نجا آلاف المعتقلين من سجن صيدنايا السوري، سيئ السمعة، في ريف دمشق، بينهم أطفال ونساء، بعدما حررتهم فصائل المعارضة المسلحة التي أسقطت نظام الرئيس بشار الأسد فجر اليوم.
وصورت مقاطع فيديو نشرتها الجزيرة، لحظات تحرير بعض السجينات، يبدو عليهن المفاجأة والسعادة، بعضهن كن بصحبة أطفالهن الصغار. وأظهرت المشاهد المصورة تكدسًا كبيرًا داخل الزنازين. كما أظهرت مقاطع فيديو أخرى سير المئات في الطريق، بعد تحريرهم من السجن.
يقع سجن صيدنايا على بعد 30 كيلومترًا، شمال دمشق، في سوريا. ويتبع وزارة الدفاع السورية، وتديره الشرطة العسكرية. ويتكون من مبنيين، يمكن أن يستوعبا ما بين 10000 و20000 سجين، وفق منظمة العفو الدولية التي وصفت السجن بأنه "مسلخ بشري".
ووفق دراسة أعدتها المنظمة عن السجن، تحت عنوان "المسلخ البشري، عمليات الشنق الجماعية والإبادة الممنهجة في سجن صيدنايا بسوريا"، في عام 2017، فإن النظام السوري أعدم داخله، منذ عام 2011، آلاف الأشخاص خارج نطاق القضاء في عمليات شنق جماعية تُنفذ تحت جنح الظلام، وتُحاط بغلاف من السرية المطلقة.
وأضافت المنظمة "قُتل آخرون كثر من المحتجزين في سجن صيدنايا جراء تكرار تعرضهم للتعذيب والحرمان الممنهج من الطعام والشراب والدواء والرعاية الطبية. ويُدفن قتلى صيدنايا في مقابر جماعية. ولا يمكن لأحد أن يزعم أن مثل هذه الممارسات المنهجية والواسعة النطاق تُرتكب بدون تفويض من الحكومة السورية على أعلى مستوياتها".
ونقل تحقيق عملت عليه "رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا"، لعام كامل ونشرته في أكتوبر/تشرين الأول 2022، بناء على 31 مقابلة مع أشخاص عملوا داخل "صيدنايا"، وضباط منشقين عن النظام السوري كانوا على أسواره ضمن القوات المسؤولة عن حمايته، إضافة إلى معتقلين سابقين اعتقلوا في أوقات متفرقة، طبيعة الأوضاع داخل السجن، حسب ما نقله موقع الحرة.
وتقدر مساحة السجن بـ1.4 كيلومتر مربع، أي ما يعادل "ثمانية أضعاف مساحة ملاعب كرة القدم الدولية في سوريا مجتمعة"، حسب التحقيق الذي أشار إلى أن "صيدنايا" يختلف عن باقي السجون من حيث التبعية ومن حيث الممارسات والقوانين المطبقة فيه، إذ يتبع لوزارة الدفاع السورية، بينما لا تتمتع وزارة العدل بأي سلطة عليه.
ومرت سوريا بأحداث كبيرة منذ تأسيسه في عام 1987، بينما تعاقب على إدارته عشرة مديرين مختلفين، كان لافتًا أنهم ينحدرون من قرى تتبع لمحافظة طرطوس وأخرى لمحافظة اللاذقية، في غرب البلاد، وفق الدراسة.
وكان النظام السوري يُصنف المعتقلين في "صيدنايا" إلى فئتين، الأولى هم الأمنيون، وهم معتقلون مدنيون أو عسكريون، على خلفية رأيهم أو نشاطهم السياسي أو انتمائهم إلى منظمات "إرهابية"، أو القيام بأعمال "إرهابية"، أو حسب "التهم الجاهزة من جانب النظام"، حسب رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا.
أما الفئة الثانية فهي الموقوفون القضائيون، وهم من العسكريين المحتجزين بسبب ارتكابهم جنحًا أو جرائم جنائية "قتل، سرقة، فساد، اختلاس أموال، فرار من الخدمة الإلزامية".
وعلق التحقيق "هذا الاختلاف في التقسيم ينتج عنه اختلاف في طريقة المعاملة"، إذ يوضح التحقيق أن "الأمنيين يتعرضون لتعذيب ممنهج، وكافة سياسات الحرمان من الطعام والرعاية الصحية، أما القضائيون فيتعرضون لتعذيب غير ممنهج، وفي الغالب يتمتعون بزيارة دورية ومستوى مقبول من الطعام والرعاية الطبية".
وأضاف أنه بالعموم كان النظام السوري ينظر إلى المعتقلين في السجن على أنهم "عملاء وخونة"، ولهذا كانوا "يجردون من أي اعتبارات إنسانية، ويستباحون تمامًا".
وتابع أنه بين 2011 و2015 كانت الأوضاع بالسجن في غاية السوء، وتراجعت أعداد السجناء داخله بسبب عمليات التصفية. ويذكر التحقيق أن النظام السوري أعدم فيه خلال 10 سنوات من 30 إلى 35 ألف معتقل، بشكل مباشر أو تحت التعذيب، أو بسبب قلة الرعاية الطبية والتجويع.