تصوير أحمد نبيل، المنصة
أدوية قديمة ومستخدمة، 21 يناير 2025

مصانع غير مرخصة تعيد تدوير الأدوية منتهية الصلاحية.. وخلاف على آلية "تنظيف الصيدليات"

محمد عبدالمطلب
منشور الثلاثاء 21 يناير 2025

كشف رئيس شعبة الأدوية علي عوف عن وجود تجارة رائجة بالأدوية منتهية الصلاحية، في وقت قدمت هيئة الدواء ضوابط وآليات لمنعها ومحاسبة المتورطين فيها، تلك الضوابط جار صياغتها قانونيًا وإصدارها خلال الفترة المقبلة.

وقال عوف لـ المنصة إن بعض المصانع غير المرخصة تشتري الأدوية منتهية الصلاحية من الصيدليات بغرض إعادة تغليفها بتاريخ صلاحية جديد وضخها في الأسواق مرة أخرى، ما يشكل خطرًا على صحة المواطنين.

وأوضح عوف أن جهاز حماية المستهلك تمكن خلال الفترة الماضية من ضبط مصانع مخالفة تُعيد تدوير بعض أدوية الأورام عبر إزالة تاريخ الصلاحية المنتهي وطبع آخر جديد، وضخها في الأسواق مرة أخرى من خلال المخازن والصيدليات، على حد قوله.

وقال إن المتسبب في هذه الأزمة في الأساس هيئة الدواء والشركات المصنعة "لعدم إلزام الهيئة المصانع بسحب منتجاتها منتهية الصلاحية، ومماطلة المصانع في القيام بمهامها".

وأضاف رئيس شعبة الأدوية أن شركات الأدوية لم تسحب أدويتها منتهية الصلاحية من الأسواق منذ 7 سنوات، وتُقدر القيمة المالية لهذه الأدوية بـ3 مليارات جنيه، حسبما قال.

وبسؤال نقيب صيادلة القاهرة محمد الشيخ، قال لـ المنصة إن آخر مرة تمت فيها عملية غسيل وتنظيف للأسواق (أي سحب الأدوية منتهية الصلاحية) كان في عام 2017، وقتها تم التوافق على سحب هذه الأدوية لمدة عام دون شروط.

لكن الشركات في ذلك الوقت "لم تسحب كل الأدوية منتهية الصلاحية، وسحبت أصنافًا وتركت أخرى" حسبما قال الشيخ، مؤكدًا أن هذه العملية لم تتكرر منذ ذلك الوقت.

وقال نقيب صيادلة القاهرة إن الشركات اكتفت بسحب الأدوية المنتهة الصلاحية في شكل مرتجعات بنسبة 2% من حجم تعاملات الصيدلية الشهرية معها، موضحًا "في بعض الأحيان لا تلتزم الشركات بتطبيق هذه النسبة".

من جهته طالب عوف، في حديثه لـ المنصة، هيئة الدواء، بإصدار قرارات وآليات إلزامية للشركات المصنعة بسحب منتجاتها منتهية الصلاحية من الأسواق "باعتبار أن الهيئة هي المسؤولة عن صحة المواطنين".

لكن محمد الشيخ أشار إلى توقيع أطراف الصناعة على اتفاقية ملزمة لسحب الأدوية منتهية الصلاحية من الأسواق، وذلك بحضور هيئة الدواء، مؤكدًا أن الهيئة ستصدر بها قرارًا خلال الفترة المقبلة.

وحسبما قال الشيخ، وهو أحد الموقعين على هذا الاتفاق، تم التوافق على سحب الأدوية منتهية الصلاحية في 3 أشهر من الصيدليات، حيث يسلم الصيادلة إلى شركات التوزيع الأدوية ومن ثمّ يجري إرجاعها للشركات.

وعن تفاصيل الاتفاق، أشار إلى إجراء حصر لقيمة هذه الأدوية وخصمها من مجمل مشتريات الصيدلي على مدار 6 أشهر، بمعنى أن الصيدلي يسترجع قيمتها في صورة خصم مقسم على 6 أشهر.

كما أشار إلى تشكيل لجنة عليا مسؤولة عن مراقبة عمليات السحب، تنبثق منها لجان فرعية في عضويتها نقيب الصيادلة عن كل محافظة ومسؤول فرع هيئة الدواء، لمتابعة عمليات السحب ورفع تقرير للجنة العليا والهيئة بما تم والكميات المسحوبة.

