حساب القوات المسلحة السودانية على إكس
قوات الجيش السوداني تسيطر على القصر الجمهوري، 21 مارس 2025

مراقبون: سيطرة الجيش على الخرطوم بوابة لمعارك أكثر شراسة في غرب السودان

أحمد سليم
منشور الخميس 27 مارس 2025

أحدث الجيش السوداني تحولًا سياسيًا وعسكريًا مهمًا في الحرب مع قوات الدعم السريع بعد إعلانه إعلانه السيطرة على العاصمة الخرطوم.

وتوقع مراقبون وعسكريون تواصلت معهم المنصة أن تكون سيطرة الجيش على الخرطوم مقدمة لمعارك أكثر شراسة في إقليم دارفور غربًا، الذي يسطر الدعم السريع على 4 ولايات منه "جنوب دارفور ووسط دارفور وغرب دارفور وشرق دارفور"، فيما يسيطر الجيش على مدينة الفاشر في شمال الإقليم ويحاصرها الدعم السريع منذ ما يقرب من عام.

ومع التقدم الأخير يكون الجيش رسخ أقدامه في كامل مناطق شمال ووسط وشرق السودان، في حين لا زالت قوات الدعم السريع تبسط هيمنتها على غالب ولايات دارفور ومناطق عديدة في ولايات كردفان، كما تستمر الحركة الشعبية لتحرير السودان في السيطرة على مناطق في جبال النوبة والنيل الأزرق، إلى جانب تواجد حركة جيش تحرير السودان في دارفور.

وتفقد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الأربعاء، القصر الجمهوري في العاصمة الخرطوم، وأكد "الخرطوم باتت حرة، الأمر انتهى".

معركة فاصلة

وقال نائب رئيس حزب الأمة القومي الفريق صديق إسماعيل لـ المنصة إن ما تحقق من مكاسب عسكرية للجيش السوداني في العاصمة الخرطوم بمثابة حافز لتطهير باقي الولايات السودانية التي ما زالت خاضعة لسيطرة الدعم السريع، مشيرًا إلى أن المعارك في الغرب لن تكون سهلة إذ أن العناصر التي تقاتل إلى جانب الدعم السريع تجهز نفسها للمعركة الفاصلة.

وأضاف أن الجيش وحلفاءه في الداخل والخارج أيضًا يسعدون لمعركة تحرير السودان بشكل كامل من خلال فك الحصار المفروض على مدينة الفاشر، والانطلاق منها للسيطرة على باقي الولايات، غير أن المعركة ستكون صعبة لأن الدعم السريع سحب كل ما لديه من عتاد وأسلحة ثقيلة من الخرطوم إلى الفاشر.

وأشار إلى المعارك المتوقع أن تندلع في الغرب ستكون بمثابة "كسر عظام" متبادل، غير أن الروح المعنوية الضعيفة لدى عناصر الدعم السريع واستمرار انسحاباتها من الخرطوم يشير إلى أنها لن تصمد أمام الجيش وحلفائه، حسبما قال.

لكنه استبعد أن يجمع حوار سياسي الجانبين، قائلًا "هذه المليشيات أضحت ملفوظة من جميع السودانيين ولن يكون لها وجود في مستقبل السودان، وإن استمرت فسيكون ذلك بصور وأشكال أخرى بعد أن تسببت في تدمير البلاد".

وفي المقابل، قال مستشار قائد الدعم السريع الباشا طبيق إن قوات الدعم السريع "لم ولن تنهار"، معتبرًا أن الجيش لم يحقق أي انتصار على قواته في الخرطوم.

وأضاف "لخطط عسكرية، قررت القيادة إعادة تموضع القوات في أم درمان نظرًا لعوامل لوجستية وترتيبات عسكرية أخرى". وأشار إلى أن بيان الجيش بشأن استلام مواقع من قوات الدعم السريع "ما هو إلا نصر زائف وتضليل للرأي العام".

وأكد الكاتب والمحلل السياسي السوداني عادل سيد أحمد لـ المنصة أن العاصمة السودانية تكاد تكون خالية بنسبة كبيرة من عناصر الدعم السريع مع الأخذ في الاعتبار وجود مناطق تتبع الخرطوم ما زال يتواجد فيها جيوب صغيرة لعناصر الدعم عند جبل أولياء جنوبًا وبعض المناطق في غرب أم درمان عند الطريق الواصل إلى دارفور الذي تنحسب منه قوات الدعم.

تحديات أمام الجيش 

أوضح عادل سيد أحمد أن هناك 3 ملفات تنتظر البرهان بعد السيطرة على الخرطوم، أولها تأمين العاصمة من الألغام ومخلفات الحرب، إلى جانب الخطاب السياسي المنتظر بعد تحقيق انتصار عسكري مريح، والثالث يتعلق بالحرب المستعرة في دارفور وكذلك في جنوب كردفان، إذ أن تحالفات قوات الدعم السريع مع الحركة الشعبية شمال جناح عبد العزيز الحلو تشير إلى أن تلك المعارك لن تكون سهلة كما أنه احتمالات تشكيل حكومة موازية ما زالت قائمة.

وأشار إلى أن تشكيل هذه الحكومة يجعل السودان يتجه إلى السيناريو الليبي، خاصة أن هناك دولًا إفريقية يمكن أن تتعامل مع الحكومة الموازية في أعقاب العداء العلني الذي عبر عنه مساعد قائد الجيش الفريق ياسر العطا ضد دول تشاد وكينيا وجنوب السودان، ويتزامن ذلك مع رغبة حثيثة من جانب تنظيم الإخوان الذي لديه سيطرة واسعة على قرار الجيش نحو الاستمرار في الحرب.

وقال العطا، وهو أيضًا عضو مجلس السيادة السوداني، مساء الأحد "سنقتص من الرئيس التشادي محمد إدريس دبي، ونحذّره من أن مطاري انجمينا وأم جرس هما أهداف مشروعة للقوات المسلحة السودانية"، كما هاجم أيضًا ما سماها "مراكز النفوذ الخربة في دولة جنوب السودان"، وقبل ذلك اتهم أوغندا وإفريقيا الوسطى وكينيا بالضلوع في مساندة قوات الدعم السريع.

وعدَّت وزارة الخارجية التشادية، وهي دولة حدودية مع إقليم دارفور حديث ياسر العطا بمثابة "إعلان حرب" مع ما يترتب على ذلك من تداعيات، قائلة إنها تلقت ببالغ الجدية التصريحات الصادرة عن العطا التي تضمنت "تهديدات صريحة تمسّ أمن أراضي أمتنا وسلامتها".

واعتبر سيد أحمد إن دارفور قنبلة تاريخية موقوتة ويتواجد بها تشكيلات قبلية معقدة وتقوم على البعدين العربي والإفريقي للقبائل والملكونات الأهلي وظلت الحرب مستعرة فيها أثناء حكم نظام الرئيس السابق عمر البشير لسنوات طويلة وانتهت بمفاوضات أبوجا ثم اتفاق السلام في العام 2010، والآن الوضع العسكري أكثر تعقيدًا مع قوة التحالفات التي نسجها الدعم السريع هناك مع القبائل والحركات المسلحة.

وتابع "في حال تمكنت قوات الدعم السريع من إعلان الحكومة الموازية وحظيت بدعم دول الجوار سيكون إقليم دارفور مسرحًا مرتقبًا لصراع إقليمي وتحديدًا مع الدعم المتوقع من دول تشاد وجنوب السودان وكينيا لعناصر الدعم السريع، ما يجعل الحرب أكثر تعقيدًا وشراسة باعتبار أن العنصر القبلي سيكون حاضر وهو ما لم يتوفر في الخرطوم وهي مدنية لا يتواجد فيها البعد القبلي".

وألمح إلى إمكانية اتجاه الوسطاء من خلال المبادرة الأمريكية السعودية المشتركة للاستفادة من التطورات العسكرية على الأرض لتحريك مف السلام عبر "منبر جدة" خاصة وأن إعلان المبادئ تحقق جزء منه بخروج الدعم السريع من الخرطوم والآن اليد العليا للجيش في الميدان، ومن المنطقي أن يقبل الجيش بذلك شريطة أن لا يكون خاضعا لحسابات تنظيم الإخوان وفلول نظام الرئيس السابق عمر البشير.

وتشهد الفاشر معارك عنيفة، ولا تزال تقاوم هجمات قوات الدعم السريع، التي لم تستطع السيطرة عليها رغم مرور نحو عام على سيطرتها على كامل غرب السودان باستثناء ولاية شمال دارفور التي تمثل الفاشر حاضرتها، وأفاد أهالي في شمال دارفور، بأن مدينة المالحة الاستراتيجية، التي كانت تحت سيطرة القوات المشتركة الداعمة للجيش، سقط تحت سيطرة قوات الدعم السريع، بعد هجوم كبير بدأته منذ نحو أسبوع.

ومؤخرًا قال وزير الخارجية السوداني علي يوسف إن المبادرة السعودية قدّمت مقترحاً لدعم السودان باحتياجاته لمدة 6 أشهر بعد انتهاء هذه المرحلة من الحرب، مشيرًا إلى أن مبادرة السعودية لدعم السودان تشمل الكهرباء، والصحة، والبنية التحتية كما أنها تعكس عمق العلاقات بين البلدين.