برخصة المشاع الإبداعي: أحمد فريد، Unsplash
بائع أسماك في سوق الأنفوشي قرب قلعة قايتباي في الإسكندرية، ديسمبر 2022

"ملايين العمال في خطر".. تقرير يحذر من الإجهاد الحراري ومطالب بتقليل ساعات العمل

أحمد خليفة
منشور الأربعاء 12 يونيو 2024

حذرت ورقة صادرة عن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية من مخاطر الإجهاد الحراري والتأثيرات الصحية المتعلقة بالعمل، في ظل موجات الارتفاع غير المسبوقة في درجات الحرارة التي تشهدها البلاد، في وقت يفتقر العاملون في كثير من القطاعات لمعايير السلامة المهنية.

وانتقدت الورقة تجاهل الجهات المسؤولة لاتخاذ القرارات الضرورية "للتعامل مع معدلات التغيير في درجات الحرارة، ما يعرض عشرات الملايين من العمال لأخطار تصل إلى حد الوفاة".

أسخن منطقة على وجه الأرض

وشهدت مصر خلال الأيام الماضية ارتفاعًا شديدًا في درجات الحرارة وصل إلى معدلات غير مسبوقة، حيث قاربت الـ50 درجة على محافظات جنوب الصعيد. ومن المنتظر، وفقًا للهيئة العامة للأرصاد الجوية، أن تشهد البلاد موجة شديدة الحرارة على أغلب الأنحاء، تكون ذروتها من غد الخميس وحتى السبت المقبل.

وأشارت الورقة إلى ازدياد معدلات الخطر بشكل أكبر في محافظات جنوب الصعيد "حيث سجلت إحدى محافظاته، أسوان، الخميس الماضي، أعلى درجة حرارة في العالم بـ49.6 درجة مئوية في الظل، كأسخن منطقة على وجه الأرض، متجاوزة الحد الأقصى المسموح به في قوانين العمل والبيئة بقرابة 17 درجة مئوية، فيما يبلغ عدد العاملين بها ما يقارب 478 ألفًا و400 عامل، وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لعام 2024".

القانون يقول

ووفق المادة 208 من قانون العمل المصري، تلتزم المنشأة وفروعها بتوفير وسائل السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل في أماكن العمل بما يكفل الوقاية من المخاطر الفيزيائية الناجمة من الوطأة الحرارية والبرودة، وغيرها من المخاطر التي شملتها المادة.

واستشهدت الورقة بالإجراءات الوقائية وتدابير الحماية، المتعلقة بالعمل، في درجات الحراراة العالية التي اتخذتها العديد من البلدان، حيث فرضت الصين وقف العمل في الهواء الطلق حال تجاوز الحرارة 40 درجة مئوية، بينما في قطر يتوقف العمل عندما تجاوز درجة 32.1 مئوية.

كما تنص القواعد المنظمة في تايلاند على إيقاف العمل منخفض الكثافة حال الوصول إلى 34 درجة مئوية، ومتوسط الكثافة حال الوصول إلى 32 درجة مئوية، وشديد الكثافة حال الوصول إلى 30 درجة.

ولا ينص قانون العمل في مصر على منح العاملين إجازة رسمية بسبب ارتفاع درجات الحرارة إطلاقًا، وكذلك الأمر بالنسبة لقانون الخدمة المدنية المنظم لشؤون العاملين بالدولة.

وحسب الورقة، فإن المشتغلين في أعمال شاقة تتطلب التعرض للحرارة بشكل مباشر هم الأكثر عرضة لمخاطر الإجهاد الحراري والتأثيرات الصحية الناتجة عنه، كعمال "الزراعة، والصيد، والتعدين، واستغلال المحاجر، وقطاع الأخشاب، والصناعات التحويلية، وإمدادات الكهرباء والغاز، والإمداد المائي، وشبكات الصرف الصحي ومعالجة النفايات، والتشييد والبناء، وتجارة الجملة والتجزئة، وإصلاح المركبات، والنقل والتخزين، وخدمات الغذاء والإقامة، والأفران، والتوصيل".

وأوضحت أن "عدد العاملين في هذه القطاعات يبلغ 21 مليونًا و798 ألفًا و800 عامل وعاملة، وفقًا لآخر إحصائية رسمية".

مطالب حقوقية

وطالبت الورقة أجهزة الدولة بـ"تشديد إلزام المنشآت وأصحاب العمل بتطبيق الإجراءات الوقائية، وتشديد إجراءات الرقابة والتفتيش على المنشآت التي لا تلتزم بالمعايير، والتعامل مع المخالفات بحزم لحماية حياة العمال، فضلًا عن بحث تطبيق إجراءات تعويضية لهم عن الخسائر الناجمة عن هذه التدابير".

ودعا المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى "ضرورة وضع خطط مركزية لتعزيز السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل ومتابعة تنفيذها بالتنسيق مع الجهات المعنية"، مذكرًا أن إصابة العمال في مثل هذه الظروف "تعد إصابة عمل تستحق تعويضًا من صاحب العمل، بالإضافة إلى المساءلة الجنائية وفقًا لقوانين العمل والبيئة".

كما طالب المركز بـ"تقليل عدد ساعات العمل في هذه الفترات، مع زيادة عدد فترات الراحة وتوفير أماكن باردة ومظللة لها، مع تحديد مواعيد القيام بالأعمال الحرارية في أوقات اليوم التي تنخفض فيها درجات الحرارة، والحد من المتطلبات البدنية التي يتعين على العاملين تلبيتها، وتكليف عدد أكبر من العمال بالقيام بالمهام التي تتطلب جهدًا بدنيًا".

إضافة إلى "الحد من الجهد البدني بتوفير المعدات والأدوات الكفيلة بذلك، وتوفير مياه وسوائل باردة للعاملين مع توفير فترة راحة لشربها، وتعيين مراقبين مدربين على طرق الوقاية والتعامل مع المشاكل الصحية لملاحظة أي أعراض أو علامات للمشاكل الصحية المرتبطة بدرجات الحرارة العالية، والتأكد من وجود أدوات ومواد الإسعافات الأولية للتعامل الفوري معها".

إحصائيات عالمية

ووفق تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية في أبريل/نيسان الماضي، فإن أكثر من 70% من القوى العاملة في العالم (أي نحو 2.4 مليار شخص على مستوى العالم) يواجهون مخاطر صحية محتملة بسبب تغير المناخ، ويتعرضون للحرارة المفرطة في مرحلة ما من حياتهم المهنية.

المنظمة الدولية أكدت كذلك أن أكثر من 22 مليون عامل يعانون من أمراض وإصابات مرتبطة بالتعرض للحرارة المفرطة سنويًا، ويتعرض 1.6 مليار عامل للأشعة فوق البنفسجية، وهناك أكثر من 18960 حالة وفاة مرتبطة بالعمل سنويًا بسبب سرطان الجلد غير الميلانيني.

وأوضحت أن حوالي 20 ألف عامل يموتون سنويًا "بسبب هذه الإصابات في مكان العمل المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة والتعرض للحرارة المفرطة".

وفي تقريرها أعلنت منظمة العمل الدولية عقد اجتماع في 2025، بمشاركة ممثلي الحكومات وأصحاب العمل والعمال لتقديم التوجيه السياسي بشأن المخاطر المناخية.