
"خط أبو قير".. أول مترو خارج العاصمة بقروض عالمية تصل إلى 2.5 مليار دولار
تبدأ وزارة النقل خلال أيام الأعمال التمهيدية للتنفيذ الفعلي لمشروع تحويل خط قطارات سكك حديد أبو قير بمحافظة الإسكندرية إلى أول مترو أنفاق خارج القاهرة الكبرى، بتكلفة 2.5 مليار دولار، وذلك بعد 10 أعوام من الحديث عنه، بحسب مصدر بالهيئة القومية لسكك حديد مصر، لـ المنصة.
وقال المصدر إن الهيئة ستبدأ خلال فترة أقصاها بداية نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، إيقاف الخدمة على خط أبو قير، ورفع القطارات والسكة الحديد والأنظمة وإخلاء المحطات من جميع المهمات على نفقتها الخاصة، إيذانًا بتسليم مواقع العمل للتحالف المصري الفرنسي المنفذ للمشروع.
وأضاف المصدر، وهو عضو بمجلس إدارة الهيئة، أن قرار تحويل القطار إلى مترو أنفاق، جاء بعد تراكم الخسائر على المرفق وتراجع مستوى الخدمة به، وعدم تقبل المواطنين لأي زيادة في أسعار التذاكر لتطويره، فضلًا عن حل مشكلة الزحام المروري في المسار الذي يمر به القطار.
وأشار إلى "تراجع" عدد الرحلات على المسار من 200 رحلة يوميًا إلى 100 رحلة فقط بداية من العام 2019، كما يضم القطار 6 عربات فقط بزمن رحلة 50 دقيقة، وهو "ما يستحيل معه إجراء أي تطوير ويسبب الكثير من الزحام ولا يخدم جميع المواطنين في أوقات الذروة" على حد قوله.
وأوضح أن الهيئة تدرس حاليًا إعادة توزيع العاملين بقطار أبو قير، على مواقع العمل المختلفة بالهيئة حسب تخصصاتهم والأماكن الشاغرة، بما يتناسب مع طبيعة عملهم ومحال إقامتهم، منوهًا بأن ملكية المسار ستنتقل من السكة الحديد إلى الهيئة القومية للأنفاق، باعتبارها الجهة المنوط بها التنفيذ والمسؤولة عن إدارته في السنوات المقبلة.
من ناحيته، قال مصدر بالهيئة القومية للأنفاق، إنه حسب المخطط الزمني للمشروع، ستبدأ الهيئة تنفيذ الأعمال المدنية مطلع العام المقبل 2024، ولمدة 4 سنوات، بتكلفة تقدر حاليًا بـ2.5 مليار دولار.
وأضاف المصدر وهو عضو بمجلس إدارة هيئة الأنفاق، أن المشروع البالغ طوله 43.2 كيلو متر، مقسم إلى 3 مراحل، أولها من أبو قير إلى محطة مصر بطول 21.7 كيلو متر، والثانية من محطة مصر إلى المكس بطول 8 كيلو مترات، والثالثة من المكس إلى الكيلو 21 بطول 13.5 كيلو متر.
بدء تنفيذ المرحلة الأولى
وتضم المرحلة الأولى 20 محطة، وينفذ الأعمال المدنية بها تحالف يضم شركتي أوراسكوم للإنشاءات وكولاس ريل الفرنسية، خلال 30 شهرًا، بتكلفة 1.3 مليار يورو، فيما تنفذ شركة تاليس الفرنسية الأعمال الكهربية، بحسب المصدر بهيئة الأنفاق.
وأشار المصدر إلى أن الأعمال المدنية تتضمن إزالة الإشغالات، وهدم 16 مسجدًا متعارضًا مع مسار المشروع، وبناء أخرى جديدة بمعرفة وزارة الأوقاف، التي حصلت على نحو 30 مليون جنيه.
