد في إيراداتها على العائد من الودائع، وخفض الفائدة الاسمية يقلل من هذه الإيرادات، ويشير إلى أن من بين الشركات المقيدة في البورصة المتبعة لهذا النهج إعمار مصر والإسكندرية لتداول الحاويات.

وترى محللة قطاع البنوك بشركة أسطول لتداول الأوراق المالية سمية ناجي أن القطاع العقاري من أبرز المستفيدين من خفض الفائدة الاسمية، لما يسهم فيه ذلك من الحد من تكلفة تمويل العملاء لشراء الوحدات العقارية.

يظل مستقبل الفائدة الحقيقية غير محسوم، بالنظر لتوقع خبراء ارتفاع معدلات التضخم خلال العام الحالي، ولكن بوتيرة لا تزال أقل من الأعوام السابقة، مدفوعًا بالإجراءات الإصلاحية المنتظرة خاصة في مجال تحرير أسعار الوقود، ويتوقع عادل في هذا السياق أن يبلغ التضخم 18% بنهاية العام الحالي.

في المقابل، ينتظر الخبراء المزيد من الخفض في الفائدة الاسمية هذا العام، بحثًا عن المزيد من التيسير النقدي وتشجيع النمو، ويؤكد مرعي على ضرورة خفض تدريجي للفائدة يتراوح بين 6 إلى 7% خلال 2025 من أجل تحفيز النمو بشكل فعّال.