شهدت الجلسة العامة لمجلس النواب جدلًا خلال استكمال مناقشات نصوص مشروع قانون الضمان الاجتماعي والدعم، التي تنص على وقف الدعم النقدي للأسر المستفيدة في عشر حالات؛ من بينها الإدانة بجرائم الزواج المبكر وختان الإناث والتعدي على الأراضي الزراعية، حيث حاول نائب عن حزب النور وآخر عن حزب الوفد حذف الإدانة بجرائم ختان الإناث والزواج المبكر من النص.
ومطلع الشهر الجاري، وافق مجلس النواب من حيث المبدأ على مشروع القانون، الذي ينظم الدعم النقدي الموجه من الدولة "تكافل وكرامة"، ويحدد أوجه الدعم المشروط التي تقدمه الدولة لكل مواطن لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي، وغير قادر على إعالة نفسه وأسرته، وفي حالات العجز عن العمل والشيخوخة، كما تسري أحكامه على رعايا الدول الأخرى المقيمين في مصر، بشرط معاملة المصريين في تلك الدول بالمثل فيما يتعلق بالدعم النقدى والعيني.
وحددت المادة 34، كما وافق عليها مجلس النواب، حالات وقف الدعم النقدي للأفراد والأسر المستفيدة بحدوث تغيّر في مستوى معيشتهم يخرجهم عن حدود المعادلة الاختبارية للاستحقاق، أو "إذا دلس أو زور في البيانات التي أدلى بها عند تسجيل الحالة للتقدم للحصول على الدعم النقدي، أو إذا صدر حكم بات ضد الأفراد المستفيدين أو أرباب الأسر المستفيدة، بالإدانة بجرائم التسول، أو الاتجار بالبشر، أو تعريض الطفل للخطر، أو ختان الإناث، أو الزواج المبكر، أو التحرش، أو التعدي على الأراضي الزراعية، أو الجرائم الأخرى المخلة بالشرف والاعتبار".
كما يتوقف الدعم حال "رفض الأفراد المستفيدين أو أرباب الأسر المستفيدة من الدعم النقدي القادرين على العمل، فرص التوظيف أو كسب العيش التي توفرها لهم الجهة الإدارية، بالتنسيق مع الوزارة المختصة بالعمل، ثلاث مرات دون عذر مقبول، وتبين اللائحة التنفيذية للقانون طرق وإجراءات وآليات عرض فرص العمل أو إقامة المشروعات وحالات الرفض بعذر غير مقبول، ويُستثنى من هذا البند الأشخاص ذوو الإعاقة من المستويين الثاني والثالث، وأصحاب الأمراض المزمنة الشديدة والمسنين".
ونصت المادة على استمرار حصول الأسر المستفيدة التي صدر ضد أربابها حكم في أي من الجرائم المنصوص عليها على 75% من قيمة الدعم النقدي المقرر لها لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ صدور قرار إيقاف الدعم أو لحين توفيق أوضاعها بموجب طلب جديد للحصول على الدعم النقدي متى توافرت في شأنه أي من حالات الاستحقاق المقررة قانونًا، أيهما أقرب.
وطالب النائب عن حزب النور أحمد حمدي خطاب بحذف بندي ختان الإناث والزواج المبكر من النص، مدافعًا عن إجراء الختان، مستندًا إلى حديث منسوب للنبي محمد وآراء الفقهاء الأربعة، زاعمًا وجود آراء طبية تستدعي إجراء الختان لبعض الإناث، وقال "سنرفق مذكرة في مضبطة الجلسة".
وأضاف "مسألة الزواج المبكر كلمة فضفاضة ولا يوجد دليل في الإسلام على تحديد سن الزواج وهذا الأمر يخضع لاختلاف البيئة"، معتبرًا اختلاف بيئة الصحراء والريف والحضر دافعًا لاختلاف سن الزواج، واعتبر أن الأب "أحيانًا يضطر يزوجها، مش عارف يعلمها لأن أقرب مدرسة ثانوي بعيد عشرة كيلو، هذا الأمر لا بد من ضبطه".
وتطرق إلى أن "القانون المصري لا يجرم الزنا بالتراضي"، مستنكرًا "لا نجرم هذا الأمر ونجرم الزواج الشرعي".
من جهته، تطرق النائب الوفدي محمد عبد العليم داود لوقف الدعم في حالات التعدي على الأراضي الزراعية، منتقدًا فشل الحكومة في وضع استراتيجية لوقف التعديات، وقال "وعاقبنا الغلبان الفلاح اللي عنده أراضي زراعية".
