تغلق مدرسة المنصور الخاصة لغات في محافظة الشرقية أبوابها أمام الطلاب، لأكثر من أسبوعين، منذ انطلاق الفصل الدراسي الثاني في 10 فبراير/شباط الحالي، بعد تصاعد حدة الخلافات بين الشركاء المالكين لها، وفق ثلاثة أولياء أمور تحدثوا لـ المنصة، في وقت قال مصدر قيادي بقطاع شؤون المدارس بمصروفات داخل وزارة التربية والتعليم لـ المنصة، وهو مطلع على الأزمة، إنها تضم 1200 طالب، في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية.
وأشار أولياء الأمور إلى أنهم حرروا محضرًا بقسم شرطة فاقوس بالشرقية، وأرسلوا شكاوى عديدة إلى المحافظ ومديرية التربية والتعليم ووزارة التربية والتعليم، ومنظومة الشكاوى الحكومية التابعة إلى رئاسة مجلس الوزراء، لترد الأخيرة على الأهالي في 19 فبراير بأن المحافظ "أصدر قرارًا بتشكيل لجنة تتولى مهمة الإشراف المالي والإداري على المدرسة، وعند محاولة مزاولة عملها يوم 29 يناير (كانون الثاني)، تم التعدي عليها".
ووفق رد مركز الشكاوى، الذي اطلعت عليه المنصة، فاللجنة المشكلة من المحافظة، كتبت تقريرها يوم 14 فبراير، بأن "المدرسة بها مخالفات، وتحرض المعلمين على الغياب، ولم تسلم بعض الكتب للطلاب، وهناك مخالفات في عقود المعلمين، وتم رفع مذكرة للمحافظ، لإبلاغ الجهات المعنية بتوفير الحماية للجنة، وتمكينها من مزاولة أعمالها في المدرسة".
وقال أحمد مهدي، وهو ولي أمر طالبين في المدرسة، لـ المنصة إنهم "لم يتركوا بابًا إلا طرقوه. ولا تزال الأزمة قائمة"، معقبًا "ولادنا بقالهم أسبوعين قاعدين في البيت، ودفعنا المصاريف للمدرسة، لكن الشركاء المالكين بينهم مشاكل كبيرة، وكل واحد عايز ياخد المصاريف لنفسه، وكل ما نروح نقابل مسؤول يقولنا بنحاول نتصرف، حتى اللجنة اللي راحت معرفتش تعمل حاجة".
أضاف "عملنا محضر في قسم شرطة فاقوس ضد المدرسة، ورقمه 452 إداري 2024 الشرقية، بس برضو مفيش حاجة اتحلت، واحنا لما روحنا نسأل في المدرسة مصيرنا إيه، حصل اعتداء على بعض الأهالي، وبوابات المدرسة مقفولة، ومفيش حد عليها غير شوية أفراد أمن تابعين لأحد الشركاء".
انفجار الأزمة
لا يعلم أولياء الأمور تحديدًا متى بدأت الأزمة بين الشركاء في المدرسة، التي يتشارك في إدارتها عدد من الأخوة، لكنها بدأت في الظهور منذ الفصل الدراسي الأول، حتى انفجرت في بداية الفصل الدراسي الثاني.
تقول هويدا محمود وهي ولية أمر لثلاثة طلاب داخل المدسة "دفعنا مصاريف المدرسة اللي مش أقل من 30 ألف جنيه، ولا استفادنا حاجة، ومن الترم الأول فيه خناقات بين الشركاء، وده انعكس على ولادنا. حتى المعلمين أغلبهم كان بيغيب ومنقطع علشان ما أخدوش مستحقاتهم المالية، ومن الترم الأول بنشتكي ونقول الحقونا، محدش فكّر ولا حاول يشوف حل".
وسبق وأرسلت شركة إنترناشونال سمارت المالكة لمدرسة المنصور خطابًا إلى أولياء الأمور، اطلعت المنصة عليه، مؤرخًا بـ7 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حول الأزمة، تحدثت فيه عن وجود خلاف بين مجلس إدارة الشركة وأحد الأعضاء، الذي قام بـ"فرض سيطرة وطرد الموظفين قبل بدء العام الدراسي بيومين فقط، وتم تحرير محاضر بقسم شرطة فاقوس والنيابة العامة ووزارة التعليم".
