حساب مستشار مجلس الوزراء هاني يونس على فيسبوك
مشروع الإسكان الاجتماعي بشرق القاهرة

"1.7 مليون نسمة".. مسح عمراني يكشف ضعف السكن في المدن الجديدة رغم إنفاق المليارات عليها

محمد الخولي
منشور الأربعاء 6 نوفمبر 2024

كشف مسح للمدن الجديدة أعده ونشره مرصد العمران أن المدن التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في جميع أنحاء البلاد، يعيش بها 1.7 مليون نسمة، وهي "نسبة صغيرة جدًا من القدرة الاستيعابية" لكل هذه المدن، يفسرها الباحث في سياسات الإسكان والعمران يحيى شوكت لـ المنصة بتحول الغرض من بناء هذه المدن من انتقال السكان إليها إلى مجرد أداة للادخار.

واختص مسح مرصد العمران بالمدن الجديدة والأراضي التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والخاضعة لقانون الهيئة رقم 59 لسنة 1979، منذ إنشاء الهيئة وحتى منتصف 2024 التي بلغت 49 مدينة جديدة.

ولفت إلى أنه بالنسبة لتوزيع سكان المدن الجديدة، حازت محافظة القاهرة على أكبر عدد من السكان إذ وصل عددهم لنحو 550 ألف نسمة، وتليها محافظة الجيزة بـ476 ألف نسمة، بينما كان عدد سكان محافظة أسوان الأقل بعدد 121 نسمة فقط. 

وأشار المسح إلى أنه بمقارنة أعداد السكان في المدن الجديدة بعدد السكان على المستوى القومي والمحلي، لم تمثل المدن الجديدة التابعة للهيئة سوى 1.7% من سكان مصر في بداية عام 2024. 

وأضاف أنه على المستوى المحلي، كانت أعلى نسبة استيعاب سكان للمدن الجديدة في محافظتي القاهرة والجيزة نسبة 5% من سكان المحافظتين، بينما جاء في المرتبة الثالثة المدن الجديدة في محافظة الشرقية بنسبة 4.2%، وفي المرتبة الرابعة جاءت المدن الجديدة في دمياط بنسبة 3.4%.

وحسب المسح جاءت أقل نسب الاستيعاب السكاني في محافظتي سوهاج وأسوان، حيث بلغت نسبة السكان الذين يعيشون في المدن الجديدة 0.01% فقط من سكان المحافظتين.

وأوضح المسح أنه خلال الـ45 سنة الماضية منذ تمرير قانون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة سنة 1979 وحتى اليوم، تم تخصيص 2.2 مليون فدان لها من أراضي الدولة لتنميتها وتحويلها إلى مجتمعات حضرية جديدة. 

وتابع المسح أنه بعد حذف مساحات الطرق والخدمات والمساحات المخصصة خلال السنوات الخمس الماضية، أي لم يتم تسكينها بعد، يظل هناك حوالي 900 ألف فدان لأنشطة الإسكان، وهي أراض شاسعة تكفي لتسكين أكثر من 27 مليون شخص، حسب متوسط كثافات التخطيط العمراني المثالية 60 شخصًا للفدان.

وأشار المسح إلى أن الإحصاءات الرسمية تُظهر أن 1.7 مليون شخص فقط يسكنون المدن الجديدة اليوم، و"هي نسبة صغيرة جدًا من القدرة الاستيعابية لكل هذه المدن، واستغلال أقل من الأمثل لمليارات الجنيهات من الإنفاق العام عليها".

وكانت رئيسة صندوق الإسكان الاجتماعي الدكتورة مي عبد الحميد صرحت قبل أيام بأن حجم إنفاق الدولة على مشاريع الإسكان الاجتماعي، بخلاف المرافق، وصل إلى 400 مليار جنيه. 

ويرجع الباحث العمراني ومحرر المسح يحيى شوكت عدم السكن في المدن الجديدة إلى عدة أسباب على رأسها أنه مع استهداف الطبقة الوسطى للشراء في المدن الجديدة استخدمت وحداتها كأداة للادخار وليس للسكن، إلى جانب أسباب تتعلق بعدم توافر المواصلات العامة والسريعة والخدمات الاجتماعية.

وأوضح شوكت أن المدن الجديدة تم إنشاؤها على مراحل فكرية مختلفة، ففي البداية كان الهدف من هذه المدن تسكين العمال والفقراء كنوع من إخراجهم من المدينة الأم. 

وأضاف "ضمت هذه المدن مصانع كثيرة وكانت محتاجه لعمال وموظفين، لكن هذه المدن في البداية لم يكن متوفرًا بها الخدمات العامة والمواصلات، وبالتالي كان العمال لا يقيمون بها بل يذهبون ويعودون في نفس اليوم". 

وتابع شوكت، أنه جرى تغيير فكر بناء المدن الجديدة خاصة في عهد وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان، إذ باتت تستهدف الطبقة الوسطى، فتم تخصيص أراض ومساكن للنقابات وروابط الموظفين، لكن هذه الطبقة تعاملت مع هذه العقارات على أنها ادخار للمستقبل، نظرًا لضعف الخدمات بها. 

وأضاف "أصبح الموظفون يستثمرون فيها، فيشتري وحدة النهاردة عشان يجوز فيها ولاده مش عشان يسكن هو فيها".

وبالنسبة للمدن الجديدة في الصعيد، يفسر شوكت سبب ضعف السكن بها بأن "أغلب المدن الجديدة بعيدة عن المدن الأم والخدمات بها قليلة عادة، بالإضافة إلى أن طبيعة السكن في الصعيد هو سكن ريفي، وبالتالي أصبحت تلك الوحدات للادخار أيضًا وليس للانتقال إليها". 

وحتى مع ازدياد وتيرة نمو هذه المدن، خاصة الحديثة منها، فهي لن تصل إلى قدرتها الاستيعابية في المستقبل القريب، حسب المسح، وأوصى شوكت بضرورة إعادة النظر في سياسة تنميتها خاصة في ظل الارتفاع المطرد لأسعار مواد البناء وتكلفة الإنشاء للإسكان والمرافق "ليتم التركيز على رفع قدرة استيعابها للسكان، بدلًا من توسيع المدن وبناء الجديد منها".

وأكد ضرورة دراسة الموانع الاجتماعية والهيكلية التي أدت إلى عدم جذب المدن للسكان كما تم تخطيطها، رغم بناء مئات الآلاف من الوحدات السكنية بها، والعمل على حلول لهذه الموانع، والتي قد تطلب الاستثمار في مزيد من الخدمات الاجتماعية كالتعليم والصحة والتنقل العام، وتحفيز إيجار المساكن الخالية.