أثار حفل افتتاح النسخة 33 من الألعاب الأولمبية، التي تستضيفها باريس، غضب الكنيسة الكاثوليكية وانتقادات من جانب عدد من السياسيين بدعوى "السخرية من الدين المسيحي"، في وقت عدَّ آخرون العرض الافتتاحي، الذي أقيم الجمعة في العاصمة الفرنسية، "رسالة تسامح"، وفق رويترز.
وتضمن الحفل "غير المسبوق"، الذي أقيم على نهر السين، واجتذب ملايين المشاهدين حول العالم، محاكاة للوحة "العشاء الأخير" الشهيرة لليوناردو دافنشي، قالت عنها أسوشيتدبرس إنها تحتفل "بالحياة الليلية النابضة بالحيوية في العاصمة الفرنسية، وسمعتها كمكان للتسامح والمتعة"، وأضافت أن باريس بهذا الحفل حازت الميدالية الذهبية الأولمبية "في المناكفة".
وأعيد تمثيل المشهد الشهير للمسيح وحواريه الاثني عشر وهم يتشاركون العشاء الأخيرة، لكن في وجود عارضة أزياء عابرة جنسيًا ومغن عار باعتباره إله الخمر اليوناني ديونيسوس، حسب رويترز.
وانتقدت الكنيسة الكاثوليكية في فرنسا هذا المشهد، وقال مؤتمر الأساقفة الفرنسيين، في بيان نشرته رويترز، إن هذا الاحتفال "تضمن للأسف مشاهد من السخرية والاستهزاء بالمسيحية، وهو ما ندينه بشدة".
بينما قالت السياسية الفرنسية اليمينية المتطرفة ماريون ماريشال "إلى جميع المسيحيين في العالم الذين يشاهدون حفل باريس 2024 وشعروا بالإهانة من محاكاة ساخرة للعشاء الأخير، اعلموا أن فرنسا ليست هي التي تتحدث بل أقلية يسارية مستعدة لأي استفزاز"، حسب رويترز.
وأضاف نظيرها الإيطالي ماتيو سالفيني أن "افتتاح الألعاب الأولمبية بإهانة مليارات المسيحيين في العالم كان بداية سيئة للغاية، أيها الفرنسيون الأعزاء. أمر سيئ". وقال الملياردير إيلون موسك إن هذا القرار "غير محترم للغاية تجاه المسيحيين".
وأعلنت شركة اتصالات وتكنولوجيا أمريكية وقف تعاقداتها الإعلانية مع الأولمبياد عقب ظهور لوحة استعراضية وُصفت بأنها "تسخر" من الديانة المسيحية.
وقالت شركة C Spire على إكس "صُدمنا بسبب السخرية من لوحة العشاء الأخير خلال مراسم افتتاح الألعاب الأولمبية في باريس".
وانتقدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا العرض الافتتاحي، وعدته "استهزاء بقصّة مقدّسة للمسيحيين"، قائلة إن "الرسل تم تصويرهم كمتحوّلين جنسياً"، حسب فرانس برس.
وأضافت "من الواضح أنهم في باريس قرّروا أنه إذا كانت الحلقات الأولمبية متعدّدة الألوان، فيمكنك تحويلها كلها إلى عرض عملاق للمثليين".
من جهته، قال المدير الفني للعرض الفني توماس جولي "في فرنسا، لدينا الحق في أن نحب بعضنا البعض، كما نريد ومع من نريد. لدينا الحق في أن نؤمن أو لا نؤمن. في فرنسا لدينا الكثير من الحقوق".
وحول الانتقادت لمحاكاته لوحة العشاء الأخير، أكد جولي "رأيت في هذه اللوحة احتفالًا بالتنوع، وكانت المائدة بمثابة تكريم للولائم والمأكولات الفرنسية، لا أرغب في أن أكون متمردًا، ولا أن أسخر أو أصدم، بل أردت قبل كل شيء أن أرسل رسالة حب، رسالة اندماج وليس تقسيمًا على الإطلاق".
وجولي، مثلي الجنس، "جعله ما تعرض له من تنمر في الطفولة يدرك في وقت مبكر مدى ظلم التمييز"، حسب أسوشيتدبرس.
وأوضحت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية أنه لم يكن مفاجئًا أن تنظم باريس حفلًا يحتفل بالتنوع ويحضره مجتمع المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي والعابرين جنسيًا "وأي شيء أقل من ذلك كان ليبدو خيانة للفخر الذي تشعر به العاصمة الفرنسية باعتبارها موطنًا للإنسانية بكل ثرائها".
وأضافت "تخلصت باريس من كل الحدود، لتؤكد أن الحرية لا حدود لها"، معلقة في ختام تقريرها، "الحرية، هل هناك من يفعلها أفضل من الفرنسيين؟".
وسلط حفل الافتتاح الضوء على مجتمع المثليين والعابرين جنسيًا، ضمن 12 لوحة فنية نفذها ألفا فنان، راقص وموسيقي وكوميدي وأكروباتي، وفق الحرة.
وتعليقًا على الجدل الذي أثارته محاكاة لوحة العشاء الأخير، نقلت رويترز عن فيليب كاترين، الرجل العاري الذي ظهر في المشهد بلون أزرق على جسده، قوله لمحطة بي.إف.إم التليفزيونية "لن يكون الأمر ممتعًا إذا لم يكن هناك جدل. سيكون الأمر مملًا إذا اتفق الجميع على هذا الكوكب؟".
لكن مع "تزايد ردود الفعل العنيفة من المشاهدين"، قالت ديلي ميل إن الفيديو الرسمي للحفل تم حذفه من حساب الأولمبياد على يوتيوب.