ونبه رئيس مجلس النواب حنفي جبالي النواب "علشان تكتسبوا صفة العضوية أقسمتم على احترام الدستور والقانون، لا تناقش قانون التعدي على الأراضي الزراعية، أنت أقسمت على احترام القانون"، مضيفًا "كذلك النائب خطاب، الزواج المبكر محدد بالقانون وقد أقسمت على احترام القانون وكذلك تجريم ختان الإناث في بداية الفصل التشريعي أصدر المجلس القانون وأقر تجريم ختان الإناث، كيف تعترض على قانون أقسمت احترامه؟".
فاستكمل داود "بالنسبة للزواج المبكر، نخاطب العقل والمنطق والواقع أم لا؟ الزواج المبكر واقع في الصعيد والفلاحين.. يُجوز بورق لما يعدي السن"، فقاطعه جبالي "الواقع يجب ألا يخالف القانون، لو لقينا واحد بيدخل مخدرات واقع موجود نقول واقع ولا مجرم؟"، واستطرد رئيس المجلس "مجرم. خلاص إذن الزواج المبكر وختان الإناث مجرم، والتعدي على الأراضي الزراعية مجرم، لا تتحدثوا في مثل هذه الأمور المجرمة قانونًا".
وحاول داود الإقناع بالحذف مستندًا إلى أن هذه الجرائم معاقب عليها في قوانين أخرى، وقاطعه جبالي "أقعد بقى علشان تسمع"، موضحًا "هذه ليست عقوبة، توقف الدعم في هذه الحالة ليس عقوبة، فهو دعم توجيهي للتنمية وليس دعمًا مطلقًا"، مشيرًا إلى فلسفة الدعم التي تحض على تعليم الأبناء والمشاركة في الإنتاج.
وتبنى نفس الدعوة لحذف الإدانة بالتعدي على الأراضي الزراعية، النائب عن حزب مستقبل وطن طلعت عبد القوي، والنائب عن حزب التجمع أحمد بلال البرلسي.
وعقب وزير شؤون المجالس النيابية والقانونية محمود فوزي "ندي الدعم النقدي للناس ليه؟ لنعينهم على المعيشة ليقوموا ويطوروا من سلوكهم هم واللي زيهم"، مضيفًا "هذا دعم توجيهي أقول لك التزم بالقانون وسياسات الدولة لتستطيع الاستمرار في التمتع بهذا الدعم".
وشدد فوزي على أن الزواج المبكر وختان الإناث والتعدي على الأراضي الزراعية مجرمين بالقانون، وقال "يجب أن نناهض مثل هذه السلوكيات". كما لفت إلى أن النص يكفل استمرار حصول الأسر المستفيدة التي صدر ضد أربابها حكم في أي من هذه الجرائم.
وقال فوزي "المادة فيها رأفة ورحمة ومخارج لكنها تقول لا يمكن أن يستفيد من دعم الدولة من يخالف سياسات الدولة".
وتشير بيانات المسح الصحي للأسرة المصرية الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إلى انخفاض نسبة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث في الفئة العمرية من صفر إلى 19 سنة من 21% سنة 2014 إلى 14% سنة 2023.
وحسب المجلس القومي للسكان، ففي 2021، كان 43.1% ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ (46.2% ﺑﺎﻟﺤﻀﺮ، و41.8% ﺑﺎﻟﺮﻳﻒ) ﺧﺮﺟﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺰﻭﺍﺟﻬﻦ ﻗﺒﻞ ﺑﻠﻮﻏﻬﻦ ﺳﻦ 18.
والأسبوع الماضي، تقدم وزير التموين شريف فاروق بمذكرة لمجلس الوزراء تطالب بتأجيل تطبيق الدعم النقدي بمنظومة الخبز لمدة عامين بهدف استكمال دراسة ذلك بشكل كامل، حسبما أكد مصدران لـ المنصة.
وأعلنت الحكومة، نهاية مايو/أيار الماضي، في مؤتمر صحفي، زيادة سعر الخبز المدعم من 5 إلى 20 قرشًا، بداية من أول يونيو/حزيران الماضي "بعد وصول تكلفة إنتاج الرغيف لـ125 قرشًا"، مشيرة إلى استهدافها تقليل الأعباء المالية التي تتحملها الدولة.