اغتال جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الاثنين، أحمد سرحان القيادي البارز في ألوية الناصر صلاح الدين الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية، خلال عملية عسكرية خاصة استهدفت منزله وسط مدينة خانيونس، جنوب قطاع غزة.
ووفق مصادر محلية لـ المنصة، تسللت وحدة إسرائيلية خاصة مكونة من تسعة عناصر إلى منزل سرحان، البالغ من العمر 44 عامًا، متنكرين بزي نسائي، مستخدمين مركبة بدت وكأنها تحمل نازحين، ودار اشتباك مسلح داخل المنزل انتهى باغتيال سرحان، واعتقال زوجته وطفله البالغ من العمر 12 عامًا خلال انسحاب القوة.
وقال شاهد عيان إنه قرابة الساعة السادسة والنصف صباحًا، سُمع إطلاق نار كثيف في شارع 5 وسط المدينة، أعقبه مشهد فرار لعناصر بزي نسائي برفقة امرأة وطفل، داخل مركبة بدت وكأنها لعائلة نازحة، وانطلقت بسرعة بالتزامن مع قصف إسرائيلي متزامن لعدة مواقع.
وأفاد مصدر صحفي بتعرض غرفة الأمن عند البوابة الشمالية لمجمع ناصر الطبي لقصف مباشر، أسفر عن تدمير جزئي لمستودع الأدوية والمستلزمات الطبية، وانقطاع شبكة الإنترنت عن مخيم الصحفيين والمناطق المحيطة بالمجمع.
وتابع الصحفي طالبًا عدم نشر اسمه، "ما كنا فاهمين إيش بيصير، صوت إطلاق نار كثيف من طائرات مروحية، تزامن مع قصف متتالي في أماكن مختلفة، من بينها قصف غرفة الأمن المجاورة لمخيم الصحفيين، علمنا فيما بعد أنها تغطية على انسحاب القوة الخاصة الإسرائيلية".
أمتعة تركتها القوة الخاصة الإسرائيلية أمام منزل القيادي في ألوية الناصر صلاح الدين "أحمد سرحان" وسط خانيونس بعد اغتياله، 19 مايو 2025وأوضح أن قوة إسرائيلية خاصة مكونة من 9 أفراد، تسللت من المناطق الشرقية للمدينة في سيارة تحمل أمتعة وكأنها تقل نازحين غزيين من شرق خانيونس، وداخل السيارة كانت هناك طرود غذائية عليها شعار الأمم المتحدة، بحسب ما أفاد ثلاثة شهود عيان، حيث وصلت إلى منزل سرحان في شارع 5 وبدأت في الاشتباك وإطلاق النار ليتبين اغتيالها للقيادي البارز فيما بعد.
ونعت ألوية الناصر صلاح الدين، الذراع العسكرية للجان المقاومة الشعبية، في بيان رسمي القيادي سرحان، الذي وصفته بـ"القائد المقاوم الذي ارتقى شهيدًا أثناء تصديه لقوة خاصة إسرائيلية"، مؤكدة أن اغتيال قادة المقاومة لن يثنيها عن "مواصلة طريق الجهاد حتى تحرير الأرض وطرد الاحتلال".
في أعقاب عملية الاغتيال، أفاد مصدر في الإسعاف لـ المنصة، بوصول سبعة قتلى إلى مجمع ناصر الطبي، بينهم سرحان وطفل آخر أعدم خلال انسحاب القوة الخاصة، كما انتشلت طواقم الإسعاف جثامين خمسة ضحايا آخرين من مناطق متفرقة نتيجة القصف المكثف الذي تزامن مع العملية.
وأكد مصدر في وزارة الصحة بغزة لـ المنصة، أن حصيلة القتلى منذ فجر اليوم، ارتفعت إلى 51 شخصًا، جراء استمرار الغارات الإسرائيلية على مناطق متعددة جنوب ووسط وشمال القطاع.
وفي مخيم النصيرات، قُتل خمسة نازحين، معظمهم أطفال، جراء استهداف الاحتلال مدرسة الحساينة التابعة للأونروا، والتي تحولت إلى مركز إيواء لعائلات نازحة، وأفاد شاهد عيان أن الطائرات استهدفت غرفة داخل المدرسة بينما كان الأطفال يلهون في الساحة والنساء يزاولن أعمالهن المنزلية.
كما أسفر قصف آخر في النصيرات عن مقتل ثلاثة أشقاء من عائلة اللوح، إثر استهداف منزلهم في منطقة أرض المفتي، بينما أُصيب سبعة من أفراد العائلة بجروح متفاوتة.
وفي مدينة غزة، استهدفت غارات الاحتلال منزلين لعائلتي فلفل والخور، وتجمعًا للمدنيين في شارع رئيسي غرب المدينة، ما أدى إلى مقتل أكثر من عشرة أشخاص، وصلت جثامينهم إلى مستشفى الشفاء والمعمداني.
وفي شمال القطاع، طالت الغارات بلدة بيت لاهيا، مستهدفة عشرات المنازل، بعضها مأهول بالسكان، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى. وقال شهود عيان إن طواقم الإنقاذ تواجه صعوبات بالغة في الوصول إلى المنازل المستهدفة بسبب خطورة الأوضاع الميدانية.
في السياق، أصدر جيش الاحتلال أوامر إخلاء شملت أكثر من نصف مساحة مدينة خانيونس، للمرة الأولى منذ أشهر، حيث طالب المدنيين بإخلاء الأحياء الواقعة شرق شارع صلاح الدين، ووسط المدينة، والتوجه نحو منطقة المواصي غربًا، مهددًا بشن عملية عسكرية "غير مسبوقة" لتدمير "قدرات المقاومة".
ووفق مصادر لـ المنصة، فإن مدينة خانيونس باتت مكتظة بالسكان بعد نزوح غالبية سكان رفح نحوها في الأسابيع الماضية، ويُقدّر عدد المطلوب منهم الإخلاء بأكثر من 400 ألف نسمة.
ويقول محمود أبو دقة، من سكان شرق خانيونس "الجيش يطلب منا الذهاب إلى المواصي، بينما القصف لا يتوقف هناك أيضًا. لا نعرف أين نذهب أو كيف نحمي أطفالنا".
أما حسين أبو طير، من بلدة عبسان، فرفض النزوح، مفضلًا البقاء في منزله رغم التهديدات، وقال "بعد سنتين من الحرب، لن أترك منزلي لأعيش في خيمة بالشوارع، إذا كُتب لنا النجاة فسننجو".
ورغم تمسك بعض العائلات بالبقاء، إلا أن الشوارع الرئيسية في خانيونس تشهد موجات نزوح كبيرة نحو الغرب، حيث تتكدس آلاف العائلات في خيام وملاجئ لا تقي من القصف ولا ظروف الطقس. وتقول حسنية منصور، نازحة من رفح "نعيش في خيمة بالشارع. لا أمان هنا ولا هناك. نحاول فقط حماية أطفالنا، لكن الموت يحيط بنا من كل الجهات".
وفي 18 مارس/آذار الماضي، عاود جيش الاحتلال الإسرائيلي العدوان على قطاع غزة مستأنفًا حربًا بدأها على القطاع في 7 أكتوبر 2023، بعد أن رفض استكمال اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، وكان من المقرر أن ينتهي بتبادل جميع المحتجزين لدى حماس وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة لكن دولة الاحتلال لم تفعل.