انتهت فتوى قضائية إلى وجود مخالفات قانونية في إجراءات توقيع عقدين بين قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة وجهاز الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع؛ لاستكمال أعمال ترميم وتطوير متحف الحضارة والجزيرة داخل دار الأوبرا المصرية، وذلك بعد نحو 4 سنوات من توقيع العقدين بقيمة 189 مليون جنيه، مشيرةً إلى أن أبرز هذه المخالفات منح المشروع للجهاز بالأمر المباشر.
وتشير الفتوى، التي حصلت المنصة على صورة منها، إلى تعاقد رئيس قطاع الفنون التشكيلية في 9 فبراير/شباط 2020 مع الجهاز لاستكمال أعمال تطوير المتحف بالأمر المباشر، بعد سحبها من شركة حسن علام للمقاولات في مارس/آذار 2019، مقابل تكلفة إجمالية بلغت نحو 89 مليونًا و400 ألف جنيه، وذلك دون وجود كراسة شروط ومواصفات، ودون تحديد بنود التعاقد المتغيرة أو مكوناتها ضمن شروط الطرح، ودون وجود برنامج زمني لتنفيذ المشروع.
وتكرر الأمر، وفقًا للفتوى، في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2021، بعد تعاقد قطاع الفنون التشكيلية على تنفيذ أعمال مستجدة بالمشروع ذاته بقيمة إجمالية تتجاوز الـ100 مليون جنيه بالأمر المباشر أيضًا.
وإزاء مطالبة جهاز الخدمة الوطنية، في 13 يونيو/حزيران 2023، بتعويضه عن بعض البنود التي تغيرت قيمتها في العقدين نتيجة فروق الأسعار الناتجة عن القرارات الاقتصادية الصادرة خلال تلك الفترة، أرسل وزير الثقافة طلب رأي قانوني من مجلس الدولة حول مدى أحقية الجهاز في صرف تلك التعويضات، ومدى صحة إبرام التعاقدين بالأمر المباشر.
وحول مدى صحة العقدين، قالت الفتوى إن قطاع الفنون التشكيلية خالف في توقيعهما قانون تنظيم التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة، بمنحه الأعمال لجهاز الخدمة الوطنية، بالأمر المباشر دون إعداد كراسة للشروط والمواصفات متضمنة شروط طرح المشروع العامة والخاصة، والبنود التي تقبل تغير أسعارها ومكوناتها، كما لم يحدد جهاز الخدمة الوطنية تلك البنود القابلة للتغيير أو مكوناتها في المظروفين الفنيين الخاصين بالعمليتين.
وأكدت الفتوى "ومن ثم تضحى الإجراءات السابقة على هذين العقدين جرت بالمخالفة للشروط المنصوص عليها بقانون تنظيم التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة".
وعلى الرغم من بطلان تلك الإجراءات، انتهت الفتوى إلى أن العقدين تحصنا باستيفاء أركانهما، وباتا ملزمين لأطرافهما، تحقيقًا لمبدأ استقرار المعاملات، خاصة وأنه سيترتب في أغلب الأحوال على إنهاء العقد في أثناء تنفيذه ضرر بالغ بالمصلحة العامة كفوات فرصة الاستفادة من المبالغ التي صُرفت بالفعل أو تكبد الدولة مبالغ باهظة تتحملها الخزانة العامة للدولة، وحفاظًا على مصداقية الدولة في الوفاء بتعاقداتها.
وأوضحت الفتوى أن مما يوجب الاستمرار في تنفيذ العقدين أيضًا أن نسبة تنفيذ الأعمال بلغت ما يعادل 67%، وفقًا لما أفادت به الإدارة الهندسية بقطاع الفنون التشكيلية.
وتتفق تلك النسبة مع تصريحات سابقة لرئيس قطاع الفنون التشكيلية وليد قانوش، في يناير/كانون الثاني 2023، خلال تفقد وزيرة الثقافة السابقة نيفين الكيلاني للأعمال بالمتحف، قال فيها إنه تم الانتهاء مما يقرب من 70% من أعمال تطوير وترميم ورفع كفاءة مبنى "سراي الجزيرة"، وفق الخطة الموضوعة له، حيث تم الانتهاء من قاعتي السينما والأعمال الإنشائية بالمبنى الرئيسي، والانتهاء من عدد من القاعات الملحقة.
ورغم تحصن العقود، وفقًا لما سبق، شددت الفتوى على أن ذلك لا يمنع السلطات المختصة من اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المسؤول عن توقيع العقدين، استنادًا لقواعد المسؤولية المدنية والتأديبية والجنائية.
وفيما يخص الطلب الخاص بمدى استحقاق الجهاز لتعويضات، قالت الفتوى إن من تختص بتقرير الحق في تلك التعويضات من عدمه هي اللجنة العليا للتعويضات ومجلس الوزراء، طبقًا لأحكام قانون تعويضات عقود المقاولات المشار إليه، الذي أسند إلى اللجنة الاختصاص بتحديد أسس وضوابط ونسب التعويضات عن الأضرار الناشئة عن القرارات الاقتصادية الصادرة في أي من الفترات التي يصدر بتحديدها قرار من مجلس الوزراء.
ووفقًا لخطة زمنية، سبق لوزارة الثقافة إعلانها في يناير 2021، كان من المقرر أن تنتهى أعمال تطوير المتحف في نهاية يونيو 2022، إذ أكدت الوزارة وقتها أن المتحف الذي امتدت فترة غلقه لأكثر من 32 عامًا تبلغ مساحته الكلية 9000 متر مربع شاملة مبنى للخدمات وقاعات سينما ومخازن ومبنى المتحف.