قصة المشروع
ونوه المصدر بهيئة الأنفاق، بأن فكرة المشروع تعود إلى عام 2013، عندما أجرت الوزارة دراسة تفصيلية عن متطلبات المحافظات الكبرى لمشروعات النقل الحضاري لحل مشكلة الازدحام المروري، و"تم الانتهاء إلى وجود ضرورة ملحة لتطوير قطار أبو قير لتراكم خسائره لكن واجهتنا صعوبة تقبل الأهالي التعريفة الجديدة حال تطويره".
وتابع أنه "تم تكليف مكتب استشاري عالمي بدراسة وتحديد مصير خط السكة الحديد، الذي سلم تقريرًا مبدئيًا عن المشروع عام 2016، أثبت ضرورة عمل مترو أنفاق في المدنية لأنها محدودة الطرق البرية بالداخل، في نفس الوقت تعاني مشكلة مروية تتفاقم بشكل سنوي".
تدبير التمويل
ولفت المصدر إلى أنه بالتوازي مع عمل دراسة المشروع بدأت الوزارة في يونيو 2017 مخاطبة جهات التمويل الدولية بتوفير قروض ميسرة لتغطية تكاليف المشروع إلى جانب جزء محلي ستوفره الدولة.
وزاد "استمرت المخاطبات بين الوزارة والجهات الدولية أكثر من عام ونصف، وجاءت أول موافقة من الوكالة الفرنسية للتنمية بإتاحة مبلغ في حدود 250 مليون يورو، تلاها موافقة بنك الاستثمار الآسيوي على قرض بقيمة 200 مليون يورو".
كما وافق البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية على إتاحة تمويل بقيمة 250 مليون يورو لتغطية الشق الأجنبي من الأعمال المطلوبة، فيما يجري استكمال الأوراق والمفاوضات مع بنك الاستثمار الأوروبي لتوفير باقي التمويل المطلوب للأعمال المدنية.
لماذا جسر ليس نفقًا؟
وكشف المصدر أن المكتب الاستشاري أوصى بضرورة استغلال مسار قطار أبو قير الحالي باعتباره أفضل مقترحات التنفيذ، عدا نحو 6 كيلومترات يقام بها جسر علوي كونها منطقة مكتظة بالسكان.
وأشار إلى أن كافة دراسات المشروع تتم بالتعاون مع الجهات الممولة للمشروع، وتم تنفيذ كافة التوصيات ومنها طرح مناقصة عالمية على كافة الشركات العالمية لتولي ادارة وتشغيل المشروع عقب إنشائه لتمكين القطاع الخاص من الدخول إلى مشروعات البنية الأساسية.
وأردف بأن الوزارة بالتعاون مع محافظة الإسكندرية، أزالت المحلات والأكشاك التى تم إنشاؤها مؤخرًا على حرم السكة الحديد، ضمن الأعمال التمهيدية لتنفيذ المشروع.
المصدر بهيئة الأنفاق أكد أن الهيئة صرفت نحو 650 مليون جنيه تعويضات للمتضررين على مسار المشروع. ونوه بأن حوالي 5 محطات فقط من المشروع ستقام على أراضي ليست تبع مسار القطار الحالي وهي: محمد نجيب، وكفر عبده، وباب الشرق، سبورتنج، ومحطة مصر.
استيراد القطارات وهوية المُشغل
ووفقًا لمخططات هيئة الأنفاق للمشروع فإن تكلفة شراء الوحدات المتحركة المقرر تشغيلها على مسار المشروع فور افتتاحه، ستصل إلى ما يزيد على 300 مليون دولار، حسب المصدر بالهيئة، الذي أكد أن باب التقديم لتوريد القطارات من قِبل الشركات العالمية مفتوح لاستقبال العروض لاختيار أفضلها.
ولم تستقر الهيئة حتى الآن على هوية أو جنسية الكيان المشغل للمشروع، وقال المصدر "أمامنا نحو 3 سنوات للانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى مع الوضع في الاعتبار بعض التأخيرات المقبولة في التنفيذ بالإضافة لفترة التشغيل التجريبي".
ويتوقع أن يساهم المشروع في نقل حوالي 1.3 مليون راكب يوميًا، بحسب تقديرات القائمين على تنفيذه.