أصدرت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة فتوى قضائية حديثة مُلزمة انتهت فيها إلى أن جرائم الضرب والسلاح واستعراض القوة لا ترقى إلى مرتبة الجرائم المُخلة بالشرف أو الماسّة بحسن السمعة، ولا تعيق القيد في النقابات المهنية، حسب الظروف التي ارتكبت فيها.
صدرت الفتوى، في 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي ردًا على طلب إبداء رأي قانوني تقدم به نقيب أطباء الأسنان، قال فيه إن أحد الخريجين تقدم بطلب للقيد في النقابة، ولدى بحث طلبه والمستندات المقدمة منه، تبين أنه سبق اتهامه بحيازة سلاح واستعراض قوة وضرب، وصدر بحقه حكم من محكمة جنايات الإبراهيمية بمحافظة الشرقية بالحبس لمدة سنة وتغريمه ألفي جنيه في 7 سبتمبر/أيلول 2016.
وذكر النقيب في طلبه أن القانون اشترط للقيد بالنقابة أن يكون المتقدم محمود السيرة وحسن السمعة، وألا تكون صدرت ضده أحكام جنائية تمس الشرف، لذا أثير داخل النقابة التساؤل حول مدى قانونية قيده في ضوء ذلك الحكم.
وإزاء ذلك، قالت الجمعية العمومية في فتواها، التي اطلعت عليها المنصة، إنه على الرغم من أن القانون لم يضع تعريفًا جامعًا مانعًا للجريمة المُخلة بالشرف أو الأمانة حتى يمكن تطبيقه بطريقة صمّاء في كل حالة، كما لم يحدد ما يعتبره من الجرائم مُخلًا بالشرف أو الأمانة، حيث أقر ذلك حتى يكون هناك مجال للتقدير، وأن تكون النظرة إليها من المرونة بحيث تساير تطورات المجتمع.
وتابعت "الجريمة المُخلة بالشرف والأمانة هي تلك التي ينظر إليها المجتمع على أنها كذلك، وينظر إلى مرتكبها بعين الازدراء والاحتقار، ويعتبره ضعيف الخلق منحرف الطبع دنيء النفس ساقط المروءة".
وأكدت أن الجريمة إن نمّت بحسب الظروف التي ارتُكبت فيها عن ضعف في الخلق أو انحراف في الطبع أو تأثر بالشهوات والنزوات، كانت مُخلة بالشرف أو الأمانة، وإن لم تنمّ عن شيء من ذلك، فلا تعتبر كذلك.
ونوهت الفتوى إلى أنه يتعين لتحديد ما إذا كانت الجريمة مخلة بالشرف من عدمه الأخذ في الاعتبار طبيعة الوظيفة، ونوع العمل الذي يؤديه العامل المحكوم عليه، ونوع الجريمة، والظروف التي ارتكبت فيها، والأعمال المكونة لها، ومدى كشفها عن التأثر بالشهوات وسوء السيرة، والحدّ الذي ينعكس أثره على العمل، وغير ذلك من الاعتبارات، وذلك نظرًا إلى الأثر الخطير الذي يترتب على اعتبار جريمة مُعينة مُخلة بالشرف.
وبناءً عليه اعتبرت الفتوى أن الجرائم المنسوبة إلى المتقدم للقيد بالنقابة، حسب الظروف التي ارتُكبت فيها وحداثة سنّه وقت ارتكابها مما حدا بالمحكمة إلى معاملته بالرأفة ومعاقبته بعقوبة الجنح، حيث كان يبلغ من العمر تسعة عشر عامًا، لا ترقى إلى مرتبة الجرائم المُخلة بالشرف أو الماسّة بحسن السمعة.
وأوضحت أن تلك الجرائم لا تنُم عن ضعف في الخلق وانحراف في الطبع أو تأثر بالشهوات والنزوات؛ كما لا تتعلق بصفات لصيقة بشخصه أو بسيرته وسلوكه، ويؤكد على ذلك ما ورد بأسباب الحكم الصادر ضده من أن الواقعة كانت نتيجة قيام مشاجرة بينه وبين بعض الأشخاص أدت إلى تجمع الأهالي، وإثر ذلك اعتلى سطح منزله مُطلقًا أعيرة نارية من سلاح خرطوش مما ينفي تأصل السلوك الإجرامي لديه.
وأشارت إلى أن ما يؤيد ذلك خلو الأوراق مما يفيد اعتياده على تكرار ارتكاب تلك الجرائم أو غيرها من الجرائم، ومن ثم ينحسر عن الجرائم المنسوبة إليه فلا ينطبق عليها وصف الجرائم المُخلة بالشرف أو الماسّة بحسن السمعة، ومن ثم انتهت الفتوى إلى مشروعية قيده بنقابة أطباء الأسنان.
وحول أثر تلك الفتوى ومدى إمكانية استفادة كل المدانين في جرائم الضرب والسلاح واستعراض القوة منها سواء في القيد بالنقابات أو الترشح في الانتخابات على سبيل المثال، قال مصدر قضائي مطلع بمجلس الدولة، إن الأمر يظل تقديري، حسب كل حالة، وتحتاج الجريمة لوصفها بالمخلة بالشرف من عدمه إلى رقابة القضاء عليها سواء بحكم أو فتوى تبين مدى انطباق الوصف عليها.