"جرى استحداث بند ملزم للشركات والصيادلة، بأحقية الصيدلي طلب إرجاع الأدوية الراكدة لشركات التوزيع، حتى تتمكن الشركة من ضخها في أماكن أخرى رائجة بها، وكذلك يحق للصيدلي إرجاع الدواء قبل انتهاء صلاحيته بـ6 أشهر" حسبما قال نقيب صيادلة القاهرة، موضحًا أن كل ذلك هدفه عدم وجود دواء منتهي الصلاحية على الأرفف.

وبالرجوع إلى هيئة الدواء، قال مصدر مسؤول فيها لـ المنصة، طالبًا عدم نشر اسمه، إنهم وضعوا بالفعل ضوابط لمنع وجود أدوية منتهية الصلاحية مرة أخرى وآليات لمحاسبة الصيدلي والموزع والمُصنع حال رصد أي من هذه الأدوية على أرفف الصيدليات، وجار صياغتها قانونيًا وإصدارها وتعميمها خلال الفترة المقبلة.

ومن هذه الآليات إلزام الصيدلي بالاحتفاظ بفاتورة الدواء وحال انتهاء صلاحيته يجب تقديم طلب بسحبه للمخزن أو الموزع، وفي حال رفضه أو عدم تنفيذ الطلب يتم محاسبته، وبذلك لا تقع على الصيدلي أي مسؤولية، أما في حال تراخي الصيدلي ستقتصر المحاسبة عليه.

وعن حملات التفتيش خلال الفترة الماضية، قال المصدر بهيئة الدواء إن الهيئة رصدت وقائع لأفراد "تشتري الأدوية منتهية الصلاحية من الصيدليات، وبعد ضبطهم يتبين أنهم كانوا يستغلونها في إعادة بيعها وضخها للسوق مرة أخرى من خلال صيدليات بمناطق نائية وأماكن غير مرخصة ولا تخضع لرقابة الهيئة، حيث يتم بيعها للجمهور في شكل أقراص مقسمة وليس شرائط كاملة مدون عليها تاريخ الصلاحية"، مؤكدًا أن هذه الحالات لم تنتشر على نطاق واسع لتتحول لظاهرة.

وحول إمكانية شراء أدوية الأورام منتهية الصلاحية من الصيدليات وتغيير تاريخ الصلاحية وإعادة بيعها مرة أخرى، أكد المصدر أنه أمر وارد الحدوث "خصوصًا مع أدوية الأورام غالية الثمن"، مشيرًا إلى ضبطهم مصانع غير مرخصة تصنع أدوية مغشوشة باستخدام خامات دوائية فعالة مجهولة المصدر أو خامات غير فعالة.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أطلقت هيئة الدواء مبادرة للتخلص من الأدوية منتهية الصلاحية، بالشراكة مع المصنعين والموزعين والصيدليات.

وأوضح المصدر بهيئة الدواء، وهو مطلع على تفاصيل المبادرة، أنهم تركوا لأطراف الصناعة تنظيم عملية السحب وغسل الأسواق بالتوافق فيما بينهم، نظرًا لكونها علاقة تجارية ولا دخل لهم بها، لكنهم مطالبون بإخطار الهيئة بآليات تنظيف السوق من الأدوية منتهية الصلاحية وإعدامها "حتى تستطيع الهيئة معاقبة المسؤول عن وجود علبة واحدة منتهية صلاحيتها بالصيدلية".

وخلال الفترة الماضية عقدت شعبة الأدوية باتحاد تجارة الأدوية اجتماعًا مع ممثلي غرفة صناعة الأدوية لبحث آليات تنظيم السحب والتنظيف، حسبما قال رئيس الشعبة في حديثه مع المنصة.

"حددت غرفة صناعة الدواء مدة سحب الأدوية منتهية الصلاحية بـ3 أشهر" حسبما قال عوف، منتقدًا هذا الشرط لأن هذه "ليست فترة كافية لسحب أدوية متراكمة منذ سنوات"، وأوضح أن الشركات ترفض إجراء أي سحب بعد الشهور الثلاثة وتعتبر ما سيكون في الأسواق من أدوية منتهية الصلاحية خارج مسؤوليتها.

وأكد رئيس شعبة الأدوية أنه وجه خطابًا لهيئة الدواء يطالبهم بإعطاء مهلة شهر للنقابات الفرعية للصيادلة لتجهيز الأعضاء لمرحلة الارتجاع قبل تطبيق عملية غسيل السوق لمدة 3 أشهر، على أن تجدد لفترة أخرى لتحقيق التغطية الكاملة، مشترطًا ألا تزيد عن سنة، ولا تُكرر إلا في حالة تكرار تراكم البضائع منتهية الصلاحية أو عدم تعاون بعض الشركات.