أصدرت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، أمس، تقريرًا حقوقيًا بعنوان "أموالهم غنيمة لنا: تهديد الشركات والاستثمار المحلى تحت ستار الحرب على الإرهاب"، رصدت فيه واقع استهداف الشركات الخاصة في مصر والملكيات والأموال منذ انطلاق الحرب على الإرهاب منذ عام 2013 وحتى الآن.
وحسب التقرير، شهدت مصر في أعقاب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي مجموعة من الإجراءات الاستثنائية التي جرى تقنينها بتشريعات لاحقة صدرت في إطار الحرب على الإرهاب، تبنت على أثرها السلطات ممارسات من بينها التحفظ على الأموال والشركات في مواجهة جماعة الإخوان المسلمين وأفرادها بشكل مطلق، إذ شملت تلك القرارات آخرين ممن يُحسبون على الجماعة أو يتقاربون معها.
لكن التقرير يشير إلى أن تلك الإجراءات الاستثنائية لم تقتصر على أعضاء تيار الإسلام السياسي وجماعة الإخوان المسلمين، بل امتدت لتشكل تهديدًا واسعًا لمجتمع الأعمال والاستثمار المحلي في مصر.
وفي هذا السياق رصد التقرير تبني السلطات لنمط متزايد في استهداف رجال الأعمال والشركات باتهامات الإرهاب، مؤكدًا أنه تلى ذلك إجبارهم على الدخول في شراكات مع الشركات المملوكة للدولة أو شراء المتعسر منها بمبالغ كبيرة لا يقبلها رجال الأعمال أولئك، عوضًا عن إجبارهم بشكل دوري ومستمر على التبرع بمبالغ كبرى للصناديق السيادية.
ونوه التقرير بأن فئة كبار رجال الأعمال التي تضررت من هذه الممارسات ضمت شخصيات مثل رجل الأعمال صلاح دياب، الذي بدأ استهدافه في 2015 وتكرر ذلك الاستهداف في 2020، وأكد التقرير أن دياب نفّذ ما طُلب منه، دون إشارة إلى طبيعة الأمر.
كما ضمت القائمة رجال أعمال آخرين مثل محمد الأمين وحسن راتب، الذي اتهم بالتنقيب غير القانوني عن الآثار، ولفت التقرير إلى أن الأمر انتهى براتب إلى التنازل عن حصص من استثماراته في سيناء ومن بينها مصنع أسمنت سيناء لصالح شراكة مع جهات من الأجهزة السيادية.
ولفت التقرير إلى تكرار الأمر ذاته مع رجل الأعمال سيد السويركي مالك سلسلة محلات التوحيد والنور، والذي اتهم في مخالفات ذات صلة بعدم مراعاة احتياطات الأمن الصناعي في منشآته، ليقضي في السجن بعض الوقت، انتهى بخروجه بعد تنازله عن أصول شملت أراضي ومحلات تابعة له.
وتكرر السيناريو، حسب التقرير أيضًا، مع رجل الأعمال أحمد العزبي، مالك سلسلة صيدليات العزبي، والذي تم توقيفه وتهديده بتحريك قضايا ضده، لينتهي الأمر به إلى الرضوخ إلى عروض الشراكة مع صندوق مصر السيادي، إذا بات الصندوق يمتلك 49% من أسهم تلك الشراكة، إلى جانب إجباره على دفع تبرع كبير لإحدى الجهات الحكومية.
كما ذكر التقرير قضية رجل الأعمال صفوان ثابت وابنه سيف، التي بدأت بالتحفظ على أموالهم الشخصية وأموال عائلتهما، ليصل الأمر إلى القبض عليهما بعد رفض ثابت الأب دمج أحد مصانعه مع مصنع سعت الدولة لإنشائه في قطاع الألبان، فضلًا عن رفضه شراء شركات غذائية مملوكة للدولة تعاني من خسائر مالية بعد طلب أحد الوزراء، وتم اتهامه بتمويل الإرهاب والإضرار بالاقتصاد.
وطالب التقرير الحقوقي، من أجل تدارك تلك الأوضاع التي وصفها بغير العادلة وغير القانونية، باعتبارها تهدد مناخ الاستثمار والعمل في مصر وبما يجب أن يضمنه من منافسة اقتصادية حرة، بثلاثة مطالب تضمنت إلغاء كافة القوانين الاستثنائية وفي مقدمتها قانون قوائم الكيانات الإرهابية وقانون مكافحة الإرهاب وقانون التحفظ على أموال الجماعات الإرهابية ومصادرتها.
وشدد التقرير على ضرورة تفعيل النصوص الدستورية المتعلقة بحماية الملكية الخاصة، وحظر استهداف الشركات بإجراءات أمنية، موصيًا بتشكيل جهة محاسبية ومالية مستقلة تتبع الهيئة العامة للاستثمار تختص دون غيرها بأعمال الفحص والتحري عن الشركات حال وجود شكوك جدية حول ارتباطها بالإرهاب أو تمويله.
وطالب التقرير شركاء مصر الدوليين ومانحيها الاقتصاديين بتوجيه صناع القرار في مصر لتصحيح الأخطاء في هذا الملف، من خلال إبعاد الأجهزة الأمنية عن الملف الاقتصادي وتتبع الشركات المحلية لضمان وجود بيئة استثمار آمنة وصالحة للعمل.