صورة موّلدة بواسطة نموذج الذكاء الإصطناعي DALL-E
جيش الإحتلال الإسرائيلي يطور نموذجًا متقدمًا للذكاء الاصطناعي شبيهًا بـ ChatGPT

تحقيق: إسرائيل تطور ذكاءً اصطناعيًا لمراقبة الفلسطينيين و"إحكام السيطرة"

قسم الأخبار
منشور السبت 8 مارس 2025

كشف تحقيق صحفي مشترك نشرته الجارديان وLocal Call ومجلة +972، عن تطوير جيش الاحتلال الإسرائيلي نموذجًا متقدمًا للذكاء الاصطناعي يشبه ChatGPT لمراقبة الفلسطينيين من خلال تدريبه على ملايين المحادثات باللغة العربية.

ووفقًا للتحقيق، يجري تنفيذ هذا النموذج تحت إشراف الوحدة 8200 وهي وحدة النخبة المتخصصة في الحرب السيبرانية والاستخبارات الإلكترونية في جيش الاحتلال.

وتُعرَف الأداة الجديدة بأنها نموذج لغوي ضخم/LLM قادر على تحليل البيانات وإنشاء النصوص وترجمتها والتنبؤ بها وتلخيصها.

وأوضح التحقيق أن الأداة الجديدة تعتمد على المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها إسرائيل عن الفلسطينيين، ما يمنحه قدرة غير مسبوقة على تحليل أنماط السلوك والتواصل، بما في ذلك اللهجات الفلسطينية المختلفة المستخدمة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وتضمن التحقيق تأكيدات من ثلاثة مصادر أمنية إسرائيلية لم تُذكر أسماؤها، أن النموذج كان قيد التطوير خلال النصف الثاني من العام الماضي، ولم يتحدد موعد تشغيله الفعلي، مبينة أنه سيمكّن جيش الاحتلال  من استخراج معلومات استخباراتية حول أفراد بعينهم في وقت قياسي.

ومن المتوقع أن يؤدي هذا النموذج إلى توسيع نطاق الاعتقالات والملاحقات الأمنية بحق الفلسطينيين، استنادًا إلى التحليل الآلي لأنماط السلوك، وأوضح مصدر استخباراتي من الوحدة 8200 أن الذكاء الاصطناعي يُضخم القوة الإسرائيلية في مواجهة الفلسطينيين بمنح جيش الاحتلال قدرة متقدمة على مراقبتهم وإحكام السيطرة عليهم.

لم تقتصر أهداف الأداة على "منع الهجمات المسلحة" فقط، بل يُتوقع استخدامها في مراقبة النشطاء الحقوقيين، وتتبع البناء الفلسطيني في مناطق "ج" بالضفة الغربية، ورصد تحركات الأفراد الفلسطينيين بدقة.

تورط شركات تكنولوجيا كبرى

رغم أن تطوير الأداة بدأ قبل إطلاق حركة حماس طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023 وما تبعه من عدوان إسرائيلي على غزة استمر 15 شهرًا، فإن التحقيق كشف أن جيش الاحتلال عزّز المشروع بعد هجوم المقاومة الفلسطينية، حيث استعان بخبراء في الذكاء الاصطناعي من شركات تكنولوجية كبرى مثل جوجل وميتا ومايكروسوفت.

واستُدعي هؤلاء الخبراء ضمن التعبئة العسكرية لجنود الاحتياط، جالبين معهم خبرات متقدمة كانت محصورة سابقًا في الشركات العالمية.

في المقابل، أكدت شركة جوجل أن لديها موظفين يؤدون خدمة الاحتياط في عدة دول، لكنها زعمت أن عملهم خلال خدمتهم العسكرية "لا علاقة له بجوجل"، فيما امتنعت شركتا ميتا ومايكروسوفت عن التعليق. كما كشفت التحقيقات أن جيش الاحتلال الإسرائيلي تمكن من الوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بـOpenAI عبر خدمة Microsoft Azure، رغم أن الشركة لم تصدر تعليقًا رسميًا حول الأمر.

تدريب الذكاء الاصطناعي

وأشار التحقيق إلى أن النموذج اللغوي الجديد للوحدة 8200 دُرِّب على 100 مليار كلمة باللغة العربية، جُمعت عبر عمليات المراقبة الواسعة للفلسطينيين، بما في ذلك مكالماتهم الهاتفية ومحادثاتهم على السوشيال ميديا والرسائل النصية بينهم.

وأثار هذا الأمر مخاوف حقوقية كبيرة، إذ اعتُبر استخدام البيانات الشخصية دون موافقة أصحابها انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان.

وحذّر الباحث بمنظمة هيومن رايتس ووتش، زاك كامبل، من أن هذه المعلومات الشخصية قد تُستخدم لاحقًا لتصنيف الفلسطينيين كمشتبه بهم بناءً على استنتاجات غير دقيقة أو منحازة للذكاء الاصطناعي.

كما اعتبر المدير التنفيذي لمجموعة "حملة" الفلسطينية للدفاع عن الحقوق الرقمية، نديم الناشف، أن الفلسطينيين أصبحوا "حقل تجارب" لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي العسكرية الإسرائيلية.

وللمرة الأولى، تم الاعتراف علنًا بمشروع تطوير هذا النموذج من قبل تشاكيد روجر جوزيف سيدوف وهو ضابط استخبارات إسرائيلي قدم نفسه كقائد المشروع خلال مؤتمر DefenseML في تل أبيب العام الماضي، حسب التحقيق.

توسع غير مسبوق في المراقبة والاعتقالات

وبحسب التحقيق، فإن جيش الاحتلال يسعى لأن يستبدل بالضباط البشريين وكلاء ذكاء اصطناعي قادرين على قراءة وتحليل المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية خلال دقائق والتنبؤ بالمشتبه بهم المستقبليين، لكن التحقيق حذر في الوقت نفسه من أن الاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي في عمليات التجسس قد يؤدي إلى قرارات خاطئة ذات عواقب كارثية.

يُذكر أن تحقيقات سابقة أشارت إلى برنامج استخباراتي إسرائيلي يُدعى لافندر، تم استخدامه لإنشاء قوائم استهداف تشمل عشرات الآلاف من الفلسطينيين استنادًا إلى تحليلات الذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى تصفية عدد غير معلوم من المدنيين الأبرياء.