الصفحة الرسمية للمتحدث باسم رئاسة الجمهورية، فيسبوك
الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال حفل الإفطار السنوي للقوات المسلحة 17 مارس 2025

لجان متخصصة ومؤتمر استجابةً لـ"انزعاج الرئيس".. ونقاد: الحل في حرية الإبداع ومنع الاحتكار

هاجر عثمان
منشور الخميس 20 مارس 2025

أكد ناقدان فنيان وسناريست أن إطلاق حرية الإبداع ومنع الاحتكار وفتح سوق الإنتاج الدرامي للتنافس الحر هو الحل لإنقاذ صناعة الدراما المصرية، وليس تشكيل لجان ومؤتمرات، كالتي تم الإعلان عنها فور إبداء الرئيس عبد الفتاح السيسي انزعاجه من بعض الأعمال الدرامية في الموسم الرمضاني.

وأعلنت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، أمس، البدء في تشكيل لجنة متخصصة للمحتوى تتولى وضع خطط وبرامج للإنتاج الدرامي والإعلامي، تزامنًا مع إعلان الحكومة تشكيل مجموعة عمل لوضع رؤية مستقبلية للإعلام والدراما المصرية.

وفي وقت سابق كشفت الهيئة الوطنية للإعلام عن عقد مؤتمر حول مستقبل الدراما المصرية الشهر المقبل، استجابة لتوجيهات الرئيس.

لماذا ينتقد الرئيس؟

أبدى السيناريست محمد هشام عبيه اندهاشه من انتقاد الرئيس للموسم الدرامي الحالي، قائلًا لـ المنصة "نحن أمام واحد من أفضل مواسم الدراما الرمضانية المصرية منذ حوالي 10 سنوات، والتي عانت وكانت دراما مرتعشة إن جاز التعبير".

يُفسر عُبيه انتقاد الرئيس في هذا التوقيت بأنه "في ظني شاهد مشهد أو اثنان من مسلسل لم يروقا له، ولكن يظلوا مشاهد منزوعة السياق نختلف في تقيمهم الفني، وانسحب للأسف استياءه على الموسم كله وما يُقدم فيه من أعمال، رغم غِناه، ورغم أن أغلب مسلسلات هذا العام من إنتاج الشركة المتحدة التابعة لأجهزة الدولة".

لا ينكر عُبيه على رئيس الجمهورية حقُه في انتقاد الدراما "هو مشاهد في النهاية"، ولا يُخفي مخاوفه من استغلال انزعاج السيسي "في مصر عندما يُبدي الرئيس إعجابه بشىء كل أجهزة الدولة تُقرر تُعَجب بهذا الشيء، وعندما ينزعج تنزعج كل الأجهزة".

ويشهد الموسم الرمضاني لعام 2025 سباقًا دراميًا حافلًا بالمنافسة، حيث تتنوع المسلسلات المصرية المعروضة بين الإنتاجات المحلية والعربية، بإجمالي 40 مسلسلًا، من بينها عشرة مسلسلات ذات إنتاج عربي، وأنتجت الشركة المتحدة على شاشاتها 22 مسلسلًا.

يخشى عُبيه كذلك حدوث رِده في الدراما "من حق الرئيس الانتقاد لكن اخشى من صناع الدراما أنفسهم يطلعوا يكرروا نفس الكلام"، وأوضح "بعد عام 2013 و2014 ولظروف سياسية شهدتها البلاد آنذاك، فُرضت قيود على الإنتاج الدرامي، لكن تحررت هذه القيود تدريجيًا ونسبيًا بكفاح حقيقي للصناع على مدار السنوات الماضية، وكنا نتوقع المزيد من الانفتاح في السنوات المقبلة، لكن بما نراه حاليًا من تشكيل لجان لبحث أزمة الدراما ربما يُحدث كل ذلك رِدة في هذه الانفراجة".

يتفق الناقد الفني آدم مكيوي مع عُبيه في تنوع الموسم الدرامي الحالي، وقال لـ المنصة "مندهش من انتقاد الرئيس للدراما وتشكيل رئيس الوزراء لجنة لبحث تطويرها، كما لو أن الدراما المصرية في حالة سيئة، بالعكس نحن أمام موسم أكثر جودة من مواسم سابقة كانت هزيلة  وشاحبة".

