تصوير نورا يونس، المنصة
شاطئ رأس حنكوراب بمحمية وادي الجمال، 29 أبريل 2019

رغم وقف التعديات.. تقرير يوثق سيطرة "شركة مجهولة" على شاطئ حنكوراب

محمد نابليون
منشور الأربعاء 14 مايو 2025

طالبت مؤسسة إيكوريس/Ecoris، إحدى منظمات المجتمع المدني المعنية بالتنمية المستدامة وحماية البيئة، الجهات الرسمية، بضرورة الإفصاح عن بيانات الجهة المشرفة على شاطئ حنكوراب وتحصيل رسوم "غير واضحة المصدر" مقابل الدخول إلى الشاطئ الواقع ضمن محمية وادي الجمال بمحافظة البحر الأحمر، نظرًا لكون المحمية "ملك عام".

ورصد تقرير أصدرته المؤسسة، الاثنين، بعنوان "شاطئ حنكوراب... نهاية أزمة أم بدايتها؟" أبعاد أزمة التعديات التي كانت تهدد البيئة الطبيعية والتنوع البيولوجي بمنطقة شاطئ رأس حنكوراب، الذي يحظى بحماية دستورية وقانونية بوصفه، مرورًا بالتطورات التي طرأت على الشاطئ، وما صاحبها من تحركات برلمانية وقانونية.

وانتقد التقرير ما وصفه بـ"وجود شركة مجهولة تدير شاطئ حنكوراب، وتحصل رسمًا غير معلوم الجهة التي يحصل لصالحها"، مطالبًا وزارة البيئة بضرورة الإعلان عن بيانات واسم الجهة المشرفة على الشاطئ، ومدى تبعيتها لوزارة البيئة من عدمه، وتفاصيل مسؤوليتها القانونية عن الإشراف على هذا الموقع.

وأكدت المؤسسة أنه رغم زوال مظاهر التعدي التي أثارت الأزمة الأولية، وهو تطور إيجابي، إلا أنه لا تزال هناك أسئلةٌ جوهريةٌ ومخاوف بشأن إدارة شاطئ حنكوراب ومحمية وادي الجمال بشكل عام، تتعلق بالشفافية، الإشراف الحكومي، مشاركة المجتمع المحلي، والالتزام بمعايير حماية البيئة والاستدامة، حيث دعا التقرير إلى معالجة هذه القضايا لضمان حماية هذا الكنز البيئي الفريد.

بداية الأزمة 

ويشير التقرير إلى أن بداية الأزمة كانت في فبراير/شباط الماضي مع تداول أخبار عن تعديات تضمنت إقامة إنشاءات بمعدات ثقيلة على شاطئ حنكوراب رغم الحظر الذي يفرضه القانون على أي أعمال تدمير أو إتلاف للبيئة الطبيعية أو الحياة البرية والبحرية والنباتية بالمحمية.

ووفقًا للتقرير، مثَّلت تلك التعديات تهديدًا لأنواع نادرة من السلاحف البحرية المهددة بالانقراض، وتدميرًا للشعاب المرجانية، وإخلالًا بالتوازن البيئي، على نحو كاد يؤثر على سمعة مصر كوجهة سياحية بيئية ويخالف الاتفاقيات الدولية.

ولفت التقرير النظر إلى أن تلك التعديات لم تكن الأولى من نوعها وقتها، إذ سبق وشهد الشاطئ واقعة تعدٍ مشابهة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 وحررت بشأنها محافظة البحر الأحمر محضر شرطة، وانتهى فيه الأمر إلى صدور أمر جنائي بتغريم 3 متهمين مبلغ 5 آلاف جنيه لكل متهم، فضلًا عن إزالة التعديات على نفقتهم الخاصة.

تحركات رسمية ومجتمعية

وأشار التقرير إلى أن التعديات الأخيرة صاحبتها تحركات برلمانية عكستها بيانات عاجلة وطلبات إحاطة من النائبتين سميرة الجزار ومها عبد الناصر، تطالب بوقف التعديات والتحقيق، فضلًا عن إجراءات قانونية تضمنت بلاغات من المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنائب العام وللجهات المعنية تطالب بحماية المحمية والتحقيق وإزالة التعديات.

كما شهدت الأزمة تحركات مجتمعية عبر مناشدات من جمعيات بيئية ومؤسسات منها إيكوريس ومبادرات لتشكيل "تحالف إنقاذ حنكوراب" وإطلاق عريضة إلكترونية.

ودفعت كل هذه التحركات، حسب التقرير، وزارة البيئة، إلى عقد حوار مجتمعي حول الأزمة بحضور وزيرة البيئة ياسمين فؤاد، جرى خلاله استعراض خطة إدارة المحميات (2018-2024)، أكدت خلاله الوزيرة أن حنكوراب منطقة كثيفة الاستهلاك سياحيًا وليست ذات حساسية بيئية عالية جدًا، مع وجود خطة لتوفير مرافق سياحية تراعي البعد البيئي.