وأضاف البيان أن "المجلس كان يتفادى مشاركة السادة أولياء الأمور في الخلاف الدائر بين مجلس الإدارة والسيد أُميّ أحمد عبد الرحيم منصور، حيث إنها أمور تخص مجلس الإدارة فقط، إلا أنه دائم التصعيد وخلق العراقيل والعقبات ومنها تأخير تسليم الكتب واليونيفورم..."، مشيرًا إلى أن الأخير "لم يتحصل على أحكام قضائية كما يدعي، وتم السيطرة على المدرسة بالقوة".
وفيما يخص تحصيل الرسوم، قالت الشركة لأولياء الأمور، "إن التحصيل القانوني للمصروفات يتم عن طريق حساب المدرسة الرسمي، وعليه لا يعتد بالتحصيل النقدي بالمدرسة حيث إن هذه الإيصالات مزورة، وما زالت القضية متداولة أمام القضاء".
وحاولت المنصة التواصل أكثر من مرة مع مدرسة المنصور عبر أرقامها المنشورة على صفحتها الرسمية على فيسبوك، أو رقم إدارة الشركة المالكة للمدرسة ( إنترناشونال سمارت)، عبر هاتفها الأراضي المسجل باسمها في البيان الذي سبق وأعلنته لأولياء الأمور في نوفمبر الماضي، لكن دون رد.
وقال أشرف مصطفى، وهو ولي أمر طالب في المرحلة الابتدائية بالمدرسة، لـ المنصة "لما دفعنا القسط الأول من المصاريف في حساب المدرسة بالبنك، اتبعت لنا رسالة على جروب أولياء الأمور إن الدفع في خزنة المدرسة مش البنك، واللي مش هيدفع في المدرسة مش هيستلم الكتب، وبعدها جت لنا رسايل تانية إن الدفع في الحساب مش الخزنة، ولا عارفين فلوسنا راحت فين، ولا الكتب فين، ولا عارفين نعمل إيه".
الامتحانات
وتأتي الأزمة التي حرمت الطلاب من الانتظام في الدراسة طيلة أسبوعين، فيما يفترض أن تُجرى امتحانات شهر فبراير في غضون أيام.
وأضاف مصطفى "شغالين دروس خصوصية من بداية الترم التاني مع المدرسين اللي في نفس المدرسة، علشان مفيش مدرسة مفتوحة. والمفروض عندنا امتحانات بعد يومين، مع نهاية الشهر، ولا حد قالنا مصيركم إيه. هل المدرسة أقوى من المحافظة والوزارة؟ طب عيالنا دي نعمل فيهم إيه".
وحاولت إدارة فاقوس التعليمية طمأنة الأهالي، وقالت هويدا لـ المنصة، "الإدارة أبلغتنا بأن حق أولادنا محفوظ بخصوص الامتحانات، لكنها محددتش معاد لحل الأزمة، ولا عودة الطلاب للمدرسة"، مضيفة "مدير الإدارة قال لنا متقلقوش، المحافظ بيشوف حل للموضوع".
الرد نفسه قاله المسؤول بقطاع التعليم العام في محافظة الشرقية هانى سعد لـ المنصة إن "المحافظ بيتابع مشكلة المدرسة بشكل يومي، وسيتم حل الموضوع بطريقة تُرضي الأهالي"، مشيرًا إلى أن "امتحانات شهر فبراير يمكن عقدها خلال الأسبوع الأول من مارس، دون إلحاق الضرر بأي طالب، وسيتم حل المشكلة قبل هذا الموعد بعيدًا عن أصحاب المدرسة".
وحاول ولي الأمر مصطفى تحويل ابنه من المدرسة، لكن قُوبل طلبه بالرفض، "قالولي لما المشكلة تتحل". وعلق "طب أنا ولي أمر عايز مصلحة ابني، وقلت هضحي بالمصاريف اللي دفعتها، يترفض تحويل ابني ليه".
