أصدرت محكمة تركية، الأحد، قرارًا بحبس رئيس بلدية إسطنبول المحتجز أكرم إمام أوغلو إلى حين محاكمته، في وقت أعلنت وزارة الداخلية إقالته بعد اعتقاله بتهمة الفساد، حسب جمهورييت.
ووفق الموقع التركي، استغرق التحقيق مع إمام أوغلو يومين حول "قضايا فساد ومزاعم مساعدة حزب العمال الكردستاني المحظور، فيما رفض رئيس بلدية إسطنبول المحتجز جميع التهم المنسوبة أثناء التحقيقات". وأعلن محامو إمام أوغلو أنهم سيستأنفون على القرار.
https://x.com/ekrem_imamoglu/status/1903791277524533380
وفي رسالة نشرها إمام أوغلو عبر محاميه على إكس، دعا المعارض البارز أنصاره إلى "عدم فقدان الأمل" و"عدم الإصابة بالإحباط"، وقال إنه يضحي من أجلهم، وأضاف "في الطريق إلى السجن أطلعوني على الصور والقصائد والرسائل التي رسمها الأطفال. أعزائي، أنتم أجمل رفاق، سيخرج عمكم أكرم ويواصل القيام بأشياء عظيمة من أجلكم، سنمحو، يدًا بيد، وصمة العار السوداء هذه عن ديمقراطيتنا"، مضيفًا "لن أرضخ والأمور ستكون على ما يرام".
من جهته قال زعيم المعارضة في تركيا أوزجور أوزيل إنه سيقدم طعنًا قانونيًا على قرار المحكمة، مضيفًا "مؤامرة وذات دوافع سياسية"، وفق DW.
وحسب جمهورييت، أعلنت وزارة الداخلية إقالة إمام أوغلو، إلى جانب منع رئيس بلدية بيليك دوزو مراد جاليك ورئيس بلدية شيشلي رسول عمرة شاهان من ممارسة مهامهما. وفي الوقت نفسه، تم تعيين أمين على بلدية شيشلي.
وشهدت عدة مدن تركية، بينها العاصمة أنقرة، منذ الأربعاء، تظاهرات احتجاجية ضد اعتقال إمام أوغلو، الذي يعتبر المنافس الأقوى للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ما دفع السلطات إلى إصدار أمر بحظر التجمعات والتظاهرات في إسطنبول لمدة 4 أيام.
واتهم المدّعون إمام أوغلو بـ"الفساد ومساعدة جماعة إرهابية، والاشتباه في قيادة منظمة إجرامية". واحتجزت السلطات 100 مشتبه به، بينهم سياسيون وصحفيون ورجال أعمال بمن فيهم رئيسا بلديتي إسطنبول المنتخبان رسول عمرة شاهان ومراد جاليك، كجزء من التحقيق.
بوصف CNN، كان إمام أوغلو أحد أكثر الشخصيات السياسية شعبية في تركيا، وهو التهديد الرئيسي للرئيس رجب طيب إردوغان الذي مدد حكمه لعقد ثالث بعد فوزه في انتخابات رئاسية حاسمة عام 2023، ليضمن بذلك ولاية ثانية إلا أن حزبه لم يتمكن من السيطرة على مدينة إسطنبول الرئيسية، التي كان رئيسًا لبلديتها قبل أن يصبح رئيسًا للجمهورية، والتي لا تزال في أيدي منافسه إمام أوغلو وحزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي.
وبعد فوزه بولاية ثانية، كان إردوغان عازمًا على استعادة المدينة في الانتخابات البلدية في مارس/آذار 2024، والتي شهدت فوز إمام أوغلو مجددًا بنسبة 51.14% من الأصوات، متغلبًا على مرشح حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه إردوغان.
ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية عام 2028، ولا يمكن لإردوغان حاليًا الترشح للمنصب مرة أخرى، حيث إنه في ولايته الثانية وشغل منصب رئيس الوزراء قبل ذلك. والطريقة الوحيدة التي يمكن لإردوغان أن يخوض بها انتخابات أخرى، هي تغيير الدستور أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة قبل انتهاء ولايته، حسب BBC.
وجاء الاعتقال بعد يوم واحد من إلغاء جامعة إسطنبول شهادة إمام أوغلو بسبب مخالفات مزعومة، وهو قرار من شأنه، حال تأييده، أن يمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية. فوفقًا للدستور التركي، يجب أن يكون الرؤساء أكملوا تعليمهم العالي لتولي المنصب، وفق BBC.
ووصف إمام أوغلو، في بوست على فيسبوك، هذه الخطوة بأنها لا أساس لها من الصحة من الناحية القانونية، مضيفًا أن الجامعات يجب أن تظل مستقلة وبعيدة عن التدخلات السياسية ومكرسة للمعرفة.
وعلى إكس، خاطب رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل، أكبر أحزاب المعارضة والذي ينتمي له إمام أوغلو، الرئيس التركي، قائلًا له "أنت تخاف من الميادين، وتخاف من الحشود، وتخاف من الشوارع. لكن إسطنبول لا تخاف منك!".
وفي بوستات أخرى اعتبر أوزيل أن "التدخلات الأخيرة ضد إمام أوغلو هي محاولة انقلابية، لمنع الشعب من تحديد الرئيس القادم"، وقال إن "اتخاذ القرارات نيابة عن الشعب واستبدال إرادته، أو استخدام القوة لمنعه، يرقى إلى مستوى الانقلاب".
وتوقف وزير العدل التركي يلماز تونج أمام تصريحات أوزيل، وقال للصحفيين الأربعاء إن "وصف الاعتقالات الأخيرة خطيرٌ وخاطئٌ للغاية"، مضيفًا "من الخطير والخاطئ للغاية تشويه التحقيقات التي أجراها القضاء المستقل والنزيه أو وصفها باستخدام تعبيرات مثل الانقلاب".
ومثلت خسارة إسطنبول في مايو/أيار 2019، صدمة كبيرة لحزب العدالة والتنمية، الذي أدارها لمدة 25 عامًا، رغم أن إمام أوغلو واجه تحديات قوية للفوز، حيث ألغت السلطات الانتخابية التصويت، وأجبرته على الخروج من منصبه بعد أن زعم حزب العدالة والتنمية وجود مخالفات في عملية التصويت، وأمرت بإعادة الانتخابات.
وتتضح أهمية إسطنبول، حسب BBC، بالنظر إلى أنها تضم خُمس سكان تركيا البالغ عددهم حوالي 85 مليون نسمة، وهي مسؤولة عن جزء كبير من الاقتصاد التركي، بما في ذلك التجارة والسياحة والتمويل.