فصلت شركة مايكروسوفت مهندسة البرمجيات المغربية ابتهال أبو السعد وزميلتها فانيا أجراوال، بعد احتجاجهما خلال احتفال الشركة بالذكرى الـ50 لتأسيسها يوم الجمعة الماضي على تزويد إسرائيل بأنظمة ذكاء اصطناعي تستخدم في إبادة الفلسطينيين بقطاع غزة، حسب وثائق اطلعت عليها CNBC.
وحسب أسوشيتد برس، دعيت ابتهال أبو السعد أمس الاثنين إلى مكالمة بالفيديو مع ممثل لإدارة الموارد البشرية في مايكروسوفت، أبلغها بإنهاء خدمتها في الشركة على الفور.
واتهمتها الشركة بـ"سوء السلوك الهادف إلى اكتساب الشهرة وإحداث أقصى قدر من الاضطراب" خلال الاحتفال.
أما زميلتها فانيا أجراوال، وهي أمريكية من أصل هندي، فأُبلغت عبر الإيميل بفصلها من الشركة، حسب الجزيرة، لكن مايكروسوفت قالت إنها أعلنت استقالتها بالفعل، لكنها أمرتها يوم الاثنين بالمغادرة قبل خمسة أيام من الموعد المحدد، وفق أسوشيتد برس.
وكانت ابتهال أبو السعد قاطعت خطاب الرئيس التنفيذي للذكاء الاصطناعي في الشركة مصطفى سليمان، احتجاجًا على "تورط الشركة في عقود تكنولوجية مع الجيش الإسرائيلي"، خلال احتفال مايكروسوفت بمرور 50 عامًا على تأسيسها، حسب BBC.
واقتربت من منصة الاحتفال وقالت بصوت مرتفع أمام الحضور "عار عليك"، في إشارة إلى سليمان، البريطاني من أصل سوري.
وتابعت "تزعم أنك تستخدم الذكاء الاصطناعي من أجل الخير، لكن مايكروسوفت تبيع أسلحة ذكاء اصطناعي للجيش الإسرائيلي.. 50 ألف إنسان قتلوا، ومايكروسوفت تساهم في الإبادة الجماعية في منطقتنا".
وبينما حاولت إحدى المنظّمات إخراجها من الفعالية، تابعت القول "أنتم تجار حرب، أوقفوا استخدام الذكاء الاصطناعي لارتكاب الإبادة في منطقتنا". ثم خرجت وهي تلوّح للحاضرين، قائلة "الدم على أيديكم، أيدي كل مايكروسوفت، كيف تجرؤون على الاحتفال.. عار عليكم".
وألقت الموظفة الكوفية الفلسطينية على المسرح قبل إخراجها من الفعالية، بينما اكتفى مصطفى سليمان بشكرها.
أما فانيا أجراوال فاحتجت على بيع الشركة أسلحة الذكاء الاصطناعي لإسرائيل خلال فقرة أخرى ضمّت الرئيس التنفيذي الأسبق بيل جيتس، والرئيس التنفيذي السابق ستيف بالمر، والرئيس التنفيذي الحالي ساتيا ناديلا، وكان ذلك أول ظهور علني مشترك لهم منذ عام 2014، حسب BBC.
والجمعة الماضي، قالت الشركة في بيان "نوفر العديد من السبل لسماع جميع الأصوات. والأهم من ذلك، نطلب أن يتم ذلك بطريقة لا تسبب أي خلل في الأعمال. وفي حال حدوث ذلك، نطلب من المشاركين الانتقال إلى مكان آخر".
ورفضت مايكروسوفت القول يوم الجمعة ما إذا كانت ستتخذ إجراءات أخرى، لكن ابتهال أبو السعد وزميلتها فانيا أجراوال توقعتا فصلهما بعد أن فقدت كلتاهما إمكانية الوصول إلى حسابات العمل الخاصة بهما بعد فترة وجيزة من الاحتجاج، حسب أسوشيتد برس.
وكانت وثائق مسرّبة كشفت في يناير/كانون الثاني الماضي ضمن تحقيق مشترك أجرته الجارديان ومجلة +972 ومنصة Local Call، ويستند جزئيًا إلى وثائق حصلت عليها Drop Site News، عن توطيد شركة مايكروسوفت علاقاتها مع جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023.
وأظهرت الوثائق مساهمة الشركة في تقديم خدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي والاستشارات التقنية لدعم العمليات العسكرية الإسرائيلية، ما أثار انتقادات دولية ومخاوف بشأن مسؤولية الشركات التكنولوجية في النزاعات المسلحة.
ولم يقتصر التعاون على الخدمات التقنية فقط، بل شمل دعمًا ميدانيًا مباشرًا من مهندسي مايكروسوفت، بالإضافة إلى الاستشارات عن بُعد. واشترى جيش الاحتلال نحو 19 ألف ساعة استشارات من مايكروسوفت بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 ويونيو/حزيران 2024.
ومع تصاعد العدوان، ارتفع استهلاك جيش الاحتلال لتكنولوجيا مايكروسوفت بنسبة 60%، وقفز استهلاك أدوات الذكاء الاصطناعي إلى 64 ضعفًا مقارنة بفترة ما قبل الحرب، باستخدام أدوات الترجمة وتحليل النصوص لأغراض استخباراتية.
ليست وحدها مايكروسوفت المتهمة بتزويد إسرائيل بالتكنولوجيا المستخدمة في أنشطة عسكرية، وفي أبريل/نيسان 2024، أخطرت جوجل 28 من موظفيها بفصلهم عن العمل بعد مشاركتهم في احتجاجات نظمها العشرات في مكاتب الشركة بنيويورك وسياتل وسانيفيل بولاية كاليفورنيا، ضد عقد أبرمته الشركة مع إسرائيل في إطار ما يعرف بمشروع نيمبوس.
واعتصم المحتجون لما يقرب من 10 ساعات بمقار الشركة، قبل أن يتم اعتقال تسعة منهم بتهمة التعدي على الممتلكات.
ونيمبوس هو عقد بين الحكومة الإسرائيلية وشركتي جوجل وأمازون يتعلق بالذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية بقيمة 1.2 مليار دولار أمريكي، ينص على إنشاء نظام آمن مماثل لـ"Google Cloud" على الأراضي الإسرائيلية، على نحو يمكِّن الحكومة الإسرائيلية من إجراء تحليل للبيانات على نطاق واسع، والتدريب على الذكاء الاصطناعي، واستضافة قواعد البيانات، وأشكال أخرى من الحوسبة القوية باستخدام تكنولوجيا جوجل، مع القليل من الإشراف من قبل الشركة.
وسبق أن دشَّن موظفون في جوجل وأمازون حملة باسم لا تكنولوجيا للفصل العنصري/No Tech for Apartheid، للاحتجاج ضد مشروع نيمبوس، واستقال عاملان في جوجل في أبريل/نيسان الماضي احتجاجًا على المشروع.