"نواجه كل سنة جدالًا فارغًا وسؤالًا حول تأثير الدراما سلبًا على المجتمع ودعوتها الناس والشباب للعنف ودفعهم لحمل السيوف في الشوارع، هو جدال مكرر ولا ينتهى، خلينا نقفل المسلسلات ونوقف الإنتاج الدرامي المصري لو ده الحل"، حسبما قال مكيوي.

وتابع "ليس مطلوب من الدراما محاكاة الواقع كما هو بخشونته، لكن من حق هذه الأعمال طالما مرت وأجيزت من فلتر الرقابة أن تُترك للجدال المجتمعي، وليس اللجان الفوقية".

وينتقد الناقد الفني هذه اللجان ويصفها "مُجهضه للفن، وبتتعمل من أيام صفوت الشريف وزير إعلام مبارك، لكن بلا فائدة، هتتمخض هذه اللجان وتلد فأرًا".

يتذكر مكيوي أعمالًا سابقة تم إنتاجها في إطار توجيهات الدراما الهادفة "إنتاجات مثل هجمة مرتده، القاهرة كابول، الاختيار، العميل 101، بتقول اللي عايزين يقولوه، بس صعب يخلوا الناس كلها تقول اللى عايزينه".

أما السناريست والمُنتج ورئيس أمانة الثقافة والفنون بحزب الجبهة الوطنية مدحت العدل، فقال لـ المنصة "لن نعيد اختراع العجلة كلنا عارفين أن هناك مشكلة تُواجه الدراما المصرية"، مضيفًا "طالما الرئيس قال، يبقى هناك إرادة دولة وطالما موجودة هذه الإرداة الدنيا هتتغير للأحسن، إزاي ده سؤال سابق لآوانه، المهم أن تفرض الدولة إرادتها".

ويرى العدل أن صناعة الدراما تُواجه أزمة بكل مفرداتها "أزمة إنتاج ونَص وتوزيع، أزمة في كل حاجة من الآخر".

طبخة مسمومة

من جانبه يُحمل الناقد الفني خالد عاشور الشركة المتحدة مسؤولية دعم الدراما الذي تنتقدها الآن القيادة السياسية، وقال لـ المنصة "المؤسسة المنوط بها صناعة الدراما واحتكارها هي المشكلة نفسها، هي من اعتمدت طبخة المخرج محمد سامي المسمومة المليئة بالتوابل من العنف وإثارة الغرائز، القبح والبلطجة، وانتجت له أعمالًا سابقة مثل نسل الأغراب وجعفر العمدة".

يُذكر أن المخرج محمد سامي أعلن صباح اليوم اعتزاله تقديم أعمال تليفزيونية واستعداده للسفر خارج مصر.

وأضاف عاشور "صحيح مسلسلات محمد سامي هذا العام تذاع على قنوات سعودية، لكن ما الفرق بين سيد الناس وفهد البطل المليء بالعنف والبلطجة أيضًا ومن إنتاج الشركة المتحدة، إذًا هل تنتقد نفسك ومنظومتك؟!".

يتفق عُبيه ومكيوي وعاشور على أن تشكيل هذه اللجان وعقد المؤتمرات ليس الحل لإنقاذ الدراما، مؤكدين أن الحل هو إطلاق الحريات وطرح سوق الإنتاج الدرامي للتنافس الحر، ويقول عُبيه "ما ينقذ الصناعة هو منح مساحة حرية أكبر للصناع في التفكير والسماح لشركات الإنتاج بالمنافسة وتقديم أعمال متنوعة"، معربًا عن عدم تفاؤله من جدوى هذه اللجان.

بينما يرى الناقد الفني آدم مكيوي "أن الشركة المتحدة من حقها تشكيل لجنة تضم كتاب كبار لبحث تحسين مستوى جودة إنتاجها الدرامي، ولكن عليها ترك الآخرين لينتجوا مثلما يروا بحرية، طالما المسلسل وفكرته تمر على الرقيب".