قال وزير الموارد المائية والري هاني سويلم، إن موارد مصر المائية تقترب من خط الشح المائي، في وقت حذر خبراء مياه من استمرار عمليات الملء الرابع لسد النهضة الإثيوبي وتأثيره على نسبة المياه التي تصل إلى مصر، معددين أسباب الشح المائي ومن بينها السد، الذي تجاهله الوزير في كلمته.
وأوضح الوزير، خلال مشاركته في جلسة ضمن فعاليات الأسبوع العالمي للمياه بعنوان "متابعة نتائج مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمياه"، أن مصر تقترب من خط الشح المائي بنصيب نحو 500 متر مكعب للفرد سنويًا، ما يستلزم اتخاذ إجراءات عديدة لتحقيق مبادئ الحوكمة في الإدارة للتعامل مع هذه التحديات.
وأكد الوزير أن ما تواجهه مصر من "تحديات عديدة في مجال المياه هو نتيجة لمحدودية مواردها المائية".
السد سبب للشُح
لكن الخبير المائي ومستشار وزير الري السابق ضياء القوصي، قال للمنصة إن الشح المائي الذي تعاني منه مصر حاليًا له أسباب كثيرة، لافتًا إلى أن سد النهضة من بين هذه الأسباب، موضحًا أن أي متر مياه يتم تخزينه أمام سد النهضة هو في الأصل كان في طريقه إلى مصر والسودان وبالتالي حرمت دولتا المصب منه.
ونشرت وسائل إعلام صورًا حديثة التقطت بالأقمار الصناعية بشأن آخر تطورات ملء في سد النهضة، وكشفت أن منسوب البحيرة وصل إلى 616 مترًا فوق سطح البحر، بعد تخزين حوالي 14 مليار متر مكعب في الملء الرابع، ليصبح إجمالي التخزين في بحيرة السد 31 مليار متر مكعب.
واتفق أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة عباس شراقي مع ما ذهب إليه مستشار وزير الري السابق، وقال للمنصة، إنه من المخطط أن يصل التخزين في بحيرة السد النهضة مع شهر سبتمبر/أيلول المقبل إلى نحو 25 مليار متر مكعب في الملء الرابع فقط، وهذا يعني خسارة مائية لمصر تعادل هذه النسبة بالضبط.
وأعلنت إثيوبيا رسميًا في أغسطس/آب العام الماضي، اكتمال الملء الثالث لسد النهضة الذي تقيمه على النيل الأزرق، وتخزين 22 مليار متر مكعب من المياه، وفي يوليو/تموز الماضي أعلنت بداية الملء الرابع.
وقال أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور نادر نور الدين، للمنصة، أن إثيوبيا أعلنت أنها تسعى مع نهاية الملء الرابع لتخزين 42 مليار متر مكعب من المياه، و"بالفعل وصل إجمالي ما خزنته بعد الملء الثالث 20 مليار متر مكعب ما يعني أنها تسعى إلى ملء نحو 22 مليار متر من الملء الرابع"، على حد قوله.
وأشار نور الدين إلى أن الفيضان العام الماضي كان جيدًا وتمكنت مصر من ملء بحيرة السد العالي بما يكفي، ولم يتم حتى معرفة درجة الفيضان هذا العام، وهو أمر سيتضح مع نهاية الشهر الجاري.
من جانبه، قال مصدر مسؤول بوزارة الري إن نهر النيل يمثل 97% تقريبًا من موارد مصر المائية المتجددة، وإن نصيب الفرد في مصر من المياه في تراجع مستمر بالنظر لثبات متوسط حصة مصر في مياه النيل عند 55.5 مليار متر مكعب والزيادة المتواصلة في عدد السكان.
وأكد أن أي تهديد خارجي لموارد مصر المائية الشحيحة، سواء بفعل جفاف صناعي ينتج عن ملء سد النهضة أو طبيعي بفعل التغيرات المناخية، سيزيد بالطبع هذه التحديات.
وأوضح المصدر، المقرب من مكتب الوزير، للمنصة، أن احتياجات مصر الفعلية من المياه تقارب 110 ملايين متر مكعب سنويًا، بينما مواردها لا تزيد على 60 مليار متر مكعب، تشمل كميات ضئيلة من المياه الجوفية ومياه الأمطار إلى جانب نهر النيل، بينما تستورد مياهًا افتراضية في صورة سلع ومنتجات غذائية تعادل تقرييا 34 مليار متر مكعب.
وأضاف "يبقى نحو 20 مليار متر عجز مائي سنوي نلجأ أمامه إلى إعادة استخدام المياه أكثر من مرة من خلال معالجة مياه الصرف الزراعي وخلطها وإعادة استخدامها، كما في محطات المحسمة وبحر البقر وحاليًا في الحمام".
وأشار إلى أن وزارة الري وضعت خطة للتعامل مع التحديات المائية حتى عام 2037 تتضمن مشروعات ضخمة بتكلفة تتراوح بين 50 إلى 100 مليار دولار، مضيفًا "وهي تتضمن ترشيد الاستهلاك والسعي لتنمية موارد المياه بالتوسع في إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي وتحلية البحر".
سد النهضة ليس وحده
وبينما لم يتطرق الوزير خلال الجلسة اليوم إلى أسباب الشح المائي الذي حذر منه، اتفق القوصي وشراقي على أن أسبابه كثيرة غير سد النهضة، مؤكدين على أن الزيادة السكانية أحد أهمها.
وقال شراقي إن نصيب الفرد من الماء في عام 1991 كان نحو 2000 متر مكعب سنويًا، والآن بات 500 متر مكعب فقط، بينما المعدل العالمي يقول إن الطبيعي أن يكون نصيبه 1000 متر مكعب.
الأمر نفسه أشار إليه القوصي، مؤكدًا أن نصيب الفرد من المياه في القرن الثامن عشر وصل إلى 20 ألف متر مكعب، واستمر في الانخفاض إلى أن وصل إلى 500 متر مكعب وهذا سببه الزيادة السكانية، لافتًا أيضًا إلى أسباب أخرى تتعلق بالزراعات التي تحتاج مياه كثيرة وطرق الري القديمة وعدم ترشيد استهلاك المياه في البيوت.