أعلن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، ترشيحَ رئيس بلدية إسطنبول المحبوس أكرم إمام أوغلو للانتخابات الرئاسية، وطالب رئيس الحزب أوزجور أوزيل بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وفق جمهورييت.
كان حزب الشعب أجرى أمس انتخابات تمهيدية، دعا إليها أعضاءه والمواطنين من غير الأعضاء، وفيها فاز رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو بأغلبية ساحقة رغم وجوده في السجن.
وشارك نحو 15 مليون ناخب في هذا التصويت الذي اعتبره الحزب رسالة تحدٍّ للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وتضامنًا مع إمام أوغلو، المنافس الأبرز في الانتخابات الرئاسية المقبلة 2028.
وقال رئيس الحزب "بلغت نسبة التصويت لأكرم إمام أوغلو من أعضائنا وصناديق الاقتراع التضامنية أكثر من 14 مليونًا و850 ألف صوت. لقد وضعت نتائج اليوم شرعية إردوغان موضع تساؤل وجعلت إجراء انتخابات مبكرة أمرًا حتميًا".
https://x.com/imamoglu_int/status/1903814453247848747/video/1
وجرى التصويت داخل أكثر من 5600 صندوق انتخابي في 81 ولاية تركية، وسط مشاركة لافتة من خارج الحزب عبر ما يعرف بـ"صناديق التضامن"، مما منح التصويت طابعًا شعبيًا يتجاوز الإطار الحزبي، واعتُبر بمثابة استفتاء على قيادة إمام أوغلو ورسالة احتجاج على قرار سجنه.
وفي أول تعليق له من داخل السجن المحتجز فيه غرب مدينة إسطنبول، وصف إمام أوغلو هذه النتيجة بأنها دليل واضح على رفض ملايين الأتراك لـ"القمع الحكومي وسوء الإدارة الاقتصادية والفوضى في البلاد"، وفق فرانس 24.
وقال "الملايين الذين يعانون من سياسات هذه الحكومة توافدوا بكثافة إلى صناديق الاقتراع اليوم ليقولوا لإردوغان: كفى". وتوعد إمام أوغلو بأن الانتخابات العامة المقبلة ستشهد "صفعة تاريخية لا تُنسى" ضد الحكومة الحالية.
وجاء ترشُّح إمام أوغلو منفردًا بعدما رفض رئيس بلدية أنقرة القيادي بحزب الشعب الجمهوري منصور يافاش خوض المنافسة، معللًا موقفه بأن الوقت "لا يزال مبكرًا" للحديث عن مرشحين، مما منح إمام أوغلو طريقًا مفتوحًا نحو التزكية مدعومًا بقاعدة حزبية وشعبية واسعة، حسب الجزيرة.
وأصدرت محكمة تركية، أمس، قرارًا بحبس إمام أوغلو إلى حين محاكمته، في وقت أعلنت وزارة الداخلية إقالته بعد اعتقاله بتهمة الفساد، حسب جمهورييت.
ووفق الموقع التركي، استغرق التحقيق مع إمام أوغلو يومين حول "قضايا فساد ومزاعم مساعدة حزب العمال الكردستاني المحظور، فيما رفض رئيس بلدية إسطنبول المحتجز جميع التهم المنسوبة أثناء التحقيقات". وأعلن محامو إمام أوغلو أنهم سيستأنفون على القرار.
وشهدت عدة مدن تركية، بينها العاصمة أنقرة، منذ الأربعاء، تظاهرات احتجاجية ضد اعتقال إمام أوغلو، ما دفع السلطات إلى إصدار أمر بحظر التجمعات والتظاهرات في إسطنبول لمدة 4 أيام.
وكان رد إردوغان على الغضب الشعبي الذي أعقب اعتقال إمام أوغلو، أن قال "أجد من المفيد أن أذكركم مرة أخرى لقد ولّت أيام النزول إلى الشارع، واصطحاب المنظمات اليسارية والهامشيين والمخربين معكم والتلويح بأصابع الاتهام للإرادة الوطنية".