التحفظ على المدرسة
ويحق لوزارة التربية والتعليم، وفق نص المادة 14 من القرار الوزاري رقم 420 لسنة 2014، التحفظ على المدرسة، طالما امتنعت عن أداء رسالتها، حيث تنص الفقرة على أنه "لا يجوز لأي مدرسة خاصة بعد الترخيص لها إيقاف العمل بها، أو الامتناع عن تقديم الخدمة التعليمية، إلا بإذن كتابي من جهة الترخيص، وحال ثبوت عكس ذلك، يتم إنذارها، قبل وضعها تحت الإشراف المالي والإداري بقرار من المحافظ أو الوزير".
من جانبه، أكد مصدر قيادي بقطاع شؤون المدارس بمصروفات داخل وزارة التربية والتعليم لـ المنصة، أن "المدرسة تشكّل لها لجنتان من المحافظة لإدارتها، ولم تنجحا في فعل شيء"، معقبًا "كل شريك من الشركاء جايب ناس تبعه واللي بيقرب من المدرسة بيتهدد بالضرب".
وقال المصدر "إحنا في الوزارة حولنا المدرسة إلى اللجنة المركزية للتعليم الخاص علشان نحطها إشراف مالي وإداري أو نلغي ترخيصها، لكن المشكلة في طريقة عمل اللجنة اللي هتديرها خلال الفترة دي، ولما تواصلنا مع المحافظة قالولنا بندرس حل قانوني علشان نحافظ على مستقبل الطلبة".
الخبير التربوي والأكاديمي بجامعة حلوان وائل كامل، قال لـ المنصة، إن "الواقعة في مجملها تعبر عن كارثة تربوية وعجز حقيقي من جانب مسؤولي المنظومة التعليمية، سواء داخل وزارة التربية والتعليم أو المحافظة، لفرض السيطرة على المدرسة، لكنها في الحقيقة تعبر عن تحول المدارس الخاصة إلى دولة داخل الدولة".
ولم يستبعد المصدر في الوزارة إمكانية التنسيق مع أجهزة الأمن لحماية اللجنة المشكلة لإدارة المدرسة ماليًا وإداريًا بعيدًا عن أصحابها، معقبًا "ده مطروح فعلًا، لكن دي مش هتكون أجواء تعليمية، ولازم يكون فيه طريقة تانية علشان الولاد يتعلموا في بيئة صحية وميكونوش عرضة لأي أذى لأننا في وسط عام دراسي، علشان كده فيه تنسيق شبه يومي حاليًا بين الوزير ومحافظ الشرقية علشان يشوفوا حل جذري للموضوع".
ونظّم القرار الوزاري 420 لسنة 2014 آلية تصرف المديريات التعليمية حال وقوع خلافات بين شركاء المدرسة الخاصة، حيث نصت المادة 20 من القرار على أن "يتم اختيار ممثل قانوني للمدرسة من الشركاء حسب أغلبية أنصبة رأس المال، فإذا لم يحدث الاتفاق تختار المديرية التعليمية أحدهم ليمثل المدرسة لعامين دراسيين أو لحين الاتفاق بين الشركاء، فإذا لم يتحقق ذلك، يتم وضع المدرسة تحت الإشراف المالي والإداري".
وأضاف الخبير التربوي لـ المنصة أنه كلما تعارضت المصالح بين أطراف معنية بضبط منظومة المدارس الخاصة، تكون هيبة الوزارة مهتزة في إحكام القبضة على أي مدرسة مخالفة، "مصيبة كبيرة لما مدرسة تقفل أبوابها والطلبة تقعد في البيت، وميكونش فيه قرار حاسم بالتحفظ على المدرسة وإدارتها من خلال لجنة مستقلة في حماية الشرطة، لأن الصمت والتخاذل هيتسبب في تكرار نفس المشكلة لتتحول الواقعة من حالة فردية إلى ما يشبه الظاهرة".
وأضاف "المشكلة الأكبر لما تكون الوزارة عندها آليات ومش قادرة تفعلها، ولا المحافظة عارفة تتصرف.. ده بيمس هيبة الدولة، ولازم يكون قرار حاسم وصارم حتى لو وصل الأمر لإلغاء ترخيص المدرسة".