قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن ثلاثة اعتداءات طائفية شهدتها محافظة المنيا، خلال الفترة من سبتمبر/أيلول الماضي وحتى يناير/كانون الثاني الجاري، على خلفية اعتراض أهالٍ بقرى منشأة زعفرانة والخياري بمركز أبو قرقاص، والعزيب بمركز سمالوط، على بناء ثلاث كنائس، في وقت قال وكيل مطرانية سمالوط القمص داود ناشد لـ المنصة إن إحداها كانت مرخصة.
وأضاف ناشد أن المطرانية حصلت على تصريح بناء كنيسة في قرية العزيب مركز سمالوط، وفي ثالت أيام البناء في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي "بعض الناس قالوا مش عايزين كنيسة، لكن المسؤولين اتصدوا وقبضوا على شوية منهم"، موضحًا "القبض على عدد 16 شخصًا بيخدوا تجديد حبس 15 يومًا في 15 يومًا".
وأفاد القمص بأنه منذ الأحداث التي تعود إلى 18 ديسمبر "توقف العمل في بناء الكنيسة بوعد إننا هنبتدي تاني ولسه ما عطوناش الإذن ببداية العمل من جديد"، متابعًا أن التعطيل كان من "الأمن لحد ما الدنيا تهدى ودا حقهم"، وفق وصفه.
ويؤكد القمص على أن قريته لا توجد بها أي كنائس لخدمة أهلها، مشيرًا إلى سفر الأهالي الراغبين في ممارسة شعائرهم الدينية "لكنيسة العذراء بقرية أبو سيدهم التي تبعد 4 كيلو عن البلد".
وفي واقعة أخرى، رصدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تعطيل الصلاة في كنيسة قيد الترخيص بقرية منشأة زغفرانة بالمنيا، بعدما أشعل محتجون النار بها، فجر ليلة عيد الميلاد 6 يناير الجاري. وأكدت المبادرة أن "الصلاة كانت تقام في الكنيسة، البالغ مساحتها 170 مترًا مربعًا، محاطة بسور، وداخلها خيمة وكراس، منذ 4 أشهر بموافقة الأمن".
وسبق ذلك، أن اعتدى محتجون في سبتمبر، على منزل قبطي في قرية الخياري بحجة أنه كنيسة تحت الإنشاء، وفق المبادرة.
وأدانت المبادرة، في بيانها، وقف بناء كنيسة العزيب أو تعطيل الصلاة في كنيسة منشأة زعفرانة قيد الترخيص، مؤكدة أن "مؤسسات الدولة يجب عليها ألا تخضع لابتزاز البعض، كما ليس من مسؤولياتها احترام مشاعر من قد يستفزهم وجود كنيسة أو دور عبادة للمسيحيين".
وشددت على "مطالبة الدولة بحماية حرية العقيدة والحق في ممارسة الشعائر الدينية لجميع مواطنيها"، وربطت بين تعطيل بناء كنيسة العزيب ومنع الصلاة في المكان المعتمد أمنيًا للصلاة في منشأة الزعفرانية وبين "حالات أخرى لعدد من القرى بها كنائس مغلقة منذ سنوات سابقة".
واعتبر الباحث ومسؤول ملف حرية الدين والمعتقد في المبادرة إسحاق إبراهيم، أن وقائع الاعتداء المذكورة تكشف أن قانون بناء الكنائس الصادر في 2016 فشل في حل بعض المشاكل المتعلق ببنائها، خاصة في "المناطق الريفية والمناطق اللي فيها عدد سكان متشابك".
وأضاف لـ المنصة، أن تخصيص الدولة قانونًا لبناء الكنائس، "دا في حد ذاته رسالة تمييزية بتقول أنا بعمل مستويات في طريقة تعاملي مع دور العبادة"، مشيرًا إلى أن "الحل يبدأ بإصدار قانون موحد لدور العبادة ينص على اشتراطات واحدة بغض النظر عن كونها كنيسة ولا مسجدًا، أو الالتزام بقانون كود البناء لكل منطقة مع الشروط والالتزامات الهندسية والبنائية الموجودة في المنطقة".
وانتقد إبراهيم ما نص عليه القانون من وجود نوعين من شروط الموافقة على بناء كنيسة "الأول شروط مرتبطة بارتفاع المباني وملكية الأرض، والثانية أمنية وتسمى شروط ممارسة النشاط"، مؤكدًا أن الشروط الثانية لا تنطبق على بناء المساجد.
ولاحظ إبراهيم أن "طريقة التعامل لم تختلف كثيرًا عما كان قبل القانون لأن الحكومة بتستجيب لطلبات الرافضين المتشددين".
وطالب الدولة بسرعة الموافقة على طلبات البناء لتفادي مشاكل بناء الكنائس، "مش تراقب الناس عشان ما يبنوش".
وحذر الباحث من أن "الصورة الهادئة لعدم وجود أو انخفاض الأحداث الطائفية، بتخفي توتر ممكن ينفجر في أي لحظة".
وكان بيان المبادرة الصادر أمس، انتقد التعامل الرسمي مع الوقائع الثلاث، مشيرًا إلى أن "أجواء من التحريض الطائفي سبقت وقوع الاعتداءات، إلا أن أجهزة الدولة فشلت في التعامل معها ولم تتحرك لمنع تصاعدها، واكتفت بإلقاء القبض على عدد من الأهالي المشتبه في تورطهم في الأحداث".
في غضون ذلك، قال إبراهيم إن مشاكل الكنائس لا تقتصر على تراخيص البناء ولكنها تمتد إلى عملية تقنين أوضاع الكنائس الموجودة بالفعل والقائمة بدون تراخيص.
وقننت الدولة 3160 من بين 5415 كنيسة ومبنى قدمت أوراقها، بنسبة 58%، بعد ما يزيد على سبع سنوات منذ إقرار قانون تقنين الأوضاع، وفق الهيئة العامة للاستعلامات.
يشار إلى أن قانون إنشاء الكنائس صدر في 28 سبتمبر 2016، بعد مطالبات مجتمعية عديدة، وبمقتضاه دشنت لجنة تقنين أوضاع الكنائس الموجودة بالفعل.