
وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية تستخدم أداة متطورة لمراقبة الأفراد على الإنترنت
في كشف جديد حول توسُّع المراقبة الحكومية في الولايات المتحدة، حصل موقع 404 Media على قائمة مسرّبة للمواقع والخدمات التي تراقبها شركة ShadowDragon، وهي مقاول يعمل مع وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية/ICE ووكالات حكومية أخرى.
وتشمل القائمة أكثر من 200 منصة إلكترونية يتم استخراج البيانات منها، بما في ذلك منصات سوشيال ميديا عالمية مثل فيسبوك وإنستجرام وتليجرام وبلوسكاي وواتساب، إلى جانب مواقع أخرى غير متوقعة مثل منصات لعب الشطرنج وخدمات تحويل الأموال مثل PayPal وCash App.
ويذكر تقرير 404 ميديا أن الشركة تستخدم أداة متطورة تدعى SocialNet، وهي أداة استخباراتية تتيح للمحللين البحث بسهولة عن البيانات المتاحة علنًا حول أي شخص مستهدف، وجمع معلومات حول تحركاته، علاقاته، واهتماماته، وفقًا للمواد التسويقية الخاصة بالشركة.
ويؤكد الموقع الرسمي لشركة ShadowDragon أن الأداة تتيح للمستخدمين إدخال أي بيانات أولية مثل البريد الإلكتروني أو رقم الهاتف أو الاسم المستعار، ثم الحصول فورًا على سجل رقمي للهدف، بما يشمل الأصدقاء والاهتمامات والصور ومقاطع الفيديو. كما تتيح الأداة رسم خريطة للأنشطة المشبوهة وتتبع الأفراد بشكل لحظي.
يأتي الكشف عن هذه الأداة في سياق متوتر، إذ احتجزت وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية مؤخرًا الناشط الفلسطيني محمود خليل، أحد أبرز المحتجين في جامعة كولومبيا، رغم كونه حاصلًا على الإقامة الدائمة القانونية في الولايات المتحدة، في خطوة وصفتها مصادر حقوقية بأنها محاولة لـ"إسكات الأصوات المعارضة".
كما يأتي ذلك في ظل ما يُعرف ببرنامج Catch and Revoke الذي أطلقه وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي لمسح حسابات السوشيال ميديا الخاصة بالطلبة الأجانب، بحثًا عن منشورات قد تشير إلى دعم جماعات تصنفها الولايات المتحدة على أنها إرهابية.
وبينما لم يتضح بعد ما إذا كانت ShadowDragon وأداتها SocialNet جزءًا من هذا البرنامج، فإن الشركة تروج لنفسها باعتبارها أداة فعالة لمراقبة الاحتجاجات، حيث ادعت سابقًا أنها رصدت مظاهرات في واشنطن أثناء زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عام 2023.
وطبقًا لتقرير 404 ميديا، أثارت التقارير عن ShadowDragon ردود فعل من عدة شركات تقنية كبرى، حيث أكدت ميتا، المالكة لمنصات فيسبوك وإنستجرام وثريد، أن استخلاص البيانات دون إذن يعد انتهاكًا لسياساتها، مشيرة إلى أنها تتخذ إجراءات قانونية ضد الجهات التي تقوم بذلك.
كما قال تطبيق سناب شات إن أي نوع من جمع البيانات بهذه الطريقة يخالف شروط الخدمة، فيما صرّح ممثل عن موقع Chess.com بأنهم لم يكونوا على علم بأن ShadowDragon تجمع بيانات مستخدميهم، مؤكدًا أن أي استخدام غير قانوني للبيانات سيكون مرفوضًا.
أما شركة لينكدإن، فأكدت أنها تعمل بشكل مستمر لمنع جمع بيانات مستخدميها دون إذنهم، بينما أشار متحدث باسم Cash App إلى أن المنصة تحظر تمامًا مراقبة أنظمتها باستخدام أدوات يدوية أو آلية.
وردًا على الاتهامات، قال نائب رئيس العمليات في ShadowDragon ساندي ماكاي، في تصريحات لـ 404 ميديا، "نحن لا نسجل استفسارات عملائنا أو البيانات الناتجة عنها، وبالتالي لا يمكننا انتهاك إعدادات الخصوصية للأفراد، بما في ذلك البيانات التي قاموا بحذفها".
لكن خبراء الخصوصية يحذرون من أن مجرد القيام ببحث لحظي في البيانات العامة قد يظل انتهاكًا لسياسات بعض المنصات، خاصة وأن العديد من الشركات الكبرى تحظر استخراج البيانات لأغراض استخباراتية أو تجارية دون إذن رسمي.
وتشير وثائق المشتريات الحكومية في الولايات المتحدة، طبقًا للتقرير، إلى أن ShadowDragon لديها عقود مع وزارة الخارجية الأمريكية والجيش وإدارة مكافحة المخدرات ووكالة الحياة البرية ووكالة الهجرة والجمارك الأمريكية.
ووفقًا لوثيقة حكومية حصل عليها مركز EPIC عبر قانون حرية المعلومات، فإن وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية تعتمد على SocialNet في عمليات التحقيق الخاصة بـ"العناصر الإجرامية المعروفة"، حيث تتيح الأداة تتبع الهويات وربط الأسماء المستعارة والكشف عن الأنشطة المشبوهة بشكل تلقائي.
كما أوضحت الوثيقة أن استخدام الأداة يساعد في تحديد الروابط بين المجرمين والمواقع الجغرافية المرتبطة بهم، وتتبع تدفقات الأموال والأنشطة التجارية المشبوهة، وتحليل بيانات السوشيال ميديا لمعرفة "نمط الحياة والموقع الفعلي للتهديدات المحتملة".
يثير هذا الكشف تساؤلات حول حدود المراقبة الرقمية في الولايات المتحدة ومدى توافق هذه الأدوات مع الحريات المدنية وحماية الخصوصية. ويضاف هذا الجدل إلى سلسلة من الفضائح السابقة حول استخدام الحكومات الأمريكية والغربية لأدوات التجسس الرقمية لمراقبة المواطنين.
حتى الآن، لم تصدر وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية أي بيان رسمي حول هذه التسريبات، ولم ترد على استفسارات موقع 404 ميديا بشأن طبيعة علاقتها بـShadowDragon، وما إذا كانت أداة SocialNet تُستخدم في عمليات ترحيل أو استهداف المهاجرين والمعارضين السياسيين.
وفي ظل هذه التطورات، تبقى مسألة الخصوصية الرقمية وحماية البيانات الشخصية محط اهتمام عالمي، مع تصاعد المخاوف من أن تتحول هذه الأدوات إلى أدوات قمع سياسي بدلًا من مكافحة الجرائم الحقيقية.