تصميم أحمد بلال، المنصة، 2024
حكم دستوري يلزم البرلمان بالنظر في قانون الإيجارات القديمة 9 نوفمبر 2024

تقرير حقوقي: دعم غير القادرين محور أساسي في قوانين تحرير العلاقة الإيجارية

محمد الخولي
منشور الخميس 1 مايو 2025

قال مدير مرصد العمران يحيى شوكت إن دعم المستأجرين غير القادرين يعد محورًا أساسيًا في أغلب القوانين والمقترحات السابقة التي تتعلق بتحرير العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر، موضحًا أن هذه الركيزة تنقل مسؤولية دعم المستأجرين غير القادرين من الملاك إلى الحكومة. 

ونشر مرصد العمران أول أمس تقريرًا بعنوان "تقييم تجارب تحرير قيود الإيجار القديم- كيف نبني على ما سبق"، يرصد  التجارب السابقة لتحرير الإيجار القديم على الأراضي الزراعية وعلى الوحدات العقارية وعلى عقود الأشخاص الاعتبارية، بالإضافة إلى عدد من مقترحات التحرير البارزة التي طُرحت في السابق.

ووفقًا لبيانات تعداد سكان مصر 2017 الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فإن نحو 7% من الأسر المصرية تقيم في وحدات تخضع لنظام الإيجار القديم، ويتركز 81% منهم في محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية والقليوبية. ويبلغ عدد الوحدات العقارية التي يشملها النظام حوالي ثلاثة ملايين وحدة، 54% منها تُستخدم لأغراض سكنية، و46% تُستخدم لأغراض تجارية وإدارية وخدمية.

وأشار تقرير المرصد إلى أنه بمراجعة القوانين السابقة هناك 4 ركائز أساسية استخدمت لتحرير الإيجار القديم؛ الأولى هي زيادة فورية على الإيجارات لامتصاص نسبة من الفارق بين قيم الإيجارات الثابتة، وبين القيم السوقية. والثانية هي النص على فترة انتقالية بين الزيادة الفورية وبين التحرير الكامل لقيم الإيجارات. 

أما الركيزة الثالثة فهي الزيادة التدريجية للإيجارات أثناء الفترة الانتقالية. والرابعة دعم المستأجرين غير القادرين على تحمل أسعار السوق الجديدة.

ولفت التقرير إلى أهمية الزيادة الفورية في إعطاء بعض التوازن بين القيم الثابتة والمتدنية وبين قيم السوق الجديدة التي قد ترتفع مائة أو ألف ضعف عن القيم القديمة، ومع ذلك رأى تقرير المرصد صعوبة تقدير هذه الزيادة بشكل مباشر وبسيط لا يحتاج إلى سلطات تقديرية قد يشوبها الفساد أو تحميل المحاكم نظر الطعون عليها، وفي الوقت نفسه لا تثقل كاهل المستأجرين بما لا يتحملونه.

وعن الفترة الانتقالية أشار التقرير إلى أنه وجدها تتراوح بين ثلاث سنوات، وهو مقترح اتحاد ملاك العقارات، و25 عامًا في مقترح المجالس القومية المتخصصة حسب سنة بناء الوحدة، بينما كانت هناك اقتراحات بأن تكون خمس سنوات.

وأشار إلى أن أهمية الفترة الانتقالية تقع في إعطاء المستأجرين وقت كافٍ لتدبير سكن بديل حال عدم الاستطاعة على تحمل قيم السوق بعد انتهاء الفترة، كما تسمح للحكومة بتدبير برنامج يدعم غير القادرين أثناء الفترة الانتقالية، بالإضافة إلى أنها تعطي مجلس النواب فرصة لدراسة الأثر التشريعي لقانون الإيجار الجديد والعمل على إصلاحه لضبط سوق الإيجار العمومي الذي ترك المستأجرين تحت رحمة أسعار تضخُّمية غير منظمة.

وأشار التقرير إلى صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، الذي ينفذ برنامجًا مع البنك الدولي يقوم بالدعم النقدي لشراء وحدات الإسكان الاجتماعي "بالإضافة إلى مكون يقوم بتدبير دعم نقدي لمستأجري وحدات القطاع الخاص. كل ما هو مطلوب تفعيل هذا المكون ليغطي كل المستأجرين من ذوي الدخول المحدودة، خاصة من هم على المعاش"، حسب التقرير.

وسبق أن أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمًا بعدم دستورية ثبات أجرة الأماكن المؤجرة لأغراض السكن الخاضعة للقانون رقم 136 سنة 1981، المعروف بقانون الإيجار القديم، وألزمت مجلس النواب بالتدخل "لإحداث التوازن في العلاقة الإيجارية".

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2023، دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى ضرورة تحديث قانون الإيجارات القديمة، مشيرًا إلى أن 2 مليون وحدة "أصحابها ماتوا" فارغة وغير مستغلة بسبب هذا القانون، وفي فبراير/شباط الماضي خاطب البرلمان الحكومة لحصر هذه الوحدات، تمهيدًا لحوار مجتمعي حول الملف. فيما تشهد لجان البرلمان المتخصصة مناقشات دورية لسيناريوهات إصلاح قانون الإيجار القديم.

وأعلن رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي في مؤتمر صحفي سابق أن الحكومة التزمت بأحكام المحكمة الدستورية العليا، وسعت إلى إعداد مشروع قانون يحقق توازنًا بين حقوق الطرفين. وأوضح أن المشروع أُحيل إلى البرلمان تمهيدًا لبدء مناقشة مجتمعية موسعة، مؤكدًا أن الفترة الانتقالية المقررة في القانون ستكون كافية لتوفيق الأوضاع، وأنه لن تُتخذ أي قرارات فورية بإخلاء الوحدات السكنية.

من جانبه، أعلن رئيس مجلس النواب المستشار حنفي جبالي، إحالة مشروع القانون إلى لجنة الإسكان، بالتنسيق مع مكتبي لجنتي الإدارة المحلية، والشؤون الدستورية والتشريعية، لافتًا إلى أن المجلس سيفتح حوارًا مجتمعيًا شاملًا يضم ممثلين عن الملاك والمستأجرين، وخبراء في القانون، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، مشددًا على أن البرلمان لن يُقر القانون إلا بعد التوصل إلى صيغة عادلة ومتوازنة تراعي مصالح جميع الأطراف.