تعرض الناشط الفلسطيني في شمال قطاع غزة أمين عابد، الاثنين الماضي، للسحل والضرب من قبل عناصر ملثمين عرَّفوا أنفسهم بأنهم أفراد من جهاز الأمن الداخلي التابع لوزارة الداخلية التي تديرها حركة حماس، حسب ما قاله لـ المنصة، وهو ما يعتقد أنه نتيجة انتقاده عملية 7 أكتوبر الماضي، فيما نفى منسق المكتب الإعلام الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة لـ المنصة وجود معلومات لدى مكتبه حول الموضوع.
وشنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، هجومًا عرف باسم طوفان الأقصى على مستوطنات غلاف غزة، قبل أن يعتدي جيش الاحتلال الإسرائيلي على القطاع في حرب مستمرة للشهر العاشر على التوالي، راح ضحيتها أكثر من 38 ألف غزي.
وقال عابد، صاحب الـ35 سنة في اتصال هاتفي مع المنصة إنه يتعرض للتهديد بالقتل منذ ثلاثة أشهر ماضية بسبب كتاباته على صفحته الشخصية على فيسبوك، وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية، ازداد السؤال بمخيم جباليا عن تفاصيل يومه، موضحًا "كتير ناس بتيجي تسأل الجيران والمعارف، أمين وين بنام، أمين وين بروح، وين موجودين بيوت خواته لأمين، وتفاصيل كثير".
يشير أمين إلى أن هذه ليست أول مرة يتعرض فيها للضرب، ذاكرًا واقعتين في عامي 2008 و2014 متهمًا عناصر تتبع حركة حماس بارتكابها "في محاولة لمنعي من الكتابة والمشاركة في فعاليات مناهضة لحكم الحركة بعد سيطرتها بقوة السلاح على القطاع في عام 2007". ويتابع أنه من بعدها أصبح أكثر حذرًا وحرصًا.
وحسب رواية عابد، تواصل معه صديق من الخارج طالبًا منه توزيع مبلغ مالي على أرامل وأيتام في شمال قطاع غزة، وخلال توزيع الأموال باغته 5 أفراد يرتدون كمامات وبلباس مدني في منطقة الفاخورك بمخيم جباليا للاجئين.
يقول "هجموا عليا، وحكالي واحد منهم بتزاود على أفعال المقاومة وعلى 7 أكتوبر، وهجم يضربني فضربته، راح ضربني واحد تاني بشاكوش على راسي ووقعت على الأرض".
غطى أحدهم وجه عابد وسحبوه إلى أزقة منطقة التوبة بمخيم جباليا، وخلال الطريق حاول الناس ثنيهم وحثهم على تركه دون أن يعلم الناس هوية الشخص الذي يتعرض للضرب ووجهه مخفي تحت قطعة قماش، حسب وصفه، إلا أنهم قالوا "هادا واحد جاسوس وإحنا أمن داخلي بدنا نربيه".
لأكثر من 20 دقيقة وبشكل متواصل، تعرض عابد للضرب المبرح في كافة أنحاء جسده، وبآلات حادة حسب قوله، زاعمًا أنهم حاولوا إخصاءه فيما هو يحاول حماية نفسه.
ويتابع "بعد 20 دقيقة ضرب وتكسير ومحاولة خصيي، مسؤولهم طلب منهم يكسرولي أصابعي، وفعلًا ثبتوني وأنا نايم على بطني، وكسرولي إجريا (رجليَّ) وإصابع إيديا، بعدين واحد منهم حمل حجر بلوك (خرساني) وعلى وجهي كسرلي أسناني".
وأشار الناشط إلى أن بعض المتجمهرين بمجرد رفع القماش عن وجهه، صرخ "ويلكم، هادا أمين"، وتزايدت أصوات الناس وأفعالهم حتى هربوا وتركوه ملقى في الشارع ينزف، على حد وصفه.
يحكي أمين "طلب الناس الإسعاف"، ونقل إلى مستشفى العودة حيث تبين إصابته بكسور وتهشم في كافة أطرافه وكسور في الرأس وتهشم في الفك والأسنان حيث ينتظر تحويله لاستكمال العلاج بالمستشفى الأمريكي وسط قطاع غزة، حسب ما قاله.
يأتي ذلك في الوقت الذي تعاني منه مستشفيات شمال قطاع غزة من انهيار صحي ونقص في المستلزمات الطبية نتيجة ممارسات جيش الاحتلال وتدميرها للمنظومة الصحية.
يعتبر عابد أنّ ما حدث معه عبارة عن رسالة من حركة حماس، مفادها "اللي بحكي عنكم ويدافع عنكم وبهاجمنا شوفوا ايش عملنا فيه، بكره أي حد بفكر يفتح تمه ويحكي بدنا نعمل فيه نفس الإشي، هادي رسالة للناس ممنوع حد ينتقدنا أو ينتقد أسلوبنا أو ينتقد حكمنا، هذه هي حركة حماس".
ودعا عابد منذ بداية الحرب الحالية الناس إلى عدم الانصياع لمطالبات جيش الاحتلال لهم بالإخلاء والنزوح الإجباري الهادف إلى تفريغ شمال القطاع ودفع الناس للتهجير، ويضيف "كان الأجدر بحماس لو لم تكن شريكًا مع الاحتلال في دفع الغزيين للتهجير، العمل على تعزيز صمودهم أو على الأقل فسح المجال أمامنا وتوفير ما نستطيع توفيره بدل مهاجمتي وتعريضي للضرب والتكسير".
وتابع "أنا اخترت طريق عارف مصيرها، بتوقع القتل والتكسير ومحاولات لإسكات صوتي المعارض، لكن طوال الفترات الماضية لم أصمت ولن أصمت، أنا مناضل في سبيل تغيير واقع شعبي في غزة، وهبت نفسي لهذا وسأستمر".