كما أوضحت الوزيرة أن خطة إدارة المحمية تم اعتمادها في 2023 وتضمنت استخدامات مسموحة وأخرى غير مسموحة، أبرزها عدم إزالة أشجار  المانجروف أو إقامة أنشطة تغير نظام الشاطئ، مؤكدة عدم وجود حفر أو خرسانات وقتها على أراضي الشاطئ وأن خطة التطوير المقترحة له تتضمن خدمات سنوركلينج ومعدات وكافتيريا، وكلها تصورات مبدئية قيد الدراسة.

زيارة ميدانية

وإزاء ذلك، أجرى فريق من إيكوريس زيارة ميدانية للمحمية، في 30 أبريل/نيسان الماضي، بهدف الوقوف على آخر التطورات وتوثيق الوضع بعد غياب المعلومات الواضحة، وفقًا للتقرير.

ورصد التقرير، استنادًا لتلك الزيارة، مجموعةً من المشاهد بمنطقة الشاطئ، تضمنت وجود مركز لخدمة زوار المحمية خالٍ من الموظفين أو المرشدين، عوضًا عن إنشاء بوابة حجرية حديثة للشاطئ يشرف عليها موظفو أمن غير معلوم تبعيتهم، ويحصلون رسوم دخول (200 جنيه للفرد المصري + 200 جنيه للسيارة) بتذكرة لا تحمل بيانات الجهة المحصلة.

وفيما عده التقرير بادرة إيجابية، رصد المشاركون في الزيارة خلو مدخل الشاطئ والمنطقة عمومًا من المعدات ومواد البناء التي ظهرت سابقًا، واختفاء التخطيط الجيري، إلى جانب عدم وجود مبانٍ أو منشآت (سوى خيمة قماشية، كرفان معدني، دورة مياه، وخيمة خشبية يستخدمها سكان محليون لتقديم مشروبات ومنتجات).

وفيما لم يعثر  الفريق الميداني على أي موظف تابع لوزارة البيئة أو جهة حكومية للإشراف على الشاطئ أو المحمية "سوى مسعف رفض الإدلاء ببيانات"، رصدت الزيارة وجود عاملين بالشاطئ يساعدون الزوار (غير معلوم تبعيتهم) ويطلبون توقيع إقرار بعدم مسؤولية إدارة الشاطئ عن أي ضرر.

وفي وقت ثمَّن فيه فريق إيكوريس زوال التعديات التي كانت موجودة على أراضي الشاطئ أوصى بضرورة تنظيم وجود دائم لمفتشي وزارة البيئة وإدارة المحميات، والإعلان عن دراسات الأثر البيئي لأي استغلال أو منشآت، وكيفية التعامل مع المخلفات على أراضي الشاطئ.

كما طالب بضرورة الإعلان عن معايير تقدير رسوم دخول المحميات بشكل عادل للمصريين، مؤكدًا ارتفاع رسوم الدخول إلى شاطئ حنكوراب مقارنة بغيره من الشواطئ، مشددًا على ضرورة تعزيز المشاركة المجتمعية للسكان المحليين (خاصة العبابدة) في إدارة الموارد الطبيعية وضمان استفادتهم.

ودعا التقرير إلى ضرورة تحسين منظومة إدارة المخلفات "خاصة البلاستيكية في مناطق أشجار المانجروف والشواطئ"، وتوفير معايير السلامة العامة من منقذين وخدمات ولوحات إرشادية، وأخيرًا تحديث أنظمة الرصد والمراقبة سواء كاميرات، أو طائرات درونز، للكشف المبكر عن التعديات.

وكانت تقارير صحفية، من بينها مقال على موقع الشروق لمدير الحملات العالمية في شبكة العمل المناخي الدولية/CAN أحمد الدروبي، كشفت عن "تعديات غير قانونية وأعمال حفر لبناء فندق في محمية وادي الجمال وبالتحديد منطقة رأس حنكوراب"، حسب المقال.

وفي إطار التحركات المجتمعية، أطلقت جمعية حماية الطبيعة حملة بعنوان "مناصرة لحماية شاطئ حنكوراب- كنز مصر البيئي في خطر"، لحشد الدعم الشعبي والرسمي لوقف التعديات على المنطقة، كما جمعت عريضة إلكترونية أكثر من 2200 توقيع، مطالبة الحكومة بالتدخل العاجل لحماية المحمية.

في المقابل، أكدت وزارة البيئة، في بيان سابق، أن جميع الأنشطة التي تشهدها المحمية تأتي "ضمن الأنشطة المسموح بممارستها وتتم وفق تلك الضوابط وبما يتفق مع الأغراض التي أعلنت من شأنها المحمية وبما لا يخل بالاستخدامات الطبيعية أو يحد منها أو الإضرار بالموارد والموائل الطبيعية بها".

وكانت تقارير صادرة عن جهاز شؤون البيئة في البحر الأحمر نفت صحة تصريحات وزارة البيئة بأن الأعمال الجارية تأتي ضمن "خطة تطوير معتمدة"، مؤكدة أن المشروع لا يمتلك دراسات تقييم أثر بيئي معتمدة، حسب صحيح مصر.