وقال على إكس قبل يومين "لن نسمح أبدًا لحزب الشعب الجمهوري وأنصاره بالإخلال بالنظام العام وتعكير صفو أمتنا بالاستفزازات (...) سنهزم معًا أولئك الذين يتربصون بـ85 مليونًا (عدد سكان تركيا) من أجل حماية مصالحهم الخاصة".
بوصف CNN، كان إمام أوغلو أحد أكثر الشخصيات السياسية شعبية في تركيا، وهو التهديد الرئيسي للرئيس رجب طيب إردوغان الذي مدد حكمه لعقد ثالث بعد فوزه في انتخابات رئاسية حاسمة عام 2023، ليضمن بذلك ولاية ثانية إلا أن حزبه لم يتمكن من السيطرة على مدينة إسطنبول الرئيسية، التي كان رئيسًا لبلديتها قبل أن يصبح رئيسًا للجمهورية، والتي لا تزال في أيدي منافسه إمام أوغلو وحزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي.
وبعد فوزه بولاية ثانية، كان إردوغان عازمًا على استعادة المدينة في الانتخابات البلدية في مارس/آذار 2024، والتي شهدت فوز إمام أوغلو مجددًا بنسبة 51.14% من الأصوات، متغلبًا على مرشح حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه إردوغان.
ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية عام 2028، ولا يمكن لإردوغان حاليًا الترشح للمنصب مرة أخرى، حيث إنه في ولايته الثانية وشغل منصب رئيس الوزراء قبل ذلك. والطريقة الوحيدة التي يمكن لإردوغان أن يخوض بها انتخابات أخرى، هي تغيير الدستور أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة قبل انتهاء ولايته، حسب BBC.
وجاء الاعتقال بعد يوم واحد من إلغاء جامعة إسطنبول شهادة إمام أوغلو بسبب مخالفات مزعومة، وهو قرار من شأنه، حال تأييده، أن يمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية. فوفقًا للدستور التركي، يجب أن يكون الرؤساء أكملوا تعليمهم العالي لتولي المنصب، وفق BBC.
ووصف إمام أوغلو، في بوست على فيسبوك، هذه الخطوة بأنها لا أساس لها من الصحة من الناحية القانونية، مضيفًا أن الجامعات يجب أن تظل مستقلة وبعيدة عن التدخلات السياسية ومكرسة للمعرفة.
وعلى إكس، خاطب رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل، أكبر أحزاب المعارضة والذي ينتمي له إمام أوغلو، الرئيس التركي، قائلًا له "أنت تخاف من الميادين، وتخاف من الحشود، وتخاف من الشوارع. لكن إسطنبول لا تخاف منك!".
وفي بوستات أخرى اعتبر أوزيل أن "التدخلات الأخيرة ضد إمام أوغلو هي محاولة انقلابية، لمنع الشعب من تحديد الرئيس القادم"، وقال إن "اتخاذ القرارات نيابة عن الشعب واستبدال إرادته، أو استخدام القوة لمنعه، يرقى إلى مستوى الانقلاب".
وتوقف وزير العدل التركي يلماز تونج أمام تصريحات أوزيل، وقال للصحفيين الأربعاء إن "وصف الاعتقالات الأخيرة خطيرٌ وخاطئٌ للغاية"، مضيفًا "من الخطير والخاطئ للغاية تشويه التحقيقات التي أجراها القضاء المستقل والنزيه أو وصفها باستخدام تعبيرات مثل الانقلاب".
ومثلت خسارة إسطنبول في مايو/أيار 2019، صدمة كبيرة لحزب العدالة والتنمية، الذي أدارها لمدة 25 عامًا، رغم أن إمام أوغلو واجه تحديات قوية للفوز، حيث ألغت السلطات الانتخابية التصويت، وأجبرته على الخروج من منصبه بعد أن زعم حزب العدالة والتنمية وجود مخالفات في عملية التصويت، وأمرت بإعادة الانتخابات.
وتتضح أهمية إسطنبول، حسب BBC، بالنظر إلى أنها تضم خُمس سكان تركيا البالغ عددهم حوالي 85 مليون نسمة، وهي مسؤولة عن جزء كبير من الاقتصاد التركي، بما في ذلك التجارة والسياحة